• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

هذا ما سأستغني عنه خلال إجازتي الصيفية

هذا ما سأستغني عنه خلال إجازتي الصيفية

بُغية الراحة والاسترخاء والتحرر من القيود..

مع إستمرار الإجازة الصيفية، تستعد الأُسَر لحزم حقائبها وحشوها بالملابس والأدوات التي يحتاج إليها أفرادها أثناء سفرهم. الجميع يفكرون في ما يجب أن يأخذوه معهم. ولكن، هل فَكّر أحد في تلك الأشياء التي يَتعمّد ألّا يأخذها معه؟

يفكر كلّ واحد في ما سيحمل معه من ملابس وأدوات، إذ إنّ من المعتاد أن يقلق الناس بشأن تلك الأشياء التي يرغبون في اصطحابها معهم أثناء سفرهم، والتي تتباين ما بين ضروريات لا يمكن الاستغناء عنها، وكماليات يمكن الاستغناء عنها، وأشياء لا لزوم لها. ولكن، ماذا بشأن تلك الأشياء التي يمكن أن يُفكّر المسافر في تركها والتخلّي عنها عن عَمد حتى ينعم بإجازته؟ سؤال ربّما يبدو غريباً أو غير مألوف بعض الشيء ولكن، يبدو أن لدى كلّ منّا جواباً عنه، حتى ولو لم نفكر في الأمر بصورة مباشرة. في هذا الموضوع آراء عدد من الرجال والنساء، لمعرفة ما الذي يمكن أن يتعمّدوا التخلي عنه عند حزم حقائبهم استعداداً للسفر.

 

ربطة العنق:

يقول وائل أحمد (محاسب) إنّ عمله يعتمد على مظهره وهندامه إلى حد بعيد. لذا، فإن طبيعة عمله هي التي تفرض عليه ارتداء البدلة الرسمية وربطة العنق لمدة عشر ساعات كاملة يومياً. ويضيف: "لا شك في أن ارتداء ربطة العنق يسبب الشعور بالضيق والاختناق. لذا، أجد في السفر فرصة ذهبية للتخلص من ضغوط العمل التي على رأسها التحرر من ربطة العنق". ويؤكد وائل أنّه يحرص أثناء تجهيز حقيبة السفر "على ألّا تحتوي على أي ربطة عنق ولا بدلة رسمية"، مستعيضاً عن ذلك كله "بملابس عملية خفيفة".

 

نظارة القراءة:

من ناحيته، يؤكد خالد علي (موظف) أن مجال عمله يعتمد على الأبحاث والدراسات، لافتاً إلى أنّ هذا يتطلب منه "ساعات طويلة من القراءة والمطالعة"، ويقول: "إنّ طبيعة عملي تتطلب بذل مجهود ذهني كبير، لهذا السبب أحرص عند التخطيط للسفر والإجازة، أن أمنح عقلي قدراً من الراحة الذهنية من كلّ الأعمال المرهقة، إلى درجة أنني أصبحت أتعمّد ترك نظارة القراءة وعدم اصطحابها معي أثناء السفر، حتى أجبر نفسي على الاستمتاع بإجازتي بعيداً عن القراءة". ويُنهي خالد حديثه، مؤكداً أنّه يقوم بنفسه بترتيب حقيبة السفر، حتى يطمئن إلى أنّها "خالية تماماً من كلّ ما يمكن أن يشكل ضغطاً عصبياً أو ذهنياً".

 

مستحضرات التجميل:

من وجهة نظر نورة حمدي (خبيرة تجميل) فإنّ السفر "هو فرصة للابتعاد عن مستحضرات التجميل واستبدالها بمواد طبيعية بسيطة". وتُشير نورة إلى "أنّ الخروج من الروتين اليومي بعدم وضع مساحيق التجميل على البشرة ولو لفترة قصيرة من الوقت، يجعلني أشعر بتغيير كبير في نمط حياتي، إضافةً إلى كونها فرصة للبشرة كي تتنفس وتستعيد حيويتها وخلاياها من جديد". وتُنهي نورة حديثها، مشيرةً إلى أنّه "من الرائع انتهاز فرصة الإجازة والسفر، للعودة إلى المستحضرات الطبيعية الخاصة بتجميل البشرة والعناية بها، لأنّها تُكسب البشرة قدراً كبيراً من النضارة والحيوية، لاسيّما إذا كان ذهاب المرأة إلى العمل يضطرها إلى استخدام مساحيق التجميل بصفة دائمة ومستمرة".

