• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أبو طالب (رضي الله عنه).. سيِّد وكريم آل قريش

عمار كاظم

أبو طالب (رضي الله عنه).. سيِّد وكريم آل قريش

هو أبو طالب عمران بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن معد بن عدنان. ولد في مكة المكرمة قبل ظهور نور النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) بخمس وثلاثين سنة، واشتهر عنه إكرامه للنبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) ويظهر ذلك من وصيته لأبي طالب من بعده، قال: «يا بني أوصيك بعدي بقرّة عيني محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنت تعلم محله مني، ومقامه لدي، فأكرمه بأجل الكرامة، ويكون عندك ليله ونهاره ما دمت في الدُّنيا، ثم قال لأولاده: أكرموا وجلّلوا محمّداً، وكونوا عند إعزازه وإكرامه...». لقب أبوطالب (عليه السلام) بمؤمن قريش تشبيهاً له بمؤمن فرعون الذي يكتم إيمانه لمصلحة الدِّين والرسالة.

كانت لأبي طالب منزلة عظيمة عند النبيّ حيث قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «... إنّه لما كانت الليلة التي أسري بي فيها إلى السماء انتهيت إلى العرش، فرأيت أربعة أنوار، فقلت: إلهي ما هذه الأنوار، فقال: يا محمّد هذا عبدالمطلب، وهذا أبوطالب، وهذا أبوك عبدالله، وهذا أخوه طالب، فقلت: إلهي بما نالوا هذه الدرجة؟ قال: بكتمانهم الإيمان...». سُئل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): ما ترجو لأبي طالب فقال: «كلّ خير أرجو من ربي عزّوجلّ».

أبوطالب نسباً شريفاً يباهى به، حيث يعتبر بيت أبي طالب من البيوتات العريقة في مكة عموماً وفي قريش على وجه الخصوص، فقد كان هذا البيت مهيباً تتحاشاه قريش وكان سيِّدهم بلا منازع وكانوا يكنّون له الإجلال والاحترام والطاعة، وفي ظل ظرف البعثة النبوية الشريفة كان أبوطالب الناصر لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) والذائد عنه قبالة الهجمات القريشية التي حاول فيها عتاة هذه القبيلة منع نشر الرسالة الإسلامية واستهداف شخص الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) وقد ظلت نصرة أبي طالب طي السرية والكتمان للحيلولة دون استيلاء عناصر قريش من المشركين على دفة القبيلة وعندها لن يستطيع أبوطالب من السيطرة على الأمور بمثل ما هو عليه من الزعامة والرئاسة التي استغلها في تأسيس قاعدة رصينة للرسالة المحمدية. هو عم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأبو الإمام عليّ (عليه السلام)، وجدّ الإمامينِ الحسن والحسين (عليهما السلام). ولمّا بُعث النبيّ محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى البشرية مبشّراً ومنذراً، صدّقه أبوطالب وآمن بما جاء به من عندالله، ولكنّه لم يظهر إيمانه تمام الإظهار، بل كتمه ليتمكّن من القيام بنصرة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ومَن أسلم معه. كما قال العباس بن عبدالمطلب: «قلت لرسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): يا بن أخي، ما ترجو لأبي طالب عمّك؟ قال: أرجو له رحمة من ربّي وكلّ خير». وقال الإمام عليّ (عليه السلام): «ما مات أبوطالب حتى أعطى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من نفسه الرضا». وقال (عليه السلام): «والله ما عبد أبي ولا جدّي عبدالمطلب ولا هاشم ولا عبد مناف صنماً قطّ»، قيل له: فما كانوا يعبدون؟ قال: «كانوا يصلّون إلى البيت على دين إبراهيم متمسّكين به». تُوفي أخوه عبدالله ـ والد النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ والنبيّ حُمل في بطن أُمّه، وحينما ولد (صلى الله عليه وآله وسلم) تكفّله جدّه عبدالمطلب وهو في الثامنة من عمره حتى أنّه كان يفضله على أولاده، ولمّا حضرت الوفاة لعبد المطلب أوصى ولده أبا طالب بحفظ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وحياطته وكفالته، وكان عمره (صلى الله عليه وآله وسلم) ثمانية سنين، فكفله أبوطالب وقام برعايته أحسن قيام. كان أبوطالب يحبّ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حبّاً شديداً، وفي بعض الأحيان إذا رآه كان يبكي ويقول: «إذا رأيته ذكرت أخي»، وكان عبدالله أخاه لأبويه. تُوفّي (رضي الله عنه) في السابع من شهر رمضان بمكة المكرمة، ونزل جبرائيل ليلة وفاته فقال: «يا محمّد أخرج من مكة، فما لك بها ناصر بعد أبي طالب».

ارسال التعليق

Top