• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإنسانية والعمل الإنساني الحقيقي

عمار كاظم

الإنسانية والعمل الإنساني الحقيقي

يمكن تعريف الإنسانية بأنها مجموعة من الأفكار والتصرفات الحميدة الصادرة عن الفرد، ويمكن تعريفها أيضاً بأنها جوهر النفس البشرية حيث أنها تمثل مجموعة الاعتبارات الخاصة بالإنسان ومشاعره وسلوكه. هذه الاعتبارات هي التي تميزه عن الآخرين وتشمل العوامل الإيجابية في نفسه ومدى ميله الفطري إلى فعل كلّ ما هو جيد وصالح للآخرين من حوله مثل الرحمة والعطاء والإحسان والعدالة، وبمعنى أخر هي مجموعة العلاقات التي تربطه بغيره من البشر أو حتى الكائنات الأخرى من حوله وهى التي يكون الأسس النبيلة فيها، هي المحرك و الأساس في تعامله معها مثل ميله إلى المساواة، التحرر من الأنانية ومراعاة مصالح الآخرين.

إذن فالإنسانية هي المعاملة التي يتعامل بها الإنسان وتنصب على الآخرين حوله مثل المعاملة اللطيفة والرضا والقناعة، البعد عن الظلم أو تفضيل النفس والميل إلى العنف سواء اللفظي والذي يتسبب في إيذاء مشاعر الآخرين كالسخرية منهم أو العنف الجسدي كالاعتداء على الغير، أي أنها مجموعة العادات والأخلاق المتحكمة في الإنسان والنبيلة منها، التي تعتمد على توقير الآخرين والحرص على كرامتهم وعدم إيذاءهم.

فالعمل الإنساني هو ذلك النشاط الهادف الى تقديم المساعدة والعون للآخرين ومما لاشك فيه أن العمل الإنساني مشروع جميل يصب في مصلحة العامة ويربط بين أواصر المجتمع لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي. إنَّ هدف هذا العمل هو تحقيق الخير، ونشر التكافل والتّضامن الاجتماعي بين الأشخاص، ممّا يُؤدي إلى المحافظة على تعزيز دور القيم الدينية والأخلاق الحميدة في النهوض بالمجتمعات. إن العمل الإنساني يتطلب مجهود واضح كون الإسلام يحترم العمل ويعلي من شأنه ويأمر به خاصة إذا كان يقوم على مساعدة الأخر وبذل الفكر والوقت لبناء الأمم.

لقد اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة في كل عام يوماً عالمياً للعمل الإنساني من أجل تكريم العاملين الذين يواجهون الأخطار والمحن لمساعدة الآخرين. نعم، إن اليوم العالمي للعمل الإنساني هو احتفاء وتقدير للأشخاص الذين يساعدون الآخرين. إنّ هذا اليوم هو بمثابة حملة إنسانية عالمية سنوية للإعلاء من شأن الروح الإنسانية وحشد الناس ودعوتهم إلى العمل من أجل عالم أكثر تراحماً وعطفاً.

إن العمل الخيري والجماعي الذي يبدأ بفرد وبعدها يتحول الى إطار الجماعة من أجل العمل في إسعاد الفقراء والمحتاجين، ونشر قيم العدالة الاجتماعية لهو العمل الانساني الحقيقي. إن نجاح العمل الخيري ومؤسساته يعتبر مقياساً لنجاح الأمم والأفراد، كما يعتبر صمام أمان وأمن وقائي بين المجتمعات والدول. إن العمل الإنساني يسهم في نهوض المجتمع من كبواته، والأهم من ذلك أنه يسهم في تعزيز بنيانه الاجتماعي الداخلي ويزيد من تماسك أبنائه وانتمائهم له، الأمر الذي يعزز قدرة المجتمع على مواجهة تحديات وصعاب الحاضر، ويمكّنه من السير بخطى واثقة نحو المستقبل.

إن مفهوم الإنسانية والعمل الإنساني، هو مفهوم قديم قدم الوجود الإنساني، ومع كلّ رسالة سماوية تتجدد الدعوة إلى الرحمة والعطاء والمبادئ الإنسانية وخدمة الإنسان لأخيه الإنسان. ونحن كمجتمع إسلامي، نشأنا على قيم التسامح والعفو والمحبة والعطاء، علينا السعي إلى عمل الخير، كرسالة خالدة للإنسانية.

ارسال التعليق

Top