 

الكعب العالي:

وتتفق منال محمّد (موظفة) مع ما تفضّلت به صاحبة الرأي السابق، كاشفةً أنها بدورها تتعمّد عدم اصطحاب مستحضرات التجميل معها أثناء السفر، وتقول: "بما أنّ السفر وقت مخصص للراحة البدنية والذهنية المجدّدة لحيويتنا وأنشطتنا، بالتالي فإنّه يجوز في الإجازة ما لا يجوز في الأيام العادية، وأقصد بذلك أنّ المرح والانطلاق يتطلبان نوعاً من الفوضى في ارتداء الملابس والخروج على المظهر الرسمي المرتبط بالعمل". وتضيف: "في السفر لا أحمل معي ملابس رسمية ولا فساتين سهرة ولا أحذية بكعب مرتفع، لأني أشعر بقدر كبير من الراحة عندما أرتدي ملابس مُريحة وبسيطة، وأحذية رياضية خفيفة تساعدني على الحركة والانطلاق. ولا شك في أنّ هذا النوع من الملابس يُعد متعةً حقيقية، تُضاف إلى مُتع السفر والإجازة".

 

التكنولوجيا:

من الطبيعي أن تُفكّر هاجر عزت (موظفة) في الاسترخاء والابتعاد عمّا يُزعجها، حيث إنها تشير إلى "أنّ السفر وقت مخصص للراحة البدنية والذهنية وممارسة الأنشطة التي تجدد حيويتنا ونشاطنا، وقضاء أوقات من المرح والسعادة ينسينا هموم العمل لنعود بعده بهمة ونشاط". وتقول: "من هذا المنطلق، فأنا أتجنب تماماً اصطحاب الكمبيوتر والـ"آي باد" معي أثناء السفر، إذ إنّ أياً منها لا يستحق أن أضيع وقتاً من إجازتي أمام شاشته بدلاً من الاستمتاع بها". ولكن يبدو أن لدى هاجر رأياً مُغايراً بعض الشيء بخصوص الموبايل، حيث تقول: "الموبايل شيء أساسي في حياتي، صحيح أنّه يبقى معظم الوقت صامتاً أثناء السفر، لكنني لا أستطيع الاستغناء عنه من أجل التواصل وكتابة التعليقات والتغريدات على "فيس بوك" و"واتس آب". وتؤكد هاجر أن ابتعادنا عن مستحدثات العصر يُبعدها "عن القلق والتوتر"، وتقول: "باختصار، هي محاولة للابتعاد عن التكنولوجيا والاقتراب إلى الطبيعة والاستمتاع بصحبة الأهل والأصدقاء، من أجل استعادة ذلك الدفء الذي أفقدتنا إيّاه التكنولوجيا".

 

الموبايل:

وتُحبّذ سماح الشيخ (مذيعة)، عند سفرها، أن تنقطع عن العالم، حيث تقول موضحة: "عند سفري أثناء الإجازة أترك هاتفي النقال، لأنّه ببساطة شديدة لا يتوقف أبداً عن الرّنين". وتؤكد سماح أنّها تجد في هاتفها النقال "مصدراً للإزعاج وقلة الراحة"، خصوصاً أن طبيعة عملها "تعتمد على التواصل مع الناس". وتؤكد أنّ هذا تحديداً هو ما يجعلها تغلق هاتفها النقال قبل أن تتركه، وتترك معه متاعب العمل وهمومه خلف ظهرها أثناء توجهها لقضاء الإجازة.

