• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الكل يعمل في جماعة

د. الراحل إبراهيم الفقي

الكل يعمل في جماعة
   ◄النمل تبني قراها في تماسكها

والنحل يجني رحيق الشهد أعواناً

إنها سُنة ربانية أن يكون العمل الجماعي هو الأصل في الحياة، أنظر حولك فلن تجد أبداً من يعمل وحده.

الإنسان، الحيوانات، الطيور، كلّها تعمل بشكل جماعي بديع، ومن ظن أنّه يقدر وحده على النجاح فهو واهم خدعه الغرور.

والناظر في التاريخ يرى جيداً أنّ جدودنا الأوائل اعتادوا العمل معاً من أجل البقاء.

فعندما كانوا يذهبون للصيد، كان ذو النظر الحاد يتولى الحراسة والمراقبة، وذلك الذي يعدو أسرع وأقوى يقوم بالصيد. بعد الحرب العالمية الثانية وُجد أنّ الجيش الذي يعمل بروح الفريق قد حقق أفضل النتائج، فالسرّ الحقيقي وراء نجاح اليابانيين هو قدرتهم على العمل معاً، وهم لا يعبئون كثيراً إلى من يذهب الفضل والتقدير، بل يهتمون بالعمل معاً والفوز معاً وذلك هو السبب الذي جعل "اليابان" واحدة من أغنى البلاد في العالم اليوم.

نعم، فريق العمل أسلوب فعّال ومثمر لأنّه يتيح لكلِّ فرد في المؤسسة أن يشعر بالامتلاك والمسؤولية، وذلك يجعلهم أكثر التزاماً وإصراراً على تحقيق نتائج أفضل. والعمل بروح الفريق يساعد الناس على تحقيق تقدير أفضل للذات، وكذلك ثقة أكثر بالنفس، كما أنّه يشعرهم بأنهم ذوي قيمة، وهذا من شأنه أن يُحسّن الاتصالات ويخلق علاقات أفضل ويزيد من الإنتاجية، ففريق العمل – بكلِّ بساطة – هو القوة الأساسية لأي مؤسسة.

 

لماذا لا نهتم بالعمل الجماعي؟

ظل هذا السؤال يؤرق ذهني فترة من الوقت، لماذا – مع الفائدة العظيمة للعمل الجماعي – نُفضّل عليه العمل الفردي، ويذهب كلّ منا إلى الاعتداد برأيه وفكره؟!.

وبحثاً عن إجابة هذا السؤال، قرأت كثيراً، وجلست إلى كثيرين من القادة والمديرين، الذين عُرف عنهم عدم اهتمامهم بالعمل الجماعي، وعدم قناعتهم بجدوى فرق العمل، وسألتهم هذا السؤال:

لماذا لا تتوجهون لعمل فرق عمل بدلاً من الاعتماد على رؤية وفكر الفرد؟، واستطعت أن أجمع بعضاً من الأسباب الرئيسية فكانت كما يلي:

1-  عدم قناعتنا بجدوى العمل الجماعي.

2-  ربما تناسب الآخرين لكنها لا تناسبنا نحن.

3-  تعب وجهد وإرهاق، هذا ما يعنيه بالنسبة لي (هكذا أجاب بعضهم).

4-  يحتاج الأمر إلى كثير وقت ومال، الوضع الحالي (أرخص مادياً)!.

5-  أين لنا بالصبر والوقت للاستماع لهذا وذاك؟.

6-  هذا أمر يحتاج إلى دراسة وتعلم، وحضور دورات، أين لنا – كمديرين – بذلك الوقت؟.

والملاحظ أنّ هؤلاء المدراء دائماً ما يجتمعون بمرؤوسيهم ويوجهونهم ويعتمدون عليهم في تحقيق النتائج التي يبغونها، ومع ذلك فهم ينكرون فكرة فريق العمل!، إنّ الاختلاف الوحيد بين طريقتهم في الإدارة وطريقة فريق العمل هو أنّهم دائماً ما يخبرون مرؤوسيهم بما يجب أن يفعلوه، وإذا حدث أي نوع من الخطأ فإنّهم يلقون باللوم على الجميع بسبب أدائهم السيئ. وهم يبدءون بالتهديد والوعيد، ويرسلون المذكرات أملاً في أن يحصلوا على مستوى أداء أفضل من الموظفين عند استخدام أسلوب الضغط معهم.

تقول الأبحاث أنّ العديد من المدراء يخافون فريق العمل لأنّهم لا يشعرون بالأمان، ويخافون أن يفقدوا سلطاتهم، أو ربما لأنّ لديهم مشاكل تتعلق بالذات (Ego problems)، لكن العكس هو الصحيح، فمع فريق العمل يستطيعون أن يكونوا أكثر أمناً ويحققوا نتائج أفضل.

إنّ أعظم مبادئ الإدارة هي:

"أنك تستطيع إحداث المعجزات إذا ما كان لديك إيمان بالآخرين، وحتى تحصل على أفضل ما لدى الآخرين، أختر أن تفكر وتؤمن بأفضل ما لديهم".►

 

المصدر: كتاب العمل الجماعي/ سلسلة النجاح (21)

ارسال التعليق

Top