• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تخصيص الوقت للحوار مع الأبناء

تخصيص الوقت للحوار مع الأبناء

يا أبي العزيز، وقتك لا يكفي للاقتراب مني، لتلمس مشاعري، ولأروي ظمأي من نقاشك وحوارك، فالحوار معك يسعدني ويجعلني أثق في قدراتي وبنفسي.

هكذا تنطق آراء الأبناء الذين استطلعت آراءهم، فـ(50%) منهم يشعرون أنّ وقت الحوار مع آبائهم لا يكفي، أو يكفي أحياناً، في الوقت الذي يشعر فيه الآباء بأنّ هذا الوقت يكفي بنسبة (34%).

ورغم اختلاف النتيجتين، وبرغم أنّهما تعكسان استجابتين مختلفتين، ورؤيتين مختلفتين نسبياً لمشكلة واحدة، فإنّهما تعكسان أيضاً تمتُّع مشاعر الأبناء بالحساسية الزائدة لقيمة هذا الحوار.

قد تكون حجج الآباء في أنّ أوقاتهم المهدرة تكون في تلبية احتياجات أبنائهم المادية والمعيشية، نعم.. هذا حقيقي، وهذا جهد مشكور، ورسائله ستصل يوماً ما، وسيدرك الأبناء عندما يزداد وعيهم بمدى عظمة كلّ من الأب والأُم لتفانيهم الشديد في تلبية احتياجاتهم.

لكننا نناقش هنا -بعد التسليم بما نفعله وما نقوم به من جهد- ذلك الوقت القصير الذي نقضيه مع أبنائنا، وقدرتنا على توظيفه بشكل أمثل، لاسيّما وأنّ الكثير من علماء النفس والتربويين يقولون: إنّ هذا الوقت القصير يمكن توظيفه بشكل جيد إذا أحسنّا استثماره في إرواء ظمئهم، والاقتراب منهم، والحوار معهم.

بل إنّ بعض الأبناء الذين يشكون قلة وقت حوار آبائهم معهم، يمكث آباؤهم في البيت ساعات طويلة!! ومن ثم فليست العبرة بعدد الساعات التي يمكثون فيها بالمنزل، ولكن العبرة بوقت الحوار مع الأبناء في هذه الساعات.

ومع كون الحوار لغة وسلوكاً يومياً مع أبنائنا في المواقف التي تقابلهم أوّلاً بأوّل، وهذه هي الصورة الطبيعية المرجوة، فإنّنا نرى أنّه إذا لم تتوافر هذه الصورة، وكثرت مشاغل الأب الحياتية والاجتماعية، فإنّ البديل في هذه الحالة هو تخصيص وقت يومي نضع فيه عن أبنائنا ما يثقل كواهلهم من إجهاد وإرهاق في التساؤلات التي تقابلهم ولا يجدون لها جواباً، أو المشكلات التي تصادفهم ويريدون أن يتحدثوا فيها إلينا.

قد يكون تخصيص وقت محدد مجهداً لبعض الآباء، فإذا أردنا الاستعاضة عن ذلك، فلابدّ أن يكون حوارنا متواصلاً معهم عبر المواقف الطبيعية خلال اليوم.

حدثني أحد الأصدقاء أنّه يرى الأسلوب الأوّل أكثر فاعلية في توصيل ما نرجوه، ومناقشة أبنائنا بصورة طبيعية ليست مفتعلة؛ لأنّ القيم التي نحملها لا تتسرب إليهم إلّا عبر حوار طويل ممتد، نخطط له دون إشعارهم بذلك حتى يتقبلونه بنفس راضية.

ومع إيماني العميق بوجاهة هذا الرأي، فإنّه في حالة انتفائه وتغيب الآباء خارج إطار الأسرة قدراً كبيراً من الوقت، لابدّ من تخصيص وقت للحوار مع الأبناء؛ يستشعرون فيه قيمتهم، ويستريحون فيه بالنقاش معنا.

 

خبير تطوير إداري وتنمية بشرية الأستاذ محمّد أحمد عبدالجواد

المصدر: كتاب كيف تحاور أبناءك؟

ارسال التعليق

Top