• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التخطيط السليم للسفر

التخطيط السليم للسفر

بدأت العطلات الرسمية للطلاب وبدأ معها استعداد الأُسر للسفر والتخطيط له، إلا أنه أحياناً يفتقد البعض لأساليب هذا التخطيط أو ربما يقصدون وجهتهم من دون تخطيط من الأساس، وهو ما يتسبب أحياناً في وجود خلافات تعكر صفوة الرحلة أو تهدمها من البداية.

شيخة سعيد "ربة منزل"، تقول: الإعداد للسفر من الأمور التي تشعل خلافات كثيرة داخل البيوت، فعن تجربة تعرضت ابنتي لموقف كاد أن يعصف بكيان أسرتها كله، بعد أن عندت مع زوجها وضربت بكلامه عرض الحائط مصممة على مشاركة أخواتها وأُسرهن رحلة سياحية خارج البلاد، من دون أن تراعي ظروفه، والذي أخبرها أكثر من مرة على صعوبة ذلك نظراً لإرتباطه بتدبير نفقات بيت جديد لها ولأبنائها، وأمام هذا التعنت في الرأي والذي أراه أشبه بموقف طفلة تتمسك بلعبة، قامت الدنيا ولم تقعد واشتد الخلاف بينهما لدرجة جعلها تحمل أغراضها وتأتي إلى بيت والدها، والذي رفض تصرفها وقام بتوبيخها لبساطة المشكلة والتي كبرت من دون داع.

تضيف نائلة سيف "موظفة"، ما أن يبداً الصيف إلا ويبدأ معه كم من المشكلات داخل البيت بسبب الوجهة السياحية التي نقصدها، والحقيقة أنني أظل متخوفة حتى يستقر رأي الجميع على مكان وبلد بعينه، فلدي 5 أيناء أكبرهم في الجامعة وأصغرهم عمره 8 سنوات، كّل واحد فيهم برأي وكلمة مختلفة عن الآخر، بجانب رأي زوجي والذي دائماً ما يكون عكس التيار، أما أنا فأنتظر حتى النهاية فقط لكي ارجح كفة العد الأكبر، وهي مشكلة تؤرقني وتستزف وقتاً ومجهوداً بدنياً ونفسياً كبيراً، حيث لي واقعة ما زالت عالقة في ذهني ففي إحدى السفرات اتفق أبنائي على الذهاب لدولة أجنبية على الرغم من عدم ميول أبيهم لاختيارهم، وبعد أن سافرنا فوجئنا بوجود الفندق الذي وقع اختيارنا عليه في مكان ناء فوق جبل، وهو ما أربك الجميع خاصة زوجي الذي يعاني مشكلات في القدم وهو ما جعله يقضي معظم الوقت داخل الفندق وهو ما أثر سلباً في عدد الأماكن التي كان من المفترض زيارتها، كلّ  هذه الظروف جعلت الكل ينتظر انتهاء موعد الرحلة وقدوم الوقت الذي نعود فيه إلى المنزل بفارغ الصبر.

الظروف الطارئة

ترى علا نزال "مستثمرة"، أن سبب تعكير جو الأسرة للسفر هو عدم التخطيط المادي المنظم، وتعلق: أعتبر من يقترض من أجل التنزه إنسان غير عاقل، فبعد أن تنتهي الرحلة والتي لا تستغرق سوى أيام قليلة تبدأ معاناة تسديد المبالغ المستحقة وهي مشكلة قد تؤدي إلى خلافات كبيرة داخل الأسرة، فنحن بطبيعة الحال كثيرو السفر ولدينا مقدرة مادية تساعدنا على عدم التفكير والتخطيط بشكل منظم لميزانية السفر، حيث نترك الأمور كما تود أن تسير، وإن كنت أحاول أن أدخر بعض المال طيلة العام من أجل الظروف الطارئة التي قد تحدث ونحن بعيدون عن ديارنا.

