• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التربية الحصينة للطفل

عمار كاظم

التربية الحصينة للطفل

التربية وسيلة من وسائل بناء الشخصيّة الإنسانيّة لتحقيق أهداف الإنسان الكبرى في إطار الفهم الإسلاميّ.

إنّ هدف التربية في الإسلام، إعداد المسلم لتحقيق كلِّ الأهداف الإسلامية التي وضعت بين يدي الإنسان، سواء على مستوى انفتاحه على الله، أو انفتاحه على النّاس، أو على نفسه وما إلى ذلك.. بالعبادة والمعرفة. وعلى الأهل أن يعرفوا كيف يتعاملون مع الطفل، وأن يختاروا أسلوب التربية الليِّن والمرِن، والاستماع إلى الطفل ومعالجة مشاكله، ضمن أساليب تراعي عقله ووعيه، وليس الأهل فقط، فالمربّون في المدرسة أيضاً عليهم مسؤوليّة وواجب في رعاية مشاعر الطفل، والمساهمة بفاعليّة في تنمية قدراته، عبر الاستماع أكثر إليه وتفهُّم حاجاته وهواجسه. والأهمّ أن يزرع الأهل في وجدان أولادهم حبّ الخير والتّعاون والمشاركة، وتعويدهم على إبداء آرائهم بثقة، وأن يتعلَّموا الصِّدق والأمانة في كلِّ شيء، فالتّربية هي تأصيلٌ للقيم في واقع الإنسان، ولابدّ من تأصيلها في نفسه في مراحل طفولته الأولى، إذ تحتاج مجتمعاتنا اليوم إلى أطفالٍ أصحّاء نفسيّاً وفكريّاً، متواصلين مع بيئتهم، غير منعزلين أو منقطعين عنها.

فدور التربية إذاً، هو أن تؤسِّس التّوازن في شخصيّة الإنسان بمختلف أبعادها الجسديّة والنفسيّة والرّوحيّة والذهنيّة والاجتماعيّة، وأن تنمِّي معرفته بالنشاط الذي ينسجم مع مستواه الفكريّ، أو أن تزرع القيم والمفاهيم داخل شخصيّته، بالمستوى الذي يتحوّل فيه الطفل إلى تجسيدٍ حيٍّ لتلك القيم، حيث تقوم تربيته على الصّدق في شخص صادق، وتربيته على الأمانة في شخص أمين، وهكذا.. إنَّ هدف التربية إعطاء القيم وتجسيدها في الإنسان، ونقل القيم من عالم المفاهيم المجرَّدة إلى عالم الحركة الحياتية.

من المهم أيضاً، أن يكون الآباء صورةً مصغّرةً عن حركة الإسلام في المجتمع، بمعنى أن يكون الآباء متأدّبين بأدب الإسلام ومنطبعين بطباعه، لأنّ من يريد أن يمارس دوره في عمليّة التربية، ويريد لأبنائه أن يكونوا أفضل البشر، عليه أن يقدِّم نفسه أمام أبنائه كصورة ونموذج عن هذه التربية. وقد ورد في القرآن الكريم ما يذمّ القائل بشيء ثمّ لا يفعله: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ* كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ). وورد عن الإمام عليّ (عليه السلام): «من نصّب نفسه للنّاس إماماً، فعليه أن يبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره، وليكن تأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه، ومعلّم نفسه ومؤدّبها أحقّ بالإجلال من معلم النّاس ومؤدّبهم».

وفي الختام، إنّ أولادنا هم عيّنة مصغّرة عنّا، عن أخلاقنا وقيمنا، يتصرفون كما نتصرّف، ويتحدّثون كما نتحدّث، وينطقون بما نعلّمهم وبما ننطق، فلنسع لتقديم النموذج الحسن في سلوكيّاتنا وأقوالنا وأفعالنا، ولنراع الله في علاقتنا معهم، حتى نكون لهم الملجأ والأمان والقدوة الحسنة في هذه الحياة، حتى لا ينفروا منّا ويجدوا ضالّتهم عند شخصيّات، لا تجلب لهم الخير، وربما تقودهم إلى ما لا يحمد عقباه. فلننتبه إلى أساليب تربية أطفالنا، وضرورة التّعامل معهم بالشّكل الذي يحصّنهم من الانحراف والأمراض النفسيّة، ولنربِّ فيهم الحسّ الإنسانيّ والأخلاقيّ الذي يجعل منهم رجالاً أقوياء في واقعٍ صاخبٍ بالضغوطات.

ارسال التعليق

Top