• ١٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تعليم الطفل كيفية الدفاع عن نفسه

تعليم الطفل كيفية الدفاع عن نفسه

علّمته أُمّه أهمية أن يتعاطى بلطف مع الآخرين، إلا أنّ اللطف المبالغ فيه جعل منه الحلقة الأضعف بين أترابه، الذين يستغلون شخصيته المهذّبة تارةً بالسخريّة منه، وتارة أخرى بإهانته، فيما هو لا يعرف كيف يدافع عن نفسه! فهل اللطف والتهذيب هما السبب؟

توضح الدكتورة أروى حسني عرب أنّ رصد حالات الأطفال المعتدى عليهم لفظياً وبدنياً من قبل أقرانهم، يبرز السمات الآتية للمعتدى عليهم: الضعف الجسماني، والخوف، والقلق، والتوتر، والخجل.

وفيما تعرب الدكتورة حسني عن تفهّمها لقلق الأُمّهات، اللواتي يلاحظن أنّ أطفالهنّ لا يتمتعون بشخصيّات قيادية، تشرح أنّ هؤلاء هم ضحايا، يربأون بأنفسهم الصدام والآخرين، كما لا يعرفون كيف يدافعون عن أنفسهم من الاعتداء الكلامي أو الجسدي... وتعيد نتائج هذه الشخصيات الخجولة إلى تربية منزليّة، تتمثّل في قسوة الآباء، أو تدليلهم المفرط لصغارهم، أو كثرة الخلافات الأسرية، وشهادة الأطفال على سلوك أهلهم العدوني، أو سخرية المربين منهم وإهانتهم أمام الآخرين، والتقليل من قيمة أعمالهم، والتركيز على سلبيات الصغار وعيوبهم، كما الامتناع عن مدحهم، أو مقارنتهم بأقرانهم.

وتدعو الاختصاصية الأُمّهات إلى اتباع النصائح الآتية للتغلب على خجل أطفالهنّ المفرط:

إعطاؤهم تعليمات للدفاع عن أنفسهم. مثلاً:

-         إذا تعدى عليك أحد، لا تضربه، بل ادفعه بيدك، أو اصرخ لطلب العون.

-         تشجيعهم على الكلام والحوار لمعرفة ما يدور في أذهانهم. مثلا: أحتاج إلى رأيك في موضوع معيّن...

-         ذكّر إيجابياتهم أمام الآخرين، مثل الأقارب.

-         محاورتهم بعد المواقف، التي ينجحون في تجاوزها لدعمهم، مثلاً: أعجبني رأيك عندما قلت لأخيك كذا... أو طريقتك مع زميلك كانت ممتازة... أمّا في المواقف التي يخفقون فيها، فيجب محادثتهم لمعرفة الأسباب المسؤولة عن ذلك.

 

صفة سلبيّة؟

ترى الدكتورة عرب أنّ "خجل الأطفال صفة سلبيّة تسبّب لهم الضيق والحزن الشديدين، فيرون أنفسهم خلافاً عن الآخرين. كما يتصف هؤلاء بالتردّد، ويفقدون حاجاتهم بسهولة". وفي ما يأتي بعض الأخطاء في التعامل مع الخجولين:

-         إلزامهم على الكلام أمام الآخرين، أو أداء أعمال تفوق طاقاتهم، ما يؤدي إلى تدني تقديرهم لذواتهم.

-         تناقض الآباء في تعاملهم، وإبداء مشاعرهم لصغارهم.

-         مواجهة الأطفال بالقسوة، وتوجيه الإهانات إليهم.

وتوضح الاختصاصية أنّه "ينظر إلى السلوكيات على أنّها جزء من عملية تعليم الأطفال كيفيّة الاتصال بالآخرين"، وتدعو الأُمّهات إلى قبول المرحلة التطوريّة التي يمرّ بها صغارهنّ، ومساعدة هؤلاء على التقدّم، فإن شعروا بالأمان، سيحسون أنّهم ذوو قيمة، ما سيسهّل عليهم أن يتواصلوا والآخرين.

وفي هذا الإطار، من الملاحظ أنّ بعض الأطفال يكوّن صداقات أينما ذهب، في حين أنّ بعضهم الآخر يظلّ منطوياً، فيمكن لأحد الأطفال أن يقف جانباً وهو يراقب بلهفة، لكنّه لا يشارك أو يصرخ بسبب عدم ارتياحه أو تعرّض الآخرين له، سواء كانوا صغاراً أو كباراً.

ومن جهة ثانية، تنصح د. عرب الأُمّهات، اللواتي تعرّض أطفالهنّ للاعتداء، بـ:

عدم الانفعال، أو توجيه اللوم أو النقد للصغار، بل الاستماع إلى هؤلاء، وتشجيعهم على الحديث عمّا حدث، وطمأنتهم بمجاورتهم عند الحاجة لذلك.

مساعدة الأولاد على التصرّف بمفردهم، كما الثناء على قدراتهم في حلّ الأمور بطريقة سلميّة، ومنحهم الأمان والحبّ وليس التدليل!

إشراكهم في صفوف فنون الدفاع عن النفس (الكاراتيه، أو الكونغ فو، أو الجودو).

البعد عن جعلهم يفضّلون إخفاء أمر الاعتداء عليهم، كما لو أنّه دليل ضعفهم، لأنّ من شأن هذا الأمر أن يزيد الحال سوءاً، كما أن يضاعف الاحتمال بعدم القدرة على المواجهة في المستقبل.

دفع الأطفال إلى التصرّف باستقلالية خلال الخلافات الصغيرة، حتى يعتادوا التفاوض، ورد العدوان، والتفاهم مع الآخرين. ولكن، في الحالات التي يتعرّضون فيها لعدوان أشرس من أن يردوه بمفردهم، لابدّ من تدخّل الكبار.

الحذر من القول للمعتدى عليهم: اضربوا من يضربكم... لأنّ هذا منطق الغاب، وستكون الأُمّهات أوّل من يشكين من مترتبات هذا الأمر! فعندما سيطبّق الصغير هذه القاعدة المتمثّلة في أخذ ما يتصوّر أنّه حقه بيده، وعندما يعلو صوته ويقوى ساعده فلن تستطيع أمّه أن توجهه بأي صورة، لأنّه قد تعلم أن يستخدم يده في حسم المواقف، وألا يحترم نظاماً أو قانوناً.

 

دور الأب:

يجدر بالأب أن يساهم في تعليم ابنه كيف يدافع عن نفسه؟ فالأب هو النموذج الذكوري الأوّل الذي يتأثّر به الولد. لذا، عندما يأتي هذا الأخير لأبيه شاكياً، باكياً، يجب على الأب ألا يلومه، بل عليه أن يمنحه تقنيات الدفاع عن نفسه، بعد أن يستمع لصغيره لفهم ما يزعجه، ما سيعزّز شعوره بالقوة، وقدرته على الدفاع عن نفسه، سواء بالكلمة أو النظرة، لأنّ والده علّمه وهو دائماً إلى جانبه.

 

الكاتبة: يسرا فيصل

 

ارسال التعليق

Top