• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

آثار مكارم الأخلاق

مركز نون للتأليف والترجمة

آثار مكارم الأخلاق

◄إنّ من أهمّ الطرق لتربية النفس والسير والسلوك ونيل مقام القرب، تربية الفضائل ومكارم الأخلاق في نفوسنا، وللفضائل الأخلاقية آثار جليلة في الدنيا والآخرة، ولذا أكَّدت عليها الآيات والروايات، وقد ورد عن رسول الله (ص): "ما يوضع في ميزان امرئ يوم القيامة أفضل من حسن الخلق".

وقد ورد عنه (ص): "إنّ أحبَّكم إليَّ وأقربكم منّي يوم القيامة مجلساً، أحسنُكم خُلُقاً وأشدُّكم تواضعاً".

 

من الأخلاق الاجتماعية:

إنّ الأخلاق الحسنة كثيرة وعديدة، وينبغي للسانك أن يهتمّ بها  كلّها، لأنّ لكلّ منها أثره وثماره، وعدم الاهتمام بها سيؤدّي إلى الحرمان من فوائدها، وسنبيّن بعض تلك الأمور الأخلاقيّة التي تعدّ ضروريّة في حياتنا الاجتماعية، لأنّ العبادة لا تقتصر في الإسلام على الصلاة، والصيام، والحجّ، والزيارة، والذكر، والدعاء، ولا تنحصر بالمساجد والمعابد والمزارات، بل يعتبر القيام بالمسؤوليّات الاجتماعية والإحسان وخدمة عباد الله، إذا  كان مع قصد القربة من أفضل العبادات، حيث يمكن أن يكون وسيلة لبناء وإكمال النفس والتقرّب من الله. فالسير والسلوك في الإسلام لا يستلزم الانزواء، بل يمكن أن يكون من خلال قبول المسؤوليّات الاجتماعية في وسط المجتمع، والتعاون في الخير والإحسان، والسعيّ في حوائج المؤمنين، وإدخال السّرور إلى قلوبهم، والدفاع عن المحرومين والمستضعفين، والاهتمام بأمور المسلمين، وقضاء حاجاتهم، وحلّ مشاكلهم، ومساعدة عباد الله؛ وكلّ هذه الأمور تعتبر في الإسلام من العبادات الكبيرة، وثوابها أكبر من عشرات الحجج المقبولة المبرورة.

1-    لين الجانب:

إنّ هذه الصفة عظيمة، وهي تعبّر عن وصول الرحمة إلى قلب الإنسان، وقد وصف الله تعالى بها رسوله الكريم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران/ 159).

2-    إدخال السرور على المؤمن:

وهو من الأهمية بحيث أنّ أهل البيت – عليهم السلام – قرنوا بين إدخال السرور إلى قلب المؤمن وبين سرورهم. فعن الإمام الصادق (ع): "لا يرى أحدكم إذا أدخل على مؤمن سروراً أنّه أدخله عليه فقط بل والله علينا، بل والله على رسول الله (ص)".

ومن أروع ما نجده في هذا المجال، وصيّة الإمام الصادق (ع) للنجاشيّ حيث يقول فيها: "يا عبد الله إيّاك أن تخيف مؤمناً، فإنّ أبي حدّثني عن أبيه عن جدّه، من نظر إلى مؤمن نظرة ليخيفه بها أخافه الله، يا عبد الله وحدّثني أبي عن آبائه عن عليّ (ع) عن النبيّ (ص) قال: "نزل جبرئيل (ع)، فقال: من أدخل على أخيه المؤمن سروراً فقد أدخل على أهل بيت نبيّه – عليهم السلام – سروراً، ومن أدخل على أهل بيته سروراً فقد أدخل على رسول الله (ص) سروراً، ومن أدخل على رسول الله (ص) سروراً فقد سرّ الله، ومن سرَّ الله فحقيق على الله أن يدخله مدخله...".

3-    الرفق والمداراة:

وقد وردت الروايات في الحثّ عليها، فعن رسول الله (ص): "مداراة الناس نصف الإيمان، والرفق بهم نصف العيش".

وعنه (ص): "رأس العقل بعد الإيمان بالله عزّ وجلّ التحبّب إلى الناس".

وعن الصادق (ع): "جاء جبرئيل (ع) إلى النبيّ (ص) فقال: يا محمّد ربُّك يقرئك السلام ويقول لك: دارِ خلقي".

وعن أمير المؤمنين (ع): "إنّكم لن تسعوا الناس بأموالكم، فسعوهم بطلاقة الوجه وحسن اللقاء".

وعنه (ع): "دار الناس تستمتع بإخفائهم، وألقهم بالبشر تُمِت أضغانهم".

4-    الكلام الطيِّب:

إنّ الكلام اللطيف مع الآخرين هو من مكارم الأخلاق، حتى أنّ الروايات قد فسّرت حسن الخلق به، كما مرَّ معنا في حديث الصادق (ع).

5-    الصفح عن الآخرين:

وهو من أعظم المكارم، فقد خاطب الإمام الصادق (ع) أحد أصحابه بقوله: "ألا أحدّثك بمكارم الأخلاق؟: الصفح عن الناس، ومواساة الرجل أخاه في ماله، وذكر الله كثيراً".

6-    قضاء حاجة المؤمن:

قال رسول الله (ص): "الخلق عيال الله، فأحبّ الخلق إلى الله مَن نفع عيال الله، وأدخل على أهل بيت سروراً".

عن الإمام أبي جعفر الباقر (ع) قال: تبسُّم الرجل في وجه أخيه حسنة، وصرف الأذى عنه حسنة، وما عبد الله بشيء أحبّ إلى الله من إدخال السرور على المؤمن".

وقال الصادق (ع): "مَن سرّ مؤمناً فقد سرَّني، ومَن سرَّني فقد سرَّ رسول الله، ومَن سرَّ رسول الله فقد سرَّ الله، ومَن سرَّ الله أدخله جنّته".

وعنه (ع): "لَقَضاء حاجة امرىء مؤمن أحبّ إلى الله من عشرين حجّة، كلّ حجّة ينفق فيها صاحبها مائة ألف".

وعنه (ع): "مشي المسلم في حاجة المسلم خير من سبعين طوافاً بالبيت الحرام".

وعنه (ع): "إنّ لله عباداً من خلقه يفزع العباد إليهم من حوائجهم، أولئك هم الآمنون يوم القيامة".

وعنه (ع): "أيُّما مؤمن قصده أخوه في حاجة، أو مستجيراً به في بعض أحواله، فلم يعنه ولم يجره، وهو يقدر على ذلك، فقد قطع ولاية الله، وأيُّما مؤمن منع مؤمناً شيئاً ممّا يحتاج إليه، وهو يقدر عليه من عنده أو من عند غيره، أقامه الله يوم القيامة مسودّاً وجهه، مزرقّة عيناه، مغلولة يداه إلى عنقه، ويقال له: هذا الخائن الذي خان الله ورسوله، ثمّ يؤمر به إلى النار".

وقد وردت في هذا الخصوص مئات الأحاديث عن الرسول (ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام).

قال الإمام الصادق (ع): "قال الله عزّ وجلّ: الخلق عيالي فأحبّهم إليَّ ألطفهم بهم وأسعاهم في حوائجهم".►

 

المصدر: كتاب دروس في تزكية النفس/ سلسلة المعارف الإسلامية

 

ارسال التعليق

Top