• ١٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

حـان وقت العـودة الى المدرسـة

تحقيق: ريما كيروز

حـان وقت العـودة الى المدرسـة
لا شك في أن أكثر ما يحار فيه الأهل، هو اختيار المدرسة المثالية لأولادهم. ذلك أنّ جَلَّ همّهم هو أن تلبّي المدرسة طموحاتهم وتطلعاتهم من كل الجوانب، فتُقدّم لهم الراحة والطمأنينة، مع حصص الدراسة على طبَق مناهجها المتميّزة. حكومية أم خاصة، قريبة من البيت، حائزة تقييماً جيِّداً من وزارة التربية، تُعلّم لغتين أو أكثر؟ بمستوى جيِّد أم جيِّد جدّاً، تهتم بالأنشطة الرياضة والترفيهية؟ أم لا؟ هذه بعض من أسئلة تُعبّر عن شروط كثيرة أخرى، يضعها الأهل أساساً لبدء عملية بحثهم عن المدرسة، التي تستأهل دخول ولدهم إليها. وفي الواقع إنّ لكل عائلة شروطها وطموحاتها، حتى ليَبدو أحياناً، أنّ هناك مَن يرغب في إدخال ابنه كلية الطب من عامه الدراسي الأوّل، وقد يلوم المدرسة إذا لم تحقق له ذلك. بالتأكيد نحن نمزح، فالأهل يدركون أن لأولادهم مسيرة طويلة في الحياة الدراسية الأكاديمية. من هنا، كان بحثهم عن مدارس تخفّف عن فلذات أكبادهم من ضغط هذه المسيرة، فيعبرون منها إلى الجامعة والتخصص. وبالتأسيس على ذلك، هل يسبب اختيار المدرسة المناسبة الصداع للأهل؟ وما هي في نظرهم، شروط ومواصفات المدرسة المثالية لأولادهم؟   - نجاح: "كبر الولدان وأصبحا اليوم في كلية الهندسة، وهما جِد ناجحين". يأخذ مجيد بوقاسم (فني كهربائي متقاعد، متزوج منذ 45 عاماً ولديه ولدان) من كوب العصير رشفة صغيرة، يُتابع كلامه قائلاً: "لقد اخترت لولديّ مدرسة حكومية، تبعُد عن داري زهاء 3 دقائق، بقيا فيها إلى صفوف الثانوية، بعد ذلك نقلتهما إلى مدرسة حكومية ثانية ومنها إلى الجامعة". لا يتوقف مجيد عند الشروط الأساسية للمدرسة المثالية التي سألناه عنها، وكأنّ الأمر لا يَعنيه، ويعلّق: "مَن يُريد أن يتعلم يمكنه أن يفعل ذلك تحت شجرة في قريته البدائية، ومَن لا يهوى العلم، فسوف يفشل ولو اخترتم له أحسن مدرسة في البلد". يعود مجيد ليرشف من كوبه مجدداً ويطلق العنان للسانه بالقول: "لم أملك المال الوفير لأضع ولديّ في مدرسة خاصة، واليوم أنا فخور بهما كثيراً، وفخور بمدرستهما الرسمية التي أوصلتهما إلى هذا النجاح".   - حسرة: "قد لا يملك أحدهم المال لإدخال ابنه أو ابنته المدرسة المرجوَّة، فيتأسّف على ذلك، ويَغار من غيره الذي تمكّن من فعل ما لم يفعله". تقول سعيدة قبلان وتضيف: "أنا نادمة لأنني وضعت ابني وابنتي في مدرسة خاصة، ويا ليتني استمعت لزوجي ووضعتهما في مدرسة حكومية". حسرة سعيدة لا تتمحور حول عدم توافر سيولة التعليم لديها، ولا لأنّها لم تستطع إدخال ولديها مدرسة خاصة، إنما في سوء اختيارها المدرسة". تستمر في حكايتها قائلة: "صحيح أنّ الولد والبنت هما من الأوائل دائماً على دفعاتهما، لكنهما للأسف لا ينطقان اللغة العربية بشكل صحيح، والأسوأ من ذلك هما يتكلمان معنا بالإنجليزية وهذا خطأ كبير، لم نَتنبه له إلا بعد فوات الأوان". "عائلتي ومثيلاتها كثيرات، تَجني على اللغة العربية"، تعترف سعيدة متابعة: "ربما بسبب مَن هم مثلنا سوف تندثر هذه اللغة وتَضمَحل، وهذا حرام، لا بل هو إجرام في حق حضارتنا ومجتمعنا". تضيف بغضب، يبدو جليّاً في نبرة صوتها: "لو عدت إلى الوراء، لاخترت مدرسة حكومية. إنها الأصلح لأولادنا، أقلّه لن تعلمهم أن يتحدثوا معنا بلغة غريبة عنّا".   - متابعة: إلى ذلك، فإن اختيار المدرسة المثالية للأولاد، وبحسب إقرار الدكتور محمد دلّة (أخصائي أمراض جلدية، متزوج منذ 25 عاماً ولديه 4 أولاد) "يسبب الصداع فعلاً". وفي الحقيقة إن د. محمد، يبدو مثل غيره من الأهل الحريصين على مستقبل أولادهم، يهتم بالتفاصيل كثيراً وينتقي شروطه الخاصة للمدرسة بعناية، ومنها: "الترتيب والتنظيم والنظافة"، لافتاً إلى أن "تلك هي الشروط الأساسية التي بحثت عنها في مدرسة أولادي، يليها احترام فريقها التربوي للطلاب، وأن تتميّز بكفاءة موصوفة في أساتذتها وكل العاملين فيها، في الشقّين الأكاديمي والاجتماعي على حدّ سواء". ويشير د. محمد إلى أنّه "ما إن وجدت هذه الصفات في مدرسة، حتى بادرت إلى تسجيل أولادي فيها، بانياً على نصائح بعض الأصدقاء والطلبة فكرة وافية عنها". علماً بأن هذا كله لم يُثنِ د. محمد، وبحسب اعترافه: "عن استخدام الإنترنت لولوج موقع المدرسة ومتابعة كل ما يصدر عن وزارة التربية عنها". وهو يؤكد أيضاً أنّه يحرص مع زوجته "على متابعة دراسة الأولاد من الألف إلى الياء، لنساعد المدرسة بدورنا على المسؤولية المتعلقة بنا، ولنراقب مستواها وسير منهاجها، ومدى تفاعل أولادنا مع ذلك".   - بيئة: من ناحيتها، تؤكد نينات حداد (إدارية، متزوجة منذ 10 أعوام ولديها ابنتان) أنّ "الاختيار لم يكن صعباً عليّ وعلى زوجي، لأننا كنا متفقين على مدرسة تُعلّم اللغة الفرنسية كلغة أساسية، باعتبار أن هذه اللغة صعبة، إذا لم يتقنها الولد منذ الصغر، على عكس اللغة الإنجليزية السهلة". وتركز نينات على الشرط الذي وضعته وزوجها للمدرسة المثالية، وتتابع حجتها شارحة: "أنا من بلد معظم شعبه يتقن اللغة الفرنسية، لذا، سعيت إلى وضع ابنتي في مدرسة فرنسية، أوّلاً لتكتسبا اللغة، وثانياً لتشعرا بأنهما في بيئتهما الطبيعية، في حالة عدنا إلى بلدنا الأُم".   - بجدية: بطبيعة الحال، ولكون نائل عطا الله (مدير تطوير، متزوج منذ 3 سنوات ولديه ولد وحيد)، فهو يقول: "بالتأكيد سوف أختار مدرسة لابني في قريبة من بيتي". من جهة ثانية، يشير نائل إلى أن "من الضروري أن تعلّم مدرسة ابني لغتين أساسيتين كالإنجليزية والعربية، إضافة إلى لغة ثالثة اختيارية، كالألمانية أو الفرنسية أو الإيطالية". إلا أن توافُر هذه المواصفات في المدرسة المرتقبة، لا يعني أن نائل لن يجري بحثاً معمّقاً عن مستواها أكاديمياً. يضيف: "كما أنني لن أتوانى عن توجيه أسئلة كثيرة إلى ذوي الطلبة فيها، لأعرف منهم عنها وعن أساتذتها أكثر، فيرتاح بالي ويطمئن". ينظر نائل إلى ابنه النائم في عربته، قبل أن يعود ليعلق قائلاً: "لا يزال ابني في الثانية من عمره، وأعتقد أنني في العام المقبل سوف أتعامل مع الموضوع بجدية أكبر، وأتوقع أن يسبّب لي صداعاً كبيراً".

