• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

6 قواعد لكسب الآخرين

6 قواعد لكسب الآخرين

إنّ مشاعر الناس ليست من حجارة بل هي من بلور، وهو الذي ينكسر من رميه بحجر صغير، وإذا انكسر لا يمكن إعادته إلى وضعه السابق من دون أن يترك أثراً. فكرامة أحدهم إذا جرحت لن تعود إلى وضعها السابق، بل تبقى عقدة في نفسه، لن تغادرها لمدة طويلة.

إذن ما الذي يجعل الآخرين يسارعون إلى مد يد العون لك ويقفون إلى جانبك دوماً؟ كيف تنجحون في زرع ثقة الآخرين بكم وتنالون دعمهم، وتكسبونهم إلى صفك؟ ما هي الأعمال التي تقرب الناس منكم وتجعل تأثيركم فيهم يكبر؟ هناك قواعد وهي كالآتي:

1- لا تصدروا الأوامر لأحد، بل اطلبوا ما تريدون في صورة تمنيات

إنّ كلّ شخص يرى الكون كله بعينيه، لا بعيني غيره، وهو يحب كلّ شيء لنفسه، ولا يحله لغيره.

 ومن هنا، فإن لكل إنسان كرامة عند نفسه، وإن كان وضيعاً في نظر الآخرين، ولذلك فلا يوجد من يضع نفسه أمامك عبداً مطيعاً يتلقى الأوامر، مهما أوتيت من علم أو مال أو سلطان، بل يراك نظيراً في الخلق. لا تنصب من نفسك زعيماً فوق الناس تصدر لهم الأوامر، وتأمرهم فيأتمرون، أو تنهيهم فينتهون تأكد أن الناس يستقبحون الأوامر التي تصدر إليهم، بينما هم لا يمانعون في تنفيذ ما يطلب منهم في صورة رجاء، أو تمن، أو ما شابه ذلك. فبدل أن تقول: أفعل هذا، ولا تفعل هذا، يمكنك طلب شيء تريده من أحد بقولك: إنني اتمنى ان تساعدني في عمل كذا. هل لك أن تفعي...؟ ألا تظن أنّ من الأصوب أن تفعل كذا؟ ستجد الآخرين سيستجيبون لك، ولكن يختلف ردة فعلهم إن أنت أمرتهم بفعل شيء، وربما لسان حالهم يقول من أنت حتى تصدي لي أوامر. عندما تطلب بود فإنك بذلك تفسح المجال للشخص الآخر لكي يتصرف من تلقاء نفسه، فقد ينفذ الآخرون أوامرك بدافع أسقاط الواجب، ولكن إذا أصدرت لهم الأمر في صورة تمنيات، فإنهم يندفعون من أنفسهم إلى تنفيذه عن طيب خاطر. فالتمنيات تسهل الاستجابة لدى الآخرين، لأنها تأتي منسجمة مع ذواتهم، ويحس الفرد معها، وكأنه متفضل على الطرف الآخر، لأنه يلبي نداءه في طلب العون والمساعدة، بحرية تامة، ومن دون ضغط أو أمر. وفرق كبير بين العطاء وبين التنفيذ، فصاحب العطاء يحاول أن ينجز عمله بأحسن صورة، بينما الرجل المنفذ يحاول أن يأتي عمله بمقدار ما يسقط الواجب عنه.

ثم إن أسلوب الاقتراحات، والتمنيات، يتيح للشخص الآخر أن يصحح خطأه، لأنه سيحفظ كبرياءه، ويشيع فبه الإحساس بالأهمية، ويسلس قياده، ويدفعه إلى التعاون، بدل أن يحفزه إلى العناد. إذن، لكي تصلح الناس، وتؤثر فيهم، قدم أوامرك في صورة اقتراحات أو تمنيات، وتجنب إصدار أوامر صريحة.