سالم صالح "أعمال حرة"، يقول: تزوجت منذ 3 أشهر تقريباً ونظراً للظروف المرتبطة بإعداد العرس وغيرها من النفقات، قررت عدم السفر لأي وجهة هذا الصيف حتى لا أربك ميزانيتي وأضطر للاستدانة من أجل السفر، والحقيقة أن زوجتي متفهمة لذلك ولا تحاول أن تضغط علي، فكم من بيوت هُدمت بسبب عدم تحديد الأولويات ووقوع أصحابها في فخ الإنفاق غير المقنن على غير الضروريات. ثريا محمد، تقول: الأم دائمًا هي من تضحي في مسألة السفر وتكون آخر من يبدي برأيه حتى تسير الأمور على الوجه الذي يرضي الجميع، فقد كنت أستعد في هذا الصيف لمشاركة عائلتي وجهتهم إلى تركيا، إلا أنني تنازلت عن الذهاب معهم حتى أظل بجانب ابنتي التي تنتظر مولودها في أي وقت، فالرحلة على الرغم من أن الجميع يكون في حاجة  إليها، إلا أنها تظل تحت إمرة الصغار الذين يقررون وجهتها ومعادها والأماكن التي يقصدونها.

 وترى زينب جاسم "موظفة"، أن تحديد الأولويات ووضع ميزانية مسبقة لكل شيء يجنب أسرتها كثيراً من الخلافات، وتضيف: نفقات السفر مسؤولية يتحملها زوجي كاملة ويضع لها خططاً كباقي البنود المتعلقة بحياتنا وها نحن نستعد كأسرة للذهاب إلى ألمانيا والحقيقة أنه يبذل مجهوداً كي نحصل على غايتنا من الرحلة ونستمتع بكل لحظة فيها، ويكون ذلك بوضع مخطط مالي مثله كالأمور المتعلقة بميزانية البيت والتزاماته، وكذلك خطط نسير عليها أثناء الرحلة حتى لا نفاجأ بما يعكر الأجواء، فنحن نعمل طيلة العام ونكون في حاجة للتغيير الذي لا يتحمل أن يسبقه مشاكل أو توترات.

من جانبها تقرر أم محمد الحبسي، "ربة منزل"، وجهتها التي تقصدها وأسرتها على حسب ما يتوفر لديها من إمكانيات مادية، وتشير: نرى كثيراً من المشكلات التي تقع بين الزوجين بسبب السفر والتخطيط له، وهي مشكلة أراها تافهة لا تحدث شرخاً بين اثنين، وللأسف أحياناً قد تصل الخلافات إلى أروقة المحاكم والتي تكون شرارتها تلك الرحلة أو ذاك، ولذلك احاول جاهدة كربة بيت ومسؤولة عن الجميع أن أعدل كفة الميزان ولا أجعل لرحلة قصيرة تداعيات غير محببة، ولذلك عندما نقرر السفر ويكون ذلك بالإجماع وبعد التشاور والحوار المشترك بيني وبين افراد أسرتي نجلس لوضع الميزانية فإذا كانت دولة أوروبية كالمملكة المتحدة أخبر الجميع ان السكن في لندن غالٍ ويحتاج إلى مبالغ كبيرة، وبعد مشاورات إما أن نقرر السفر لتوافر الإمكانيات أو نعدل عن الفكرة ونستعيض عنها بخطة أخرى تتماشى مع ميزانية الأسرة.