- تأقلُم:

ما إن ينتهي نائل من تعليقه، حتى تكمل زوجته إسراء جودة (مدرّسة لغة إنجليزية) حديثه موافقة بدورها على ما قاله، ومضيفة: "لن يكون سهلاً علينا اختيار المدرسة المناسبة لابننا، لكننا سوف نتعامل مع الأمر على أساس الشروط التي طرحها نائل". وتنتقل إسراء إلى مشكلة ثانية، تفكر في أنها ربما تعترضها على غرار كثيرين، يعانونها مع أولادهم. وتقول: "ربما نبحث عن مدرسة رائعة، ثمّ نُصْدَم بعدم تأقلم ولدنا مع منهاجها ونظامها. وعندها، لن أتحسّر مطلقاً على نقله منها سريعاً". تفكير إسراء هذا، لا يمنعها من إعادة صياغة فكرتها قائلة: "يجب ألا نلقي اللوم على المدرسة في حالة عدم تأقلم ابننا فيها، فقد يعود الأمر إلى أسباب عديدة". وقبل أن تُنهي إسراء كلامها، تضيف بعفوية: "لكوني مدرّسة، أدرك جيِّداً الأجواء التي يعيشها الطلبة في المدارس، وألفت انتباه الأهل إلى أنّ البعض منهم يشوّشون على غيرهم، لذا يجب الحذر". تختم: "إنّ التنوع الموجود هو تنوع غني بالثقافات، يُثري التلميذ بمكتسبات كثيرة ومفيدة على مختلف الصُّعد".   - تربية: "اللغة العربية والتربية المدنية"، هما المادتان الأساسيتان اللتان يبحث عنهما جهاد باكي (موظف في شركة شحن جوي، متزوج منذ 17 عاماً ولديه 4 أولاد) في مدرسة أولاده، وهو يقول في هذا السياق: "عندما سألت عن هذين الشرطين، لم أبحث كثيراً حتى أجد ضالتي، فقد نصحني كثيرون بالمدرسة التي يذهب إليها أولادي اليوم وأنا سعيد للغاية، لأنني تأكدت من صحة النصيحة". ويتوقف جهاد ليتحدث عن التربية المدنية وأهميتها بالنسبة إليه، موضحاً: "يهمني كثيراً أن ينشأ أولادي بشكل صحيح، لذا، أبحث عن التربية في المدرسة، لأنّها المكان الذي يعيشون فيه ويتعلمون منه المبادئ والأخلاق، وهي شروط جميلة تنعكس إيجاباً عليهم، وعلى حياتهم العملية في المدرسة وفي البيت والمجتمع أيضاً". ولا ينسى جهاد أن يُوجّه كلمة إلى الأهل يقول لهم فيها: "إنّ المطلوب من الأهل ألا يعتمدوا على المدرسة كلياً، بل عليهم القيام بدورهم الطبيعي في المراقبة والتابعة والمراجعة، فبهذه الطريقة يواكبون أولادهم خطوة خطوة، فلا يتعثرون ويقعون ويفشلون".   - مساواة: في المقابل، فإن لدى هناء عباس (مهندسة زراعية، متزوجة منذ 25 عاماً ولديها 4 أولاد)، متطلبات أخرى في المدرسة التي تراها "مناسبة" لأولادها، ومنها: "مستوى المدرسة التعليمي، نسبة نجاح تلامذتها، صيتها"، إضافة إلى "النظافة" التي تعتبرها "مهمة وأساسية في النظام التربوي الصحي والصحيح". إضافة إلى هذه الشروط، تقول هناء: "أتمنّى لأولادي مدرسة مكوّنة من فريق تربوي متمكن ومعاصر للتربية الحديثة، ليُحسن التعامل مع التلامذة على مبدأ المساواة وعدم التمييز، إن على صعيد الفروق الاجتماعية أو الطبقية أو غيرها". تتنهّد هناء راسمة على وجهها ابتسامة عريضة، تنظر إلى ابنتها المأخوذة بكلامها، وتتابع لافتة: "لا خوف على أولادي في أي مدرسة، فهم مجتهدون جدّاً. ربّنا يحفظهم لي ويحفظ أولاد الناس أجمعين".   - التزام: باعتبار أن لكل فرد رأيه الخاص، وأنّ موضوع المدرسة هو في حد ذاته، مهم جدّاً للأهل وللأولاد ومستقبلهم، يفكر ناصر علي (مدير شركة، متزوج منذ 9 أعوام ولديه 3 أولاد) مليّاً قبل أن يصرّح برؤيته الشخصية قائلاً: "أريد مثل الأغلبية، أن تتمتع مدرسة أولادي بمستوى أكاديمي عالٍ وأن تعلّم لغتين على الأقل، وتكون ملتزمة بالمنهج الإسلامي وبلغتنا الأُم التي نفتخر بها. ولكني أضيف إلى هذه الأمور المهمة، ضرورة توافر الأنشطة المدرسية، وخصوصاً الرياضية، لأنّ الرياضة تحفز الحماسة للدراسة الأكاديمية وتكملها". مطالبة ناصر مدرسة أولاده بتفعيل الأنشطة الرياضية، قناعة يتمسك بها ويزيد عليها نصيحة إلى الأهل، حيث يقول: "أنصح الأهل بمراقبة أولادهم، لاسيّما في الأشهر الأولى من العام الدراسي، ليطمئنوا إلى مدرستهم ويكشفوا حقيقتها أوّلاً بأوّل، كما يمكنهم دائماً التحقق من وضعها، من خلال تقييم وزارة التربية وتقييم طلابها وذويهم".