 

الملابس الرسمية:

التخفيف من عبء المظهر الرسمي في السفر أمرٌ يروق إلى أمينة اللواتي (موظفة)، التي تتحدث عن ذلك قائلة: "إنّ السفر إلى الأماكن البعيدة يمنحني فرصة التحرر من قيود الملابس الرسمية"، وتضيف موضحة "أنّ الإنسان أثناء السفر يكون بعيداً عن أعين الناس الذين يعرفونه، فلا ينتقده أحد في مظهره أو ملبسه، لذا فهو يكون على راحته، يرتدي ما يُريد بالشكل الذي يرغب". وتقول: "بالتالي، فأنا عند سفري لا أحمل ملابس سرمية تُقيّدني في الحركة وأكتفي بملابس بسيطة وخفيفة، وهذا أمر أجد فيه سعادة كبرى".

 

الأولاد:

نظراً إلى طبيعة عملها، فقد اعتادت رابعة الحمد (سيدة أعمال)، السفر كثيراً بمفردها، بسبب مشاركتها في المعارض الخارجية، تقول: "بصراحة شديدة، أنا لا أميل إلى اصطحاب زوجي وأولادي في السفر، حتى أستطيع أن أتفرغ لإدارة أعمالي". وتُبادر رابعة إلى توضيح وجهة نظرها قائلة: "لا أستطيع الجمع بين التزاماتي نحو زوجي وأولادي، وبين العمل الذي يفرض عليّ قضاء معظم وقتي في المعارض الدولية". وتختم: "لهذا السبب فإني أحاول بقدر الإمكان السفر بمفردي، وهذا يحدث بالطبع إذا كان السفر بقصد العمل وليس الاستجمام والسياحة".

 

بسيطة وأنيقة:

أيضاً، ثمّة مَن يرى أن عدم المُبالغة في حشو حقائب السفر بملابس كثيرة، يُعتبر خياراً جيداً، إذ تقول أم عيسى (ربة بيت): "إنّ المظهر الأنيق ليس بكثرة الملابس التي نحملها معنا أثناء السفر، حيث نستطيع أن نكتفي في السفر بملابس بسيطة وأنيقة"، لافتةً إلى "أنّ المرأة تستطيع أن تجعل من السفر فرصة للظهور بمظهر مختلف على سبيل التجديد، وذلك بالابتعاد عن التكلُّف في المظهر، سواء أكان من ناحية الملابس أم الاكسسوار".

 

مجوهرات ثمينة:

أما ماريان رحماني (موظفة)، فإنّها لا تحمل معها أي مقتنيات ثمينة، يمكن أن تخشى من ضياعها أو فقدانها أثناء السفر، وعن ذلك تقول: "لا أحمل معي مجوهرات ولا مصوغات ولا أي أشياء ثمينة أخشى عليها من الضياع، فالمسافر إلى أي مكان في العالم مُعرض لأن يفقد حقيبته، وهذا أمر مزعج في حدّ ذاته، فما بالكُم لو كان في الحقيبة مقتنيات ثمينة؟". وتتابع ماريان حديثها، مؤكدةً "أنّ السفر هو فرصة للراحة والاسترخاء والتصرف ببساطة وتلقائية، ومن هذا المنطلق فإنّ أجواء السفر لا تتناسب أبداً مع ارتداء المجوهرات والمصوغات الثمينة".

 

 

ظروف نفسية:

