• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام الصادق (عليه السلام).. مؤسس النهضة الفكرية

عمار كاظم

الإمام الصادق (عليه السلام).. مؤسس النهضة الفكرية

الإمام الصادق (عليه السلام) من أُسرة كريمة، هي أجل وأسمى أُسرة في دنيا العرب والإسلام، تلك الأُسرة التي أنجبت خاتم النبيّين وسيِّد المرسلين محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنجبت عظماء الأئمّة وأعلام العلماء، وهي على امتداد التاريخ لا تزال مهوى أفئدة المسلمين، ومهبط الوحي والإلهام. الإمام الصادق (عليه السلام) أثرى شخصية علمية عرفها التاريخ البشري في مواهبه وعبقرياته، التي لا حدّ لأبعادها، ولا نهاية لآفاقها، فقد فجّر هذا الإمام الملهم ينابيع العلم والحكمة في الأرض، وملأ الدنيا بمعارفه ومن فيض علومه انتهل أئمّة المذاهب الإسلامية، وتغذّوا من موائده التشريعية، ولا تزال ثرواته العلمية الهائلة ندية تزخر بالعطاء خصوصاً فيما يتعلق منها بالأحكام الشرعية من عبادات ومعاملات، كما يقتبس من أصالتها وعمقها علماء القانون فيما يؤسسون من أحكام.

وساهم هذا العملاق العظيم مساهمة إيجابية وفعّالة في بناء الحضارة الإنسانية، وتطوير الحياة العامّة، وتنمية الفكر البشري، وذلك بما اكتشفه واخترعه من وسائل التكنولوجيا المتطوّرة التي دفعت الإنسان إلى التقدم في جميع وسائل الحياة. من هذه الأُسرة التي أغناها الله بفضله، والقائمة في قلوب المسلمين وعواطفهم تفرع عملاق هذه الأُمّة، ومؤسِّس نهضتها الفكرية والعلمية الإمام الصادق (عليه السلام)، وقد ورث من عظماء أُسرته جميع خصالهم العظيمة فكان ملء فم الدنيا في نزعاته وصفاته.

قام (عليه السلام) بتفجير ينابيع العلم والحكمة، وفتح للناس أبواباً من العلوم لم يعهدوها من قبل، فملأ الدنيا بعلمه ونقل الناس عنه الكثير من العلوم. ومن أبرز الفعاليات التي بذلها سليل النبوّة في نشر العلم وإشاعته بين الناس، تنميته لجامعة أهل البيت (عليهم السلام)، ومدّها بعناصر الحياة والبقاء.. ونظراً لدوره الإيجابي والفعّال في اتّساعها، وانطلاقها من مستوى خاص إلى مستوى عالٍ جدّاً بلغت به القمة من بين المعاهد والجامعات العلمية في جميع العصور، ولهذا فقد نسبت إليه، وأضيفت إليه. لقد عملت جامعة الإمام الصادق (عليه السلام) على تنوير الفكر البشري، وتطوير المجتمع الإنساني، وإبراز القيم الإسلامية، وقد أنتجت صفوة العلماء، وقادة المفكرين والمبدعين والمخترعين، وقد جهدوا بإخلاص على نشر العلم بجميع أنواعه، وببركتهم نضجت الحياة الفكرية في ذلك العصر واستحقّ أن يمنح وسام العصر الذهبي في الإسلام.

وقد أدلى بعض الباحثين عن مدرسة الإمام الصادق بما يلي: «الحقيقة أنّ مدرسة الإمام جعفر الصادق الفكرية قد أنجبت خيرة المفكرين، وصفوة الفلاسفة، وجهابذة العلماء، وإذا كانت هناك حقيقة يجب أن تُقال، فهي: إنّ الحضارة الإسلامية والفكر العربي مدينان لهذه المدرسة الفكرية بالتطور والرقي والخلود ولعميدها الإمام الصادق (عليه السلام) بالمجد العلمي، والتراث الثمين».

بعد هذا العمر المليء بالعلم والعمل والسعي والجهاد والفضل والتقوى، فارَقَ حفيدُ الرسول الأعظم، الإمام جعفر بن محمّد الصادق (عليه السلام) الحياة التي لم يُرَ فيها إلّا عالِماً زاهداً، مُدافعاً عن الحقِّ والعدل، داعياً إلى الله تعالى، فاعلاً للخير ودالّاً عليه، ناهياً عن الشرِّ ومُحذِّراً منه مُحتسِباً مُنيباً إلى الله تعالى، صابراً على كلّ ما أصابه من ظلم وجور، منيراً للأُمّة طريق سعادة الدارين، رافعاً للأجيال راية الكفاح من أجل الحفاظ على شريعة الله تعالى، ومقاومة كلّ ضلال وانحراف، مبرهناً للناس بشخصيته المباركة الفذّة أنّ «مدرسة الإسلام» تُنشئُ الرجولة والبطولة، وتبني العقيدة والخُلُق، وتفجِّر النافع والفهم الواسع، وتشيعُ الخير في العالمين، وانتقل إلى جوار ربِّه في شهر شوّال سنة (148هـ).

ارسال التعليق

Top