• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

أحباء إلى الأبد

د‌. فوزية الدريع

أحباء إلى الأبد
في مسرح الحياة، ننظُر ونرى أنّ هناك علاقات ناجحة، فيها زواج سعيد مستمر. نرى مُسنّاً ومُسنّة مازالت الابتسامة على وجهيهما، واليد في اليد، والخَدّ على الخَدّ. وحين تُحدّثهم يقولون: نعم.. بعد خمسين عاماً مازال الحب موجوداً. فما هو سرّ حالة "عشّاق إلى الأبد"؟ المسألة يبدو أنها تقطن في الدماغ نفسه. فهو الذي يرى في الشخص الآخَر ما إن كان يمثل احتياجاً رئيسياً. وهناك تجربة مُثيرة أُجريت على الأزواج الذين مرّت عليهم أكثر من عشرين سنة في الحياة المشتركة، ومازالوا في حالة حُب، والأزواج الذين توقف الحب عندهم. هناك المنطقة الأساسية في مُخ الإنسان، وهي منطقة الاحتياجات الرئيسية، عند تصويرها أثناء النّظَر إلى صورة شريك الحياة، تلمع وتعمل بشكل كبير لدى الفئة التي مازالت في حالة الحب، ولا تلمع عند الفئة التي مات عندها الحب. وهذا يعني أنّ الإنسان، حين يشعر بأن شريك حياته قد وفّر له احتياجاته الأساسية، يبقَى يحبّه. وبالطبع، هناك في مسألة الاحتياجات عوامل كثيرة. هناك احتياجات مادية، واحتياجات اجتماعية، واحتياجات نفسيّة. لكن العلاقات العاطفية التي تستمر دهراً طويلاً، هي غالباً علاقات فيها تَعلُّق، ولكنه ليس تعلُّقاً مرَضيّاً، بل تعلّق فيه قدر من الهدوء. وهذه هي النقطة الأهم في كل الأمر.. أي التعلق الهادئ وليس المرَضي المتَّسم بالجنون والغيرة والمطاردة. لكن السؤال الأساسي الذي يجب أن نسأله بشكل آخَر: ما الذي يجعل زواجاً ينجح وحُبّاً وعشقاً يستمران العمر كله؟ في اعتقادي، ناهيك عن كل الأمور الأخرى التي قلناها، هناك نقاط أساسية، شخصياً أعيشها، وهي كالتالي: ·   السياسة المتّبَعة في الزواج هي مثل سياسات الدول، تقوم على الاحترام ومُراعاة المصالح المشتركة، وبعض التعاون. ·   وجود قيَم مُتّفَق عليها، مثل قيمة العطاء المتبادَل، وقيمة الإخلاص، وقيمة الأمانة والثقة والعدالة وغيرها. فنحنُ نجد أنه كلما كانت القيَم مختلفة بين الأزواج، كان من الصعب إيجاد الألفة والوصل بينهما. ·   الرعاية المتبادل بين الزوجين. فكلما كان أحدهما يُراعي الآخر زاد الحب ونما. ما عندك، أو مدح عمل قمتَ به، يجعلكَ تحب الآخر. وهذا في اعتقادي أساس لجعل العشق يستمر. ·   إظهار الإعجاب مسألة في غاية الأهمية، بكل أسف، البعض تنطفئ رغبته في الإعجاب بشريك حياته، ويدخل مرحلة التعوّد بسرعة. وكلما دَرَّبَ الزوجان نفسيهما على تدعيم النقاط التي تُعجبهما في الآخَر، واستمرار ذكرها، استمر الحب. والأمر قد يكون مسألة تدريب، وعبارة بسيطة مثل: "عيونك مازالت حلوة"، أو "تفكيرك الرائع مازال يأسرني"، فهذه الأمور تجعل شعلة الحب متقدة. ·   الوقوف معاً في الشدائد هو الذي يجعل الحب مُتقداً ورائعاً بين الرجل والمرأة. والشدائد قد تكون نفسية، مرَضيّة، مالية، أو حتى أزمات قانونية.

ارسال التعليق

Top