• ٢٦ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٧ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإسلام والإنسان.. حقائق ومبادئ

د. إيمان إسماعيل عبدالله

الإسلام والإنسان.. حقائق ومبادئ
  جاءت عقيدة الإسلام لتحمل إلى البشرية والنور والخير والرشاد، فالإسلام يوجب العدل ويحرّم الظلم ويجعل الناس سواسية، ويؤلف بين القلوب بتعاليمه السامية وقيمه الرفيعة التي تتفق مع خصائص الفطرة وتتسق مع مقتضيات العقل. إنّ الإسلام دين الفطرة ودين العقل والحكمة والبر، قال الله تعالى: (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (الروم/ 30). وتبيّن الآية الكريمة، أنّ الإسلام هو الدين الجامع الذي يستقيم مع إمكانات الإنسان، فرداً ومجتمعاً، ويلبّي احتياجاته ويرتقي بخصائصه وصفاته، وإنّه الدين الذي يُؤمّن الطمأنينة والسلام لنفس الإنسان، بما يكفل له سعادتي الدنيا والآخرة. وفي بيان جانب من الحقائق والمبادئ التي تربط بين الإسلام والإنسان. أنّ الإسلام نور روحي قلبي يهبه الله لمن يشاء من النفوس الطاهرة ليَهديها إلى الصراط المستقيم، والإسلام هو دين الله تعالى الذي نادَى به جميع الرُّسل أوّلهم وآخرهم، والإسلام هو الدين الحق الذي أنزله الله تعالى على رسوله (ص) ليبلغه للناس أجمعين ويهدي العالم إلى الخير الحقيقي والسعادة الأبديّة.  

 - هذا هو الإسلام:

الإسلام دين الفطرة الإنسانية السليمة والعقل السليم والمنطق القويم، دين خالد بمبادئه الإنسانية ومثله الروحية وحضارته الحقيقية وعناصره الإلهيّة، التي تمثل الحرية والوفاء والإخلاص والأمانة، والإسلام دين ينظُر إلى الإنسانية نظرة واحدة، فيها العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، ولا يُفرّق بين فرد وآخر بسبب جنسه أو لونه أو عنصره، فهو ضد العصبيّة والتفرقة العنصرية، لا فضل فيه لعربي على أعجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح. فالناس في الإسلام متساوون في كل شيء. والإسلام مثالي في روحه وأخلاقه وأدابه ومعاملاته وأنظمته وأحكامه، لأنّه ينادي بالكمال الإنساني. لذا، فقد حقق على مدار نشأته دولاً وشعوباً مترابطة متماسكة، تجمع القيم والمبادئ والسعي وحُسن العمل. والإسلام دين الإخلاص، فهو ينادى بأن يعبُد الإنسان الله كأنه يراهُ، وأن يرضيه في السر والعلانية ويتقيه حَقّ تُقاتِه. قال عزّ من قائل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) (آل عمران/ 102)، وتفسير (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ) هو أن يُطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر بنعمته، ويذكر فلا ينسى.   - الدِّين عند الله.. الإسلام: إنّ الدين عند الله هو الإسلام الذي أنزل على خاتم الرُّسل محمد (ص)، وأوحى به إليه لهداية الناس كافة. قال تعالى: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا...) (الأعراف/ 176)، لأهديكم الطريق المستقيم وآمركم بالمعروف وأنهاكُم عن المنكر وأجمع كلمتكم وأربط بين قلوبكم وأنشر التوحيد والعدالة والمساواة بينكم، حتى لا تعيشوا في نزاع دائم وشِقاق مستمر. لقد تعدّدت الديانات في هذا العالم وتنزاع أتباع كل دين، مع أنّ الخالق واحد والدّين لديه واحد والمُوحي به واحد، هو الله أحد، الله الصَّمَد، الذي نحتاج إليه في كل صغيرة وكبيرة، لم يَلِد ولم يُولَد، ولا مثيل له. وهذا الدين عند الله هو الإسلام. قال جَلّ شأنه بعد أن أدّى الرسول الخاتم رسالته خير أداء: (.. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسْلامَ دِينًا...) (المائدة/ 3). وقال (ص): "إنّ مَثَلي ومَثَل الأنبياء من قبلي، كمَثل رجل بنى بيتاً، فأحْسَنَهُ وأجْمَلُه إلا مَوْضِع لَبِنَة من زاوية، فجعل الناس يطوفون به، ويعجبُون له ويقولون: هلا وضعت هذه اللَّبنة؟" قال: "فأنا اللَّبنة، وأنا خاتم النّبيين" (صحيح البخاري). وقال الله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ * فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالأمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ فَإِنْ أَسْلَمُوا فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) (آل عمران/ 19-20). وقال عزّ وجلّ: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسْلامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (آل عمران/ 85). أي، ومَن يطلب بعد رسالة محمد (ص) ديناً غير دين الإسلام وشريعة غير شريعته، فلن يقبل الله ذلك منه، لأنّ الإسلام الذي جاء به المصطفى (ص) هو الدين المرضيّ عند الله عزّ وجل. فالإسلام دين الله، نادَى به أوّل الرُّسل وآخر الرُّسل. قال تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاّ نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) (آل عمران/ 64). أي، قل يا محمد لليهود والنصارى، تعالوا إلى كلمة عادلة تتحقق فيها العدالة والإنصاف، ولا خلاف فيها بيننا وبينكم وهي قوله تعالى: (أَلاّ نَعْبُدَ إِلا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ). وقال عزّ وجلّ: (وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ...) (النساء/ 125). وقال عزّ مَن قائل: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (البقرة/ 112). لقد دعا إبراهيم وإسماعيل – عليهما السلام – أن يجعلها الله مسلمين ويجعل من ذرّيتهما أمّة مسلمة لله. ويبعث فيهم رسولاً منهم. قال تعالى: (رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨)رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (البقرة/ 128-129). وقال عزّ وجلّ: (إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (البقرة/ 131).  

 - الإسلام والإيمان:

سأل رجل: يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال: "أن يُسْلِم قلبك لله عزّ وجل، وأن يَسْلَم المسلمون مِن لسانك ويدك" (رواه الألباني). وفي رواية أخرى: "أنْ تُسْلِم قلبك لله، ويَسْلَم المسلمون مِن لسانك ويدك". وقال (ص): "أتدرُون مَن المسلم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: "مَن سَلِمَ المسلمون مِن لسانه ويده". قال: "أتدرُون مَن المؤمن؟" قالوا: الله ورسوله أعلَم. قال: "مَن أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، والمهاجر مَن هَجَر السوء فاجتنبهُ" (مسند الإمام أحمد).

ارسال التعليق

Top