 

2- امنح الآخرين الثقة بأنّهم قادرون

إذا أردت من شخص طلب عمل يحتاج إلى شجاعة، فما عليك إلا أن تخبره بأنك واثق من شجاعته، ذلك أن إنجاز أي عمل في حاجة إلى ثقة بقدره. فالمؤلف لا بد أن يمتلك مقداراً  كافياً من الثقة بحجم مايريد الكتابة عنه، والمقاتل لا بد أن يمتلك من الثقة بما يعادل حجم العملية القتالية التي ينوي القيام بها. وما دامت الثقة لا تولد بالضرورة مع الإنسان، وليست موجود فيه دائماً، فينبغي أن يشحنها باستمرار في ذاته، سواء أكان ذلك بتشجيع من الآخرين أو من نفسه. فلزرع الثقة في الآخرين لا نحتاج إلى أكثر من الكلام وتحريك اللسان. فلا تبخل بزرع الثقة في الناس، ولا تظن أن الثقة مخزون كامن في النفس البشرية، ولا تقل إن من يثق بنفسه ليس بحاجة إلى من يشجعة عليها. الثقة هي عملة يتبادلها الناس فيما بينهم، وكذلك الإحباط، والفرق هو أن الا حباط عملة مُزورة لا تُسمن ولا تُغني من جوع، بينما الثقة عملة سليمة. فإذا أردت إصلاح الآخرين فإن من واجبك أن تؤكد لهم ثقتك بقدرتهم على التغيير نحو الصلاح، وإذا أردت أن تقنع مجموعة من الناس على التغيير الجذري في حياتهم، فلا بد أن يثقوا بأنهم فعلاً في حجم ذلك التغيير، وأنك واثق في قدرتهم على تحقيق ما يريدون. يقول أحد الناجحين: أن في وسعك أن تجعل أي إنسان ينقاد إليك عن طبيب خاطر، إذا أظهرات له انك تحترم فيه ولو نوعاً واحداً من المقدرة. من هنا إذا كنت مدير وأردت الا ستفادة من سخص في ناحية ما، فما عليك إلا أن تؤكد له بأن هذه الناحية بالذات هي من نواحي القوة فيه، ومن الخطأ أن تطلب من شخص، مثلاً، أن يلقي محاضرة ثم تقول له : أنا أطلب منك ذلك، بالرغم من أنني واثق بأنك غير قادر على هذا الأمر، لأن هذا يعني أنك تقضي عل كلّ مالديه من  الثقة بالنفس، ومع فقدان الثقة بنفسه كيف سيتمكن من تحقيق النجاح؟ إن زرع الثقة في نفس الآخر، والإيحاء له بقدرته على إنجاز العمل، سيشجعانه على الاحتفاظ بهذه الثقة، وعدم تخييب ظنك فيه.

 

3- أخبرهم بحسناتهم وشجعهم على فعل الخير

تلك قاعدة أخرى من قواعد التأثير في الآخرين، وهي من أنجح الطريق وانفعها، وأقربها إلى تحقيق أهدافك. غير أن أغلب الناس يتصرفون خلاف ذلك.

فهم عادة ما يلجأون إلى أسلوب الحديث السلبي، والتذكير بالأخطاء فقط، ظناً منهم أن هذا التذكير سيسهم في إزالة السلبيات وتصحيح الأخطاء. ولا شك في أن هذا الأسلوب خاطئ، سواء أكان مع الناس أم الأصدقاء. والأسلوب السليم هو ذكر الحسنات، والتشجيع عليها، وفقاً لمبدأ إزالة السيئات بالحسنات،  وطرد الفساد بالإصلاح. فعندما تريد إزالة الظلام لا يكفي أن تلغيه، بل لا بد أن تشعل شمعة، وبعدها سيتخذ الظلام طريق الهروب. وفي ما يرتبط بالمجتمع، مسؤوليتك أن تشعل في قلوب من حولك شموع الآمال، بدل أن تلعن ظلمات الصفات السيئة الكامنة داخلهم.

 

4 اشكرهم على مايقدمون لك

الثناء والشكر يشجعان الآخرين على تقديم المزيد من الحسنات، ويعود عليك بالعطاء الكثير. عن طريق الثناء والتشجيع تستطيع أن تدفع حتى الحيوانات إلى أن تفعل ما تريد، فحيونات السيرك مثلاً، لم يروضها مدربوها عبر النقد والضرب، وإنما عبر التقدير والتشجيع. ولكن كيف ذلك؟ يقول أحد المؤلفين: "راقبت مدرب السيرك وهو يجوب الأخطار ويعرض تمثيلياته، ودهشت من قدرته على السيطرة على  الحيوانات المتوحشة، كالكلاب والذئاب والأسود والمنمور والفلية، فبدأت أبحث عن سبب إطاعة هذه الحيوانات له، فلاحظت أن ذلك تحقق له عبر التشجيع، فمثلاً إذا أبدى الكلب شيئاً من الإجادة لحركة معينة، أسرع إليه وربت على ظهره، وألقى إليه قطعة من اللحم. فإذا كان التشجيع نافعاً مع الحيونات المتوحشة، فكيف هو مع البشر؟

يقول مدير أحد السجون عن سجنائه، وهم مجموعة من اللصوص والمجرمين والقتلة: لقد وجدت أن تقديري للجهود التي يبذلها نزلاء السجن يأتي بنتائج باهر، ويستحثهم إلى الصلاح أكثر ما يفعل النقد والتفتيش عن الاخطاء.