- تطلعات:

المدرسة المناسبة لأولاد لينا عبدالله (مدرّسة رياضة، متزوجة منذ 20 عاماً ولديها 4 أولاد)، هي المدرسة التي تدرّس فيها، ولكنها تشترط "أن تستوفي التطلعات التي أرغب فيها لأولادي، خصوصاً في ما يرتبط بمستوى اللغة الإنجليزية والتربية الدينية، إضافة إلى تشعُّب الأنشطة المفيدة والمدروسة من قبل قيّمين في المجالات هذه". وإذ تبحث لينا مجدداً عن شروط أخرى تطلبها في مدرسة أولادها، تقول: "يجب أن يكون المدرسات والمدرسون على دراية وعلم بمهنة التعليم، يُحسنون التعامل مع الأولاد، ويسهّلون عليهم أيام المدرسة، لترتاح نفسياتهم، ويصبح الموضوع أسهل بكثير عليهم". تضيف: "أما إذا شعرت بأن أحد أولادي يتراجع أكاديمياً، فلن أتأخر لحظة في تغيير مدرسته، وسوف أرسله إلى أخرى لا يتعب فيها، المهم أن يكون مرتاحاً وسعيداً". وتؤكد: "لا يهمني إرسال أولادي إلى مدرسة لا أُعلّم فيها، لو تبيّن لي أنها مثالية لهم".   - التجربة خير برهان: ينفي الخبيرالتربوي الدكتور إبراهيم النقبي، أن يكون موضوع اختيار المدرسة المناسبة للأولاد "يسبب صداعاً وحيرة للأهل"، لافتاً إلى أنّه "يجب على الأهل أوّلاً، أن يعرفوا أي مدرسة يريدون، حكومية أو خاصة". ويقول: "من المعروف أنّ المدارس الحكومية وأساتذتها يتبعون نظاماً واحداً، وربما يكون قربها من السكن الشرط المثالي للبعض لتكون مناسبة لابنه. بينما يختلف نظام ومناهج المدرسة الخاصة، وتختلف اللغات التي تدرّسها، وقد يركز البعض منها على مستوى اللغات، على حساب اللغة العربية والتربية المدنية والإسلامية". وباعتبار أن د. النقبي هو خبير تربوي، يقول: "بالتأكيد يتوجب على الأهل، وليطمئنوا إلى المدرسة التي تلائم أولادهم، أن يبحثوا عن مستوى الإدارة وأعضاء التدريس، وعن تقييم وزارة التربية المدرسة، على أن تبقى التجربة مع الطلبة هي البرهان الأهم على نجاح منهج المدرسة، ومدى تأقلم تلامذتها مع برنامجها ونظامها". من ناحية ثانية، يتحدث د. النقبي عن رؤية الأهل أنفسهم إلى الموضوع، فيلفت إلى أنّه "في الغالب، يختار الأهل مدرسة أولادهم بناء على نصيحة الأصدقاء والمعارف، أو بسبب قربها من مسكنهم، أو لسمعتها الجيِّدة، أو لأقساطها المناسبة لهم، أو ربّما يعودون إلى نسبة نجاح طلابها في المرحلة الثانوية". يضيف: "كل هذا جيّد ومهم، مادامت هذه المواصفات ستُوصلهم إلى مؤشر حقيقي عن المدرسة التي سوف يختارونها". وبالتعريج على أهمية الأنشطة الترفيهية والرياضية في حياة الطالب الأكاديمية، يعلن د. النقبي: "إنّ مثل هذه الأنشطة تفرّج عن الطلاب، لأنّ الطالب يحتاج إلى فترة راحة، وتربيتنا الإسلامية توصي بذلك". يضيف مقدّماً النصيحة إلى الأهل: "تقع على عاتق الأهل مسألة متابعة أبنائهم في الأسبوعين الأوّل والثاني من بداية العام الدراسي، ومتابعة واجباتهم والملاحظات التي يكتبها المربّون لهم. بالتالي، عليهم مراجعة المدرّسين والاتصال بالمدرسة ليسألوا عن مستوى أولادهم. وإذا أمكنهم، عليهم أن يزوروا الأولاد في صفوفهم لتوطيد علاقتهم معهم ومع أساتذتهم، ووضعهم تحت المسؤولية لرفع نتائجهم ونسبة نجاحهم".   - قلق وتوقعات: بالعودة إلى قلق الأهل من عملية اختيار المدرسة المناسبة لأولادهم، يُفيد استشاري الطب النفسي الدكتور محمد حسين، بوجود أسباب كثيرة تؤدي إلى ذلك، ويقول: "إنّ قلق الوالدين ناتج عن حسابات وتوقعات كثيرة، وهي تختلف حسب المراحل العمرية للولد، ففي الأعوام الأولى له، يخشون من مدرّسة أو مُدرّس عصبي وغير متفهّم، وغير حنون أو عطوف، ما ينعكس سلباً على طفلهم. أما في عمر متقدم، فيخشون على ولدهم من أمور أخرى كثيرة". يتابع موضحاً: "إنّ الأهل يخافون من أن يختلف أسلوب الحياة في المدرسة ونمط طاقم المدرسة، عن أسلوب حياة الولد في البيت ونمط والديه. كما يخشى البعض من أن تكون المناهج صعبة وغير ضرورية، أو أن تفتقر إلى أمور يعتبرونها أساسية لأولادهم. وهناك آخرون يخشون من تأثير الطلبة قليلي التهذيب في أولادهم، إضافة إلى بعض آخر يقلق من دون أي مبرر". وإذ يحصر د. حسين إغراء المدرسة شريحة كبيرة من الأهل في شرطين فقط هما: "ارتفاع نسبة نجاح طلابها، وأقساطها السنوية المتواضعة"، يضيف إلى ذلك مغريات أخرى يعتبرها "ثانويّة" مؤكداً أهمّيتها بالنسبة إلى البعض بشكل متفاوت، ويقول: "يصرّ البعض على أن تكون مدرسة أولاده قريبة من مسكنه، وذات مستوى مرتفع في اللغة الإنجليزية، وأن تتمتع بسمعة جيِّدة، وأن تكون على تعاون أو ارتباط مع جامعات عالمية، وأن يتوافر فيها نوع من الانضباط والتنظيم والمراقبة".   - تأثير مزدوج: ويتناول د. حسين تأثير المدرسة في الطالب، ملاحظاً أن "تأثيرها في نفسية الولد، يقابل تأثير العائلة والأقران فيه، فهي مؤسسة كاملة وتمثل عائلة كبيرة. لذلك تظهر فيها كل التفاعلات النفسية، مثل المحبة والكراهية للمدرسين، والمنافسة بين الطلبة، والعواطف السلبية والإيجابية، والانجذاب، والغيرة، والعدوانية وغيرها". يضيف: "إذن، المدرسة هي بمثابة عائلة كبيرة، وما يحدث من اضطرابات في الأسرة، ينعكس عليها والعكس صحيح". يكمل: "للمدرسة تأثير أيضاً في الأهل، فإذا نجحت المدرسة في جعل الطالب ناجحاً وواثقاً بنفسه، أي ينجح أكاديمياً ونفسياً، فسوف ينعكس الأمر بالتأكيد على الوالدين بالإيجاب، ويُشعرهما بإحساس النجاح والرضا والثقة بالمستقبل". يعود د. حسين ليؤكد "أهمية التربية الرياضية في الحياة الأكاديمية"، مشيراً إلى أنّ "للأنشطة الرياضية تأثيراً اجتماعياً يكمن في اختلاط الطلبة، وتأثيراً نفسياً في مكافحة الخجل عندهم، بفعل المشاركة. كما يُعد اشتراك طالب في نشاط رياضي وفوزه به، بمثابة انتصار يصب في مصلحة بناء شخصية، تحفزها الرغبة في تحقيق نجاحات أخرى على الصعيد نفسه، وعلى الصعيدين الأكاديمي والاجتماعي". ويدعو الأهل إلى أن "يتحققوا من أي العاملين في المدرسة يتمتعون بنضوج في الشخصية، ويبرعون في التعامل مع متطلبات الحداثة وتطلعات الجيل الجديد، ليطمئنوا إلى أولادهم".

ارسال التعليق

Top