• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

إدارة الوقت في الاجتماعات

د. عدي عطا حمادي

إدارة الوقت في الاجتماعات

◄يرى البعض أنّ الاجتماعات التي تعقدها الإدارات في المؤسسات تعد واحدة من أهم مضيعات الوقت، وأنّ الذين يصلون إلى مواقع الإدارة يتعرضون لضغوط في العمل أكثر بكثير مما يتعرض له الموظفون، خلافاً لتصور الموظفين أنفسهم من الذين يعتقدون أنّ المدير يشعر بالارتياح أكثر منهم، فيما هو يتمتع في حقيقة الأمر بقدر أكبر من السلطة والامتيازات. فالمدير تقع على عاتقه مهام التخطيط والمتابعة والرقابة والقيادة والتنظيم لمجمل العمل الذي يتم داخل المؤسسة ويرتبط بالمحيط أيضاً، كما أنّه يتعرض للمقاطعات والمداخلات أكثر من أي موظف تحت إدارته، كما أنّه ملزم بالرد على اتصالات كثيرة لا يمكن الاعتذار عنها كونها ترد إليه من مستويات عليا في الدولة أو ممن هم بنفس موقعه في المؤسسات الأخرى. كما أنّ المدير يعد الضحية الأولى ما ارتكبت أخطاء فادحة في المؤسسة – والكلام هنا طبعاً يصح إلى حد كبير في المؤسسات التي تخضع في عملها لسياقات وأعراف رصينة – فنجد في حادثة تصادم قطارين مثلاً، لا يتم تحميل المسؤولية الكبرى للكادر الفني المسؤول عن حادثة كهذه، مع أنّهم يتحملون جزءاً من المسؤولية. وهذا الأمر نابع عن إحساس الوزير بالمسؤولية تجاه المؤسسة التي يكون مسؤولاً عنها وإقراره بعدم قدرته على الإيفاء بالجدول الزمني الذي وضعه لوزارته عند تسلمه مهام منصبه ابتداءً.

كذلك، نجد في النظم السياسية المتقدمة، أنّ رئيس الوزراء أو رئيس الدولة يقدم استقالته إذا جرت مسائلته من قِبَل نواب الشعب عما أنجزته حكومته عبر فترة زمنية معينة يكون هو وحكومته قد تعهدوا بإنجاز برنامجهم الحكومي خلالها. كما أنّ نظرة النظام السياسي في الدول المتقدمة عموماً للوقت تعد نظرة غاية في الموضوعية والحذر، فنجد أنّ الحكومة في حال الأزمات تطلب من نواب الشعب فترة زمنية محددة لتقوم بالإصلاحات أو تخذ الإجراءات التي تراها كفيلة بإخراج البلد من أزمته، فإن أحست هذه الحكومة أنها غير قادرة على الوفاء بوعودها هذه، حتى وإن كان ذلك قد ثبت لها في مرحلة مبكرة من عمرها التشريعي، فإنّها تبادر إلى تقديم استقالتها لتحقق أمرين: الأوّل هو إتاحة الفرصة لبرنامج آخر (مشابه أو معارض) بلعب دوره التنفيذي من منطلق التداول السلمي للسلطة، والثاني، وهو الأهم برأيي، الحفاظ على ما تبقى من العمر التشريعي للحكومة ومنحه للحكومة التالية لاستثماره ضمن برنامجها البديل، لأنّ هذه المجتمعات وعت جيداً أنّ إضاعة أيام أو أسابيع دون القدرة على الفعل تعني تضييع فرصة كبيرة على المجتمع للتقدم والتطور، فما بالك بمن يضيع شهوراً طويلةً في صراعه على السلطة مع أنّه يصل إليها بفضل أصوات الناخبين الذين منحوا الحكومة ثقتهم لتنفيذ برنامجها ضمن السقف الزمني الممنوح لها من قِبَل نواب الشعب.►

 

المصدر: كتاب مهارات إدارة وتنظيم الوقت

ارسال التعليق

Top