• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التطوع.. ركيزة أساسية في بناء المجتمع

عمار كاظم

التطوع.. ركيزة أساسية في بناء المجتمع

التطوع ظاهرة اجتماعية تتضمَّن جهوداً إنسانية تُبذل من قِبل أفراد المجتمع، بصورة فردية أو جماعية، ويقوم بصفة أساسية على الرغبة والدافع الذاتي سواء كان هذا الدافع شعورياً أو لا شعورياً. الدِّين الإسلامي يؤكِّد على مبدأ التطوع، لأنّه دين اجتماعيٌّ، أفراده يشدُّون من أزر بعضهم البعض كالبُنيان المرصوص؛ لذلك حثَّ الإسلام على العمل خارج نطاق المنفعة والمقابل وهو العمل التطوعي الذي يبتغي به فاعله وجه الله تعالى، والمثوبة والأجر منه، ثمّ مساعدة مجتمعه ومساندة أهله، أو غير أهله ممّن احتاج المساعدة من مسلمين وغيرهم. الأُمّة الإسلامية أُمّة التطوع في كلّ المجالات، يقول تعالى: ?يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ? (الحجّ/ 77)، ويقول الرسول محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم): «أحبُّ الناسِ إلى اللهِ عزّوجلّ أنفعُهم للناسِ». إنّ العمل التطوعي يشكّل أحد الأُسس التي يقوم عليها بناء الوطن والارتقاء به، ويعزّز قيم التعاون والتكافل والتراحم بين أبناء المجتمع، وكذلك قيم الولاء والانتماء، وله دور إيجابي في تحقيق التنمية المستدامة. حيث يُساهم في تنمية القدرات التي يمتلكها الأشخاص إضافة إلى إكسابهم مهارات وقدرات أُخرى، كما إنّه يلعب دوراً في توجيه طاقة الشخص واستثمارها في الأعمال التي تعود على الجميع بالنفع.

أصبح العمل التطوعي ركيزة أساسية في بناء المجتمع ونشر التماسك الاجتماعي بين المواطنين لأي مجتمع، والعمل التطوعي ممارسة إنسانية ارتبطت ارتباطاً وثيقاً بكلّ معاني الخير والعمل الصالح عند كلّ المجموعات البشرية منذ الأزل؛ ولكنّه يختلف في حجمه وشكله واتجاهاته ودوافعه من مجتمع إلى آخر، ومن فترة زمنية إلى أُخرى.. العمل التطوعي بوجهٍ عام يجمعُ الطاقات المهدرة، ويسخِّرُها لخدمة البناء والتنمية الاقتصادية من خلال المؤسّسات والمنظمات والهيئات الخيرية. تعتمد شخصية الفرد في بنائها على التنشئة الاجتماعية السليمة وما تغرسه الأُسرة من قيم التضحية والإيثار وروح العمل الجماعي والاعتماد على الذات والبذل في نفوس الأبناء في مراحل مبكرة من حياتهم، مع التأكيد على أنّ القيم الدينية والاجتماعية والأخلاقية تحثنا على التعاون وحبّ الخير والعطاء ومساعدة مَن هم بحاجة لنا. على الوالدين بث روح التطوع بين أبنائهم منذ الصغر من خلال ممارستهم لبعض السلوكيات التطوعية وإشراك الأبناء معهم حتى يروا فيهم القدوة الحسنة، كما أنّ تكريم الأبناء وتقدير جهدهم والثناء على ما قاموا به من عمل مهما كان حجمه أو نوعه يعطيهم حافزاً ودافعاً لمواصلة عملهم لخدمة المجتمع والارتقاء به.

ويتعمق العمل التطوعي في نفوس الناشئة عند جلوسهم على مقاعد الدراسة عن طريق انخراطهم بالأنشطة المدرسية المختلفة التي تبرز طاقاتهم وقدراتهم، إلى جانب إفساح المجال لهم للمشاركة في تحمّل المسؤولية وتدريبهم على ذلك مع تشجيعهم على مبادراتهم التطوعية. هناك قدرات وطاقات هائلة لدى الشباب إذا لم توجه نحو الخدمة العامّة ومجالاتها الواسعة وميادينها الفسيحة، فإنّها تتجه لا محالة في مسارات العنف والآفات الاجتماعية والعزلة والضياع واليأس. الأمر يحتاج إلى إبداء اهتمام رئيسي بجيل الشباب، ويمكن في هذا الإطار التخطيط لبرامج تنشيطية تطوعية في المدارس والجامعات، والمجتمع المحلي في حاجة ماسة إلى جهود هؤلاء الطلاب الشباب من خلال مشروعات للبيئة أو التنمية، مع التوعية بأبسط صُوَر التطوع والعمل الخيري.

ارسال التعليق

Top