 إنك تستطيع أن تلوم ابنك إذا لم يدرس ويستعد للامتحان، وتلقي عليه محاضرة وتقول له: أيها الجاهل الأحمق، إن غيرك يطلع ويدرس ويحرز أفضل العلامات بينما أنت جالس هنا تلعب؟ هذا الأسلوب لن يجدي معه شيئاً، وربما يدفعه ذلك إلى الهروب من الدراسة، وربما يذهب لمقابلة أصدقائه، غير عابئاً بكل نصائحك.

ولكنك لو ذكرت حسناته وقلت له: إن مطالعتك لكتبك دليل على اهتمامك بالعالم، وإن كل الذين سبقوك من العلماء والعظماء درسوا واجتهدوا حتى وصلوا إلى ماهم عليه. هذا الأسلوب الإيجابي غير الجارح، سيدفعه بلا ريب إلى المطالعة المستمرة برحابة صدر، وتقبل نفسي، واقتناع تام. إن التشجيع هو الطريقة المثلى في مساعدة الآخرين على اكتشاف مواهبهم، واكتشاف المخزون الضخم من الطاقات والقدرات لديهم.

 

5- أعط لكل شخص موقعاً متميزاً

يروي رجل قصتة قائلاً: "كنت أتبرم من مجموعة أطفال يلهون ويلعبون أمام بيتنا، ويفسدون الزرع الذي من حوله، ولكم دخلت معهم في لوم وتعنيف، ولكن بلا جدوى وأخيراً قررت أن أعطي لأكثرهم عبثاً مركزاً ودوراً في ضبطهم، فعينتهه مسؤولاً عن بقية الأطفال ومشرفاً عليهم. وعلى الرغم من أنه هو الذي كان يثير الشغب، ويؤجج  النيران حول بيتنا، إلا أن تصرفاته تغيرت مع إعطائي له الثقة بقدرته على قيادة مجموعة الأطفال، وتولي مهمة الدفاع عن بيتنا وعن الحديقة.

ومن هنا قيل: إن الرئاسة تصنع الرئيس. فلو عينوك رئيساً أو مديراً، فإنت ستتصرف وكأنك رئيساً بالفعل، وستترك العادات السابقة التي لا تليق بالرئيس.  إن إعطاء الدور هو تعبير آخر عن إعطاء الثقة، وسيحاول الطرف الآخر الذي تعطيه الدور والثقة أن يكون بالمستوى الذي تتوقعه منه.

 

6- لا تذل الآخرين إن كانت لهم حاجة عندك

والحقيقة أن مشاعر الناس ليست من حجارة بل هي من بلور، وهو ينكسر من رميه بحجر صغير، وإذا انكسر لا يمكن إعادته إلى وضعه السابق من دون أن تترك أثراً. فكرامة أحدهم إذا جرحت لن تعود إلى وضعها السابق، بل تبقى عقدة في نفسه، لن تغادرها لمدة طويلة. ويعتبر هذا تصرفاً غير إنساني، ويمثل نوعاً من الاعتزاز بالعمل السيئ. إن بضع دقائق من التفكير، وكلمة مهمة، أو اثنتين، وإدراك وجهة نطر الشخص الآخر كفيل بأن يخفف من وطأة اللطمة، ويكسر حدتها، تذكر هذا الأمر في المرة التالية التي تواجهك فيها مهمة إقالة موظف أو الاستغناء عن خادم، أو نصح طفلك.

 

والخلاصة: إن توجيه النقد واللوم إلى المخطئ أسلوب لا يفي بالغرض. للطراف الآخر، ويجعله في حالة من عدم التجاوب واللامبالاة، فالأسلوب الأمثل هو تشجيعه على الصلاح والاكتفاء بنقد الخطأ وحده من دون المساس بكرامة المخطئ. إن التشجيع مثل إشعال نور في الظلام، فهو يطرد الظلمة، ويوقد الأمل في المستقبل، بينما الانتقاد يشبه لعن الظلام، فلو استمر مليون عام فلن يغير من الأمر شيئاً.

ارسال التعليق

Top