• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الإيمان يمنح البركة والقوة للمجتمع

سلسلة المعارف الإسلامية

الإيمان يمنح البركة والقوة للمجتمع

◄الإيمان يدفع الأفراد نحو التقدّم المطرَّد، والسير إلى الأمام وعدم الانكفاء إلى الوراء، قال النبي (ص): "من اعتدل يوماه فهو مغبون، ومن كان غده شراً من يومه فهو ملعون، ومن لم يتفقد النقصان من نفسه فهو في نقصان، ومن كان في نقصان فالموت خيرٌ له". وعن علي بن الحسين (ع) قال: "بينما أمير المؤمنين ذات يوم جالس مع أصحابه يعبيهم للحرب إذ أتاه شيخ عليه شحبة السفر.. فقال: إنّي أتيتك من ناحية الشام وأنا شيخ كبير وقد سمعتُ فيك من الفضل ما لا أحصيه وإني أظنّك ستُغتال! فعلمني ما علمّك الله قال: نعم يا شيخ من اعتدل يوماه فهو مغبون.. ومن كان في نقص فالموت خير له".

    إذن فالإيمان يُحفز أفراد المجتمع على التقدم نحو الأفضل، والاستفادة من طاقاتهم وقدراتهم على النحو الأكمل.

    وعلى هذا الصعيد لابدّ من التنويه على أنّ التوجه المخلص لله تعالى تنعكس آثاره النافعة على الطبيعة التي يعيش فيها الإنسان فتجود – بإذن الله تعالى – بالخير والبركة الأمر الذي يساعد على زيادة القوة سواءاً كانت قوة إقتصادية أم اجتماعية وما إلى ذلك. ومن الشواهد القرآنية على ذلك ما قاله النبي هود (ع) لأبناء مجتمعه الذين أصابهم القحط والجدب بسبب كفرهم وإعراضهم عن الله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ) (هود/ 52).

    لقد بدا واضحاً أنّ هود (ع) قد أعلم قومه الكافرين بأنّ طريق الإيمان والهداية يؤدي إلى حصول الخير والبركة للمجتمع حيثُ ترسل السماء مطرها الغزير وتجود الأرض بالخصب فتتضاعف القوة. أما الاعراض على طريق الإيمان فسوف يُنذر بعواقب خطيرة تبرز مؤشراتها المأساوية بارتفاع البركات المؤدي إلى تدمير المجتمعات، قال تعالى: (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ * وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ) (النحل/ 112-113).

    وهكذا نجد أنّ الكفر عامل أساسي في تدمير المجتمع وفناءه.

    وقد دمّر الله تعالى الأُمم الكافرة بمختلف ألوان وأشكال العذاب وكانت الطبيعة أداةً هامة في تنفيذ العقوبة الإلهية.

    وقد خاطب تعالى الكافرين محذراً من الاغترار بدوام حالة الأمن التي يعيشونها، فإنّ من سُنته الإمهال قبل حلول النكال، قال لهم بصيغة الاستفهام الانكاري: (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جَانِبَ الْبَرِّ أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِبًا ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلا * أَمْ أَمِنْتُمْ أَنْ يُعِيدَكُمْ فِيهِ تَارَةً أُخْرَى فَيُرْسِلَ عَلَيْكُمْ قَاصِفًا مِنَ الرِّيحِ فَيُغْرِقَكُمْ بِمَا كَفَرْتُمْ ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ عَلَيْنَا بِهِ تَبِيعًا) (الإسراء/ 68-69).

    ومن يقرأ سورة هود يلاحظ أنها تستعرض سريعاً أوجه الدمار الذي حلَّ بالمجتمعات الكافرة ابتداءاً من قوم عاد إلى قوم فرعون. وتستخلص السورة من كلِّ ذلك عبرة قيّمة مفادها أنّ الظلم كان السبب وراء تدمير المجتمعات: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) (هود/ 102).

    وهذا بخلاف الإيمان الذي تمتد بركاته وثماره لا إلى حياة المؤمن فحسب وإنما إلى أبنائه وأحفاده قال النبي (ص) في وصيته لأبي ذر: "يا أبا ذرّ إنَّ الله يصلح بصلاح العبد ولده وولده ولده ويحفظه في دويرته والدور حوله ما دام فيهم".

    وصفوة القول إنّ الإيمان بمثابة السور الوقائي الذي يقي المجتمع من الدمار ويحقق له البركة والرفاهية ويمنحه القوة. أمّا الكفر وما يرافقه من الظلم فإنّه ينطوي على نتائج مأساوية كالدمار والبوار. ►

 

  المصدر: كتاب الإيمان والكفر وآثارهما على الفرد والمجتمع

ارسال التعليق

Top