• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

آثار فضيلة الصدق على المجتمع

عمار كاظم

آثار فضيلة الصدق على المجتمع

الصدق، هو مطابقة القول للواقع، وهو من أشرف الفضائل النفسية والمزايا الخلقية، لخصائصه الجلية وآثاره الهامة في حياة الفرد والمجتمع. فهو أساس الإيمان، ورمز استقامة المجتمع وصلاحه، وسبب كلّ نجاح ونجاة، لذلك مجّدته الشريعة الإسلامية وحرصت عليه، قرآناً وسنة.

إنّ من ضرورات الحياة الاجتماعية ومقوماتها الأصلية شيوع التفاهم والتآزر بين أفراد المجتمع الواحد، ليتمكنوا من النهوض بأعباء الحياة، وتحقيق غاياتها وأهدافها، لينعموا بحياةٍ هانئة وكريمة، ملؤها المودة والسلام. وهذا لا يتحقق إلا بالتفاهم والتعاون الوثيق وتبادل الثقة والائتمان بين الأفراد. ومن البديهي أن اللسان هو أحد أهم أدوات التفاهم والتواصل بين البشر، والترجمان العملي لأفكارهم وما يدور في خلدهم، فهو يلعب دوراً خطيراً في حياة المجتمع والأفراد. وعلى صدق اللسان وكذبه تبنى سعادة المجتمع وشقاؤه، فإن كان اللسان صادق القول، وأميناً في الشهادة والنقل، كان عاملاً مهماً في إرساء السلام في المجتمع، وزيادة أواصر التفاهم والتعاضد بين أفراده، وكان رائد خيرٍ ورسول محبة بين البشر، وأمّا إن كان متصفاً بالخداع والتزوير، والخيانة والكذب، غدا رائد شرّ، ومدعاة للتباغض بين أفراد المجتمع، وسبباً لخرابه وفساده. لذا، كان الصدق من ضرورات الحياة الاجتماعية والفردية، لما له من انعكاسات مباشرة على كلّ منها، فهو نظام عقد المجتمع السعيد والمسالم، ودليل استقامة أفراده والمؤكد على صحة وقوة إيمانهم. لذا، كان التأكيد والحثّ الشديد في الآيات والروايات عليه، لأنّه، باختصار، هو العمود الفقري لمجتمعٍ معافى وسليم من الأحقاد والتنازع، وإيمان خالص وصادق بالله. إن الصادق مع نفسه صدقاً كاملاً هو وحده الذي يعيش في توافق ورضىً داخلي ويتحرر من ازدواجية الشخصية ومن الصراع النفسي لأن ظاهره كباطنه فلا يقول إلا صدقاً.

إنّ الصدق في القرآن الكريم من المفاهيم المحورية في المنظومة القيمية التربوية، وقد حثّ القرآن الكريم على هذه القيمة الرفيعة بأساليب متعددة وطرق مختلفة، قال تعالى في كتابه العزيز: (وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ* لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) (الزمر/ 33-34)، قيل لرسول الله (ص): أيّ الأخلاق أفضل؟ قال (ص): «الجود والصدق»، وأيضاً قال رسول الله (ص): «تقبلوا إليّ بست خصال أتقبل لكم بالجنة: إذا حدثتم فلا تكذبوا، وإذا وعدتم فلا تخلفوا وإذا ائتمنتم فلا تحزنوا، وغضوا أبصاركم، واحفظوا فروجكم، وكفوا أيديكم وألسنتكم» وعن الإمام الصادق (ع)، قال: «من صدق لسانه زكى عمله».

فالصدق من علامات صدق الإيمان ورأسه، عن الإمام علي (ع): «الصدق أقوى دعائم الإيمان». وعنه (ع): «الصدق رأس الدين» وعنه (ع): «الإيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرُّك، على الكذب حيث ينفعك». وعن الإمام الصادق (ع): «لا تغترّوا بصلاتهم ولا بصيامهم، فإنّ الرجل ربّما لهج بالصلاة والصوم حتى لو تركه استوحش، ولكن اختبروهم عند صدق الحديث وأداء الأمانة».

ارسال التعليق

Top