• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإمام عليّ (عليه السلام).. بطل الإسلام

عمار كاظم

الإمام عليّ (عليه السلام).. بطل الإسلام

الإمام عليّ (عليه السلام) هو الإنسان الذي عاش حياته كلّها مع الله تعالى، لله وفي سبيل الإسلام، حيث كان (عليه السلام) يخشع وهو يخاطب ربّه: «يا ربِّ، كنت أوّل مَن سمع الدعوة، وأوّل مَن أجاب رسولك، وأوّل مَن صلى معه، وسأبقى الأوّل، أسمعك وأسمع آياتك، وأستجيب لرسولك من خلال رسالتك، وتبقى الصلاة التي كانت قرّة عين رسولك قرّة عيني، تلك التي بدأتها في بيتك الحرام، وسأنهيها في بيتك». فكان الإمام عليّ (عليه السلام) يريد للناس أن يجتمعوا إليه ليقتدوا به، لأنّه (عليه السلام) لا يعتبر الحكم حالة شخصية، بل هي ـ عنده ـ مسؤولية يخضع لها الحاكم، وكان (عليه السلام) يعيش التواضع للناس كافّةً، فكان يقول لهم في بعض كلماته، إنّه ربّما جال في نظركم أنّي أحبّ الإطراء والفخر، ولو كان كذلك، لتركته لله سبحانه وتعالى.

كان (عليه السلام) بطل الإسلام في كلّ حروب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وكان معه في ليله ونهاره، وكان النبيّ يحدّثه بكلّ ما ينزل عليه من الوحي، حتى كان يقول: «سلوني قبل أن تفقدوني، فما من آية إلّا وأعرف أنّها نزلت في سهلٍ أو جبل، وفي ليل أو نهار». (عليه السلام) کان بطل الإسلام الذي خاض حروب المسلمين، وقد قتل في «بدر» نصف قتلى المشركين، وشارك المسلمين في النصف الآخر، وكان بطل «أُحُد» و«الأحزاب»، عندما انطلق المشركون في أحلافهم، وهجموا على المدينة ليسقطوها ويسقطوا الإسلام. لم تكن الشجاعة والبطولة عنده حالة ذاتية، ولم يكن السلاح مُلكاً شخصياً له، فهو يعتبر ذلك مُلكاً لله، لهذا كان لا يحرّك سلاحه إلّا في المواقع التي يريد الله منه أن يحرّك سلاحه فيها، كان ينتظر أمر الله، وينتظر المعركة التي يشعر بأنّ الله يرضى بها، ولا يسمح لنفسه بأن يدخل في أيّة معركة يمكن أن لا تكون في رِضا الله، أو يمكن أن تسيء إلى الإسلام.

وهكذا من خلال دراسة حروب الإمام عليّ (عليه السلام)؛ منذ الحرب التي بدأها في بدر مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، حتى الحرب التي انتهت بها حياته بعد ذلك مع الخوارج، نرى أنّ الإمام عليّاً (عليه السلام) كان يبحث عن الأساس الشرعي للحرب، وكان يريد أن يعرف كيف تتحرّك الحرب في طريق الله وفي طريق الإسلام، ولا تتحرّك في طريق الذات وطريق الشهوات. وهكذا رأينا الإمام عليّاً (عليه السلام) في سلمه وحربه؛ فهو يسالم، لا لأنّ مصلحته الشخصية تفرض عليه السِّلم، ولكن كان يسالم إذا كانت مصلحة الإسلام تفرض عليه السِّلم، حتى لو كان السِّلم على حساب قضاياه الخاصّة، ولهذا كان يقول: «لأسلمَنَّ ما سلمت أُمور المسلمين». كان يُسالم عندما يرى أنّ قضايا المسلمين تفرض عليه أن يسالم، ويحارب عندما يرى أنّ حياة المسلمين ومصلحة الإسلام تفرض عليه أن يحارب، كانت حربه منطلقاً في طريق الله، وكان سلمه متحركاً في طريق الله.

عندما انطلق الإمام (علیه السلام) في حياته، كان يستصغر كلَّ مَن حوله أمام الله، ولهذا لم يكن يخاف من أحد، لأنّ خوف الله قد شغله، ولأنّ شعوره بعظمة الله جعله ينشغل عن النظر في عظمة الآخرين. ولهذا كان الإمام عليٌّ (عليه السلام) البطل الذي لا يخاف، كان الكرّار غير الفرّار، قالها رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو يفتح للمسلمين سرّ شخصية الإمام عليّ (عليه السلام): «لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله، كرّار غير فرّار، لا يرجع حتى يفتح الله على يديه».

يحبّ الله، فيكرُّ على أعداء الله، ويحبّه الله، فيستمدّ القوّة من محبّته ليثبت في المعركة، لأنّه يشعر بأنّه برعاية الله يتحرّك. هذه الروح التي أراد الإمام عليّ (عليه السلام) أن يجعل الناس يتحرّكون من خلالها، لأنّ أيّة قضية وأيّة مشكلة وأيّة معركة، إذا لم تكن منطلقة من عمق الإيمان ومن روحيّته، فإنّها تظلّ معركة على السطح، وتظلّ معركة لا تثبت فيها الأقدام.

ارسال التعليق

Top