إذا كان معظمنا يرى في السفر محاولة للتحرر من القيود التي تفرضها ظروف الحياة، يقول الدكتور علي الحرجان (استشاري نفسي): "إنّ الظروف الاجتماعية والوظيفية التي يعيشها الإنسان، تُجبره على الظهور بمظهر مُعيّن والتعامُل مع الآخرين بسلوك مُحدّد حتى يظهر بصورة لائقة". ويضيف: "إنّ كلا من سلوك الإنسان ومظهره الخارجي، يشكل له روتيناً ضاغطاً يصل به إلى حالة من عدم الراحة. وفي هذه الحالة، فإنّ السفر يُعتبر بالنسبة إلى هذا الشخص فرصة للتخلص من ذلك الروتين وتلك القيود يشعر خلالها بالراحة والحرية، الأمر الذي يؤثر إيجاباً في نفسيّته". ويشير د. الحرجان، إلى أن "كثيراً من المسافرين إلى بلدان أجنبية، يشعرون بالراحة والطمأنينة نتيجة وجودهم بين أشخاص لا يعرفونهم. بالتالي، لا يوجد من يمكن أن يُراقب سلوكهم أو ينظُر إلى ملابسهم أو ينتقد تصرفاتهم وتحركاتهم"، ويتابع قائلاً: "إنّ التحرر من القلق بهذا الخصوص يخلق لدى الإنسان نوعاً من الراحة النفسية والجسدية. لذا، فإنّ الإنسان يستغل فرصة السفر للتخلص من الأقنعة المزيفة في السلوك الذي يمارسه يومياً، وكذلك من القشور التي يضعها على جسده ووجهه، فيرميها أو يُنحّيها جانباً، في محاولة منه إلى العودة إلى طبيعته بلا زيف أو خداع". ويوضح د. الحرجان، أنّه "عندما يصل المسافر إلى وجهته، ويمارس سلوكاً بشخصيته الجديدة، فهو إنما يُجدد من نفسه ويمارس حياته بشكل طبيعي، وفقاً للزمان والمكان الذي يوجد فيه"، مُشيراً إلى "أنّ الإنسان في أماكن الاصطياف، نجده يتصرف على طبيعته بخلاف ما يفعله في أماكن العمل، وهذه فرصة لكي يتحرر من القيود، ويُروّح عن نفسه ويتخلص من القشور والأقنعة التي تسيطر عليه طوال العام، ويُجدّد من ذاته ونفسه وطموحه الإيجابي في الحياة". وفي سياق متصل، ينصح د. علي الحرجان المرأة "بأن تبتعد عن المساحيق والصبغات حتى تعطي بشرتها وجسدها فرصة للراحة، فتشعر بالراحة النفسية والاسترخاء نتيجة البساطة التي تعيشها، من دون أن يكون ذهنها مشغولاً في التفكير في مَن يمكن أن ينظر إليها وينتقدها ويُدقق في مظهرها وحركاتها". ويؤكد "أنّ الإنسان خلال السفر يكون في عالم آخر لا يعرفه فيه أحد، ولابدّ أن يستثمر تلك الفترات المتميّزة في أن يشعر بالراحة مع ذاته".

 

مفهوم الإجازة:

من ناحيتها، تقول الدكتورة آمال حجازي (استشارية نفسية): "ليس غريباً أن يهرب الإنسان من أشياء محسوسة تبدو للكثيرين فرضاً واجباً عليهم". وتضيف: "على سبيل المثال، نجد رجلاً يتخلّى عن ربطة العنق التي تمثل بالنسبة إليه مصدراً للشعور بالضيق والاختناق، ليهرب عند سفره إلى ملابس بسيطة وعملية. كما نجد امرأة تهرب من الكعب المرتفع إلى حذاء طبي أو رياضي للتخلص من أوجاع الظهر والعمود الفقري، وأخرى تهرب من علبة مستحضرات التجميل، ومن كلّ ما يمثل لها روتيناً يومياً لتعود إلى الطبيعة وتشعر بالتحرّر". وتشير د. حجازي إلى "أن ما يحتاج إليه الإنسان في السفر، هو الراحة والاستجمام لالتقاط الأنفاس، واستعادة التوازن النفسي وشحذ الهمة والطاقة، وتجدُّد الحياة الزوجية وإعادة الدفء إلى الحياة الأسرية". وتقول: "إنّ البُعد عن كلّ ما هو رسمي أثناء السفر يُحرر الإنسان من القيود التي فرضتها عليه ظروف الحياة وطبيعة العمل"، موضحةً "أنّ الإجازة تُدار حسب ثقافة كلّ شخص، ووضعه الاجتماعي وميوله واهتماماته وما يحتاج إليه أثناء السفر، وإن كان معظم المسافرين يبتعدون عن الملابس الرسمية ووسائل التكنولوجيا والكتب والقواميس والأشياء الثمينة، وكلّ ما يُسبّب لهم القلق والتوتر، مع الاكتفاء بأشياء بسيطة والتخفيف من الحقائق التي يتنقّلون بها من مكان إلى آخَر".

ارسال التعليق

Top