• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

مهمّة تثقيف الطفل

عمار كاظم

مهمّة تثقيف الطفل

تربية الأولاد وبناء شخصية الطفل وثقافته، هي من الأُمور المهمّة والملحّة، كذلك طريقة التعامل معه وفهمه في ظلّ المؤثّرات والعوامل الضاغطة من دخول التكنولوجيا في تفاصيل الحياة، وابتعاد الأزواج عن أولادهم جرّاء خروجهم إلى العمل، فهذه كلّها تفترض من الأهل اليوم مراجعة أوضاعهم، وتنظيم علاقاتهم مع أطفالهم، بالشكل الّذي يحفظ استقرارهم النفسي، ويُشعرهم بالحنان والعاطفة والتفهُّم من الأهل، في ظلّ ما يُحكى عن الجفاء في العلاقات الأُسريّة وحالات التفكّك الأسري.

لذا، على الأهل التعويض على الطفل والاهتمام به نفسياً وثقافياً، والتواصل معه، ومحاولة فهمه، والتفاعل معه عاطفياً، وتخصيص أوقات معيّنة لقضائها معه، وتخصيص بعض الوقت لأفراد العائلة والأولاد كلّ مساء، للإحساس بالاهتمام وبناء الثقة المتبادلة، فالمهمّ مجالسة الولد ومتابعة أفكاره وتنميتها، وجعله يثق بنفسه، ويكوِّن رأيه، ويعتاد اتّخاذ القرار، فالانفتاح على المجتمع اليوم كبير وواسع، ولابدّ من أن يكون الطفل مستعدّاً على الصُّعد كافّةً. وعلى الأهل أن يعرفوا كيف يتعاملون مع الطفل، وأن يختاروا أسلوب التربية اللّيِّن والمرِن، والاستماع إلى الطفل ومعالجة مشاكله، ضمن أساليب تراعي عقله ووعيه، وليس الأهل فقط، فالمربّون في المدرسة أيضاً عليهم مسؤولية وواجب في رعاية مشاعر الطفل، والمساهمة بفاعلية في تنمية قدراته، عبر الاستماع أكثر إليه وتفهُّم حاجاته وهواجسه.

والأهمّ أن يزرع الأهل في وجدان أولادهم حبّ الخير والتعاون والمشاركة، وتعويدهم على إبداء آرائهم بثقة، وأن يتعلَّموا الصِّدق والأمانة في كلِّ شيء، فالتربية هي تأصيلٌ للقيم في واقع الإنسان، ولابدّ من تأصيلها في نفسه في مراحل طفولته الأُولى، إذ تحتاج مجتمعاتنا اليوم إلى أطفالٍ أصحّاء نفسياً وفكرياً، متواصلين مع بيئتهم، غير منعزلين أو منقطعين عنها.

التربية وسيلة من وسائل بناء الشخصية الإنسانية لتحقيق أهداف الإنسان الكبرى في إطار الفهم الإسلامي. إنّ هدف التربية في الإسلام، إعداد المُسلِم لتحقيق كلِّ الأهداف الإسلامية الّتي وضعت بين يدي الإنسان، سواء على مستوى انفتاحه على الله، أو انفتاحه على الناس، أو على نفسه وما إلى ذلك.. بالعبادة والمعرفة.

إنّ هدف التربية هو إعداد الإنسان المسؤول عن الكون والحياة في علاقته بالله وبالإنسان والحياة.. وعلى الرغم من أنّ الإنسان خُلِق ضعيفاً، لكن لديه قابلية أخذ القوّة، وعلى الرغم من أنّه خُلق سريع الحركة والانفعال، لكن لديه قابلية الوصول إلى التأنّي وما إلى ذلك.. فدور التربية إذاً، هو أن تؤسِّس التوازن في شخصية الإنسان بمختلف أبعادها الجسدية والنفسية والروحية والذهنية والاجتماعية، وأن تنمِّي معرفته بالنشاط الذي ينسجم مع مستواه الفكري، أو أن تزرع القيم والمفاهيم داخل شخصيته، بالمستوى الذي يتحوّل فيه الطفل إلى تجسيدٍ حيٍّ لتلك القيم، حيث تقوم تربيته على الصِّدق في شخص صادق، وتربيته على الأمانة في شخص أمين، وهكذا.. إنّ هدف التربية إعطاء القيم وتجسيدها في الإنسان، ونقل القيم من عالم المفاهيم المجرّدة إلى عالم الحركة الحياتية.

ارسال التعليق

Top