• ٢٤ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٥ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العقل وقيمته العلمية والسلوكية عند الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)

العقل وقيمته العلمية والسلوكية عند الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)

للعقل قيمته وأهميته ومقامه العظيم في الإسلام، فبه يعرف الله سبحانه وتعالى وتدرك عظمته، وبه تكشف العلوم والمعارف، وترتقي صورة الحياة الإنسانية، وبه يسلك الإنسان طريق الهدى، ويميز الخير من الشر، وبه تكتمل إنسانية الإنسان وقيمته، لذا فقد أولى الإسلام العقل أهمية كبيرة، فاحترم العقل والعقلاء، وعظم العلم والعلماء، وأوجب التفكير وأوصى بتحريك العقل وإعماله، وفتح ألآفاق - آفاق البحث والتفكير وألإبداع الملتزم أمامه، والإمام موسى بن جعفر عليهما السلام عندما يصف العقل ويتحدث عن قيمته وأهميته، إنما يتحدث بلسان القرآن ويثبت رأي الإسلام، وتعتبر هذه الوصية التي أوصى بها ألإمام هشام بن الحكم - أحد تلامذته - من أجل الوصايا والتعريفات التي وردت في العقل وقيمته ومسؤوليته، وها نحن نذكر هذه الوصية الجليلة، وألأفكار العلمية الثمينة، ونظرا لطولها فإنا نقتبس بعضا من نصوصها،. قال عليه السلام: «إن الله تبارك وتعالى بشر أهل العقل والفهم في كتابه بقوله: (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب) . يا هشام بن الحكم! إن الله عزوجل أكمل للناس الحجج بالعقول، وأفضى إليهم بالبيان، ودلهم على ربوبيته بالأدلاء. يا هشام! ثم بين أن العقل مع العلم، فقال (وتلك ألأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون) . يا هشام! إن الله يقول (ولقد آتينا لقمان الحكمة) ، قال: الفهم والعقل. يا هشام! إن لقمان قال لابنه: تواضع للحق تكن أعقل الناس، وإن الكيس لدى الحق يسير. يا بني! إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير، فلتكن سفيتنك فيها تقوى الله، وحشوها الإيمان، وشراعها التوكل، وقيمها العقل، ودليلها العلم، وسكانها الصبر. يا هشام! لكل شيء دليل، ودليل العقل التفكير، ودليل التفكر الصمت، ولكل شيء مطية، ومطية العاقل التواضع، وكفى بك جهلا أن تركب ما نهيت عنه. يا هشام! إن لله على الناس حجتين: حجة ظاهرة، وحجة باطنة، فأما الظاهرة فالرسل والأنبياء والأئمة، وأما الباطنة فالعقول. يا هشام! من هدم عقله أفسد عليه دينه ودنياه. يا هشام! نصب الخلق لطاعة الله، ولا نجاة إلا بالطاعة، والطاعة بالعلم، والعلم بالتعلم، والتعلم بالعلم يعتقد، ولا علم إلا من عالم رباني، ومعرفة العالم بالعقل. يا هشام! إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة، ولم يرض بالدون من الحكمة مع الدنيا. يا هشام! كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام يقول: (ما من شيء عبد الله به أفضل من العقل). يا هشام! إن أمير المؤمنين كان يقول: (لا يجلس في صدر مجلس إلا رجل فيه ثلاث خصال: يجيب إذ سئل، وينطق إذا عجز القوم عن الكلام، ويشير بالرأي الذي فيه صلاح أهله، فمن لم يكن فيه شيء منهن فجلس فهو أحمق). وقال الحسن بن علي عليه السلام: (إذا طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها). قيل: يا ابن رسول الله! ومن أهلها؟ قال: الذين خص الله في كتابه ذكرهم، فقال: (إنما يتذكر أولوا ألألباب). قال: هم أولو العقول.

ارسال التعليق

Top