• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

رسالة التعليم

عمار كاظم

رسالة التعليم

يقول تعالى في القرآن الكريم: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الزمر/ 9)، ويقول: (وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا) (طه/ 114). وتؤكّد الأحاديث ضرورة التعلّم في الصّغر، باعتبار أنّه كالنقش في الحجر، وأن التعلم في الكبر كالنقش على الماء، وما إلى هنالك من أحاديث تشدّد على ضرورة الاهتمام بالعلم.

لكن الإسلام يترك قضية وضع النظام التربوي كمفردات تفصيليّة، لجهة أسلوب التعليم ومناهج التعلم وما إلى ذلك، للإنسان، باعتبار أنّ هذه الأمور تختلف من شعب إلى شعب، ومن زمن إلى زمن. لذلك، لم يضع له أيّ تشريع تفصيلي، بل ترك أمر اكتشافه لخبرات الإنسان ذاته. ولكنّ القاعدة الأساس في هذا النظام، هي إعلاء قيمة العلم أوّلاً، وتنظيم العلاقة بين العالِم والمتعلّم، والّتي يجب أن تقوم على الاحترام الشّديد.

تعتبر رسالة التَّعليم مهمة، لأنَّها تتّصل برسالة الأنبياء والرّسل الذين اصطفاهم الله لإخراج النّاس من ظلمات الجهل والخرافة إلى نور العلم والمعرفة، رسالة التّعليم لها بعدان أساسيّان؛ الأوّل تربويّ، والثاني تعليميّ. البعد التربوي يتعلّق بزرع حبّ التعلّم، والبحث عن الحقيقة، والتزام الأخلاق، وحسن المعاملة والسّلوك مع النّفس ومع الأصدقاء والمجتمع ومع الله سبحانه وتعالى، وهو من الأهميّة بمكان كبير في صياغة شخصيّة المتعلّمين، الذين من المهم أن يلتزموا بالقيم الأخلاقيّة والإنسانيّة في معترك الحياة الخاصّة والعامّة، ومن ثم يأتي البعد العلميّ الذي يشمل توضيح الحقائق والمعلومات والمفاهيم والقوانين والأنظمة العلميّة التي تخضع لها جميع الكائنات من الذّرة إلى المجرّة، من خلال النّظريات والتّطبيقات العمليّة، لتقريبها إلى أذهان الناشئة وعقولها، بالانطلاق من السَّهل إلى الصّعب، ومن المسلّمات إلى الحقائق، باستخدام الوسائل التعليميّة المتعدِّدة، ولا سيّما منها السّمعيّة والبصريّة والتكنولوجيّة.

لذلك من الضروري أن يتحلّى المعلّم بالأخلاق الحميدة والسّيرة الحسنة، وأن يحاول أن يكون قدوة حسنة لتلاميذه قولاً وفعلاً وسلوكاً، إلى جانب إتقانه مادّته التعليميَّة، واعتماد الأساليب والطّرق التدريسيّة الحديثة الفاعلة والتفاعليَّة، وأن يبتعد عن أسلوب التّلقين، كما عليه أن يجدّد في عمليّة التحضير اليوميّة والأسبوعيّة والسنويّة، أي في خططه التّعليميّة، لتتناسب مع المتعلّمين، انطلاقاً من الحديث النّبويّ الشّريف: «أمرنا أن نخاطب الناس على قدر عقولهم».

وأخیراً، لكي ينجح المعلّم في رسالته، عليه أن يتحلّى بالصّبر وطول البال ورحابة الصّدر، وأن يستوعب طلابه، وأن يحفِّزهم لطلب العلم، كما ورد في الدّعاء المرويّ عن الإمام المهدي (عجل الله فرجه الشريف): «وتفضّل على علمائنا بالزّهد والنّصيحة، وعلى المتعلّمين بالجهد والرّغبة»، أي أنّ على المعلّم أن يرغّب تلامذته بطلب العلم، ويعمل على تشجيعهم ليبذلوا الجهود الكبيرة المطلوبة منهم، لامتلاك المعرفة واكتشاف أسرار الحياة والمادّة والكون.

ارسال التعليق

Top