مصيدة الأسواق

ويضيف علي العامري "رجل أعمال"، قائلاً: لي خبرة طويلة في السفر اكتسبتها مند أكثر من 20 عالماً، فلا ارتبط بشركة بعينها بل بالخدمة المميزة، فعن تجارب سابقة أرى أن الاعتماد على مندوب يختار الوجهة والأماكن وحجز التذاكر يعرض صاحبها لشرك النصب والاحتيال، ولذلك أقوم بعمل كلّ خطوة بنفسي وبعد ذلك يأتي دور زوجتي التي تساعدني كثيراً في ضبط مسألة التسوق في البلد الذي نقصدها، فللأسف يقع الكثيرون في مصيدة الأسواق والتي تستنزف مبالغ ربما تكون مخصصة للتنزه والاستمتاع، حيث تقوم زوجتي بإبلاغ أبنائي بشراء السلع الخاصة من إنتاج البلد لما لها من ميزة رخصها وعدم الاكتراث بالسلع الموجودة في متاجرنا. يعلق على حديث الأب، ابنه إبراهيم "17 عاماً" ويضيف: استمتع كثيراً بالرحلات التي يخطط لها والدي، فكل شيء معه يكون بحساب ولا يترك مجالاً للمفاجآت غير السارة، فرحلتنا المقبلة إلى النمسا ونخطط لها سوياً من الآن، حتى الرحلات التي لا يكون فيها معي والدي أحرص على التزود بخبراته وأضع كلامه نصب عيني، فهو ذو خبرة عالية في السفر يستفيد منها كلّ أفراد الأسرة.

الخروج من الأزمة

عبدالرحمن آل عبدالله مستشار اسري وتربوي واختصاصي تعديل سلوك، يقول: إذا تسبب السفر من أجل التنزه والاستمتاع في إرباك حياة الأسرة وخلق حالة من التوترات، التي تصل في بعض الأحيان بأصحابها إلى أروقة المحاكم فليس هناك داع لذلك/ فللأ سف قد يؤدي خلاف في وجهات النظر على مسألة السفر إلى خسائر مادية بل ومشكلات قد تمتد لأشهر بين الزوجين، نتيجة للإخفاق في ترتيب الألويات وعدم التخطيط الجيد للسفر، والشاهد على ذلك كثير من الخلافات التي تعرض علينا خاصة مع اقتراب موسم الإجازات الصيفية، فقد جاءات إلي زوجة تعرض علي مشكلتها والتي بدأت بتسرعها في حجز تذاكر سفر لها ولأسرتها لإحدى الدول الإسكندنافية

تكلفت 65 ألف درهم ما بين تذاكر وإقامة في الفنادق وتنقلات وغيرها، وعندما جاءت لتبشر زوجها بموعد الحجز أخذ يصرخ في وجهها ويخبرها بارتباطه بسفرة مع أصدقائه في التوقيت نفسه، وما منه إلا وحمل حقيبته وطالبها بالتصرف والخروج من الموقف الذي وضعت نفسها فيه، فما منها إلا وأخذت تبكي حظها لتقرر الانتقام  من زوجها بتعكير صفوه اثناء رحلته، وأخذت بمطاردته عبر الهاتف وهو في دولة ثانية ليثأر الزوج ويغضب ويفقد أعصابه ويقوم بتطليقها، وحالة أخرى لزوجة موظفة لديها طفلان أصرت على القيام لرحلة في وقت لم يكن الزوج لديه الوفرة المادية، وأمام إلحاحها أخبرته بتدبير المال وما عليه سوى السفر للاستمتاع، وبالفعل أخبرته بقدرتها على تحقيق ذلك ومن دون أن يعلم قامت بالإقتراض من البنك وبعد 3 أشهر من عودتهما أخبرته بوجوب الوفاء بالدين، ليغضب الزوج فقد اعتقد أنها كانت تدخر بعض المال أو باعت بعضاً من مصوغاتها، ليقرر هو تصحيح خطأها بالالتزام وحده بتسديد الدين، ليتسع الخلاف وتصل المشكلة إلى أروقة المحاكم والتي بموجبها حولت القضية إلى الموجهين الأسريين.

ويتابع: قد تنتج بعض المشكلات بسبب السفر عندما تحاول الزوجة التخطيط لشيء بعيداً عن شريك حياتها، مثل تلك التي اتفقت مع صديقتها على القيام بالرحلة نفسها من دون علم الزوجين ليظهر الأمر كونه مصادفة، حيث قامت هي وصديقتها بالحجز في الفندق نفسه واتفقتا على الالتقاء في أحد المزارات كي يبدو اللقاء غير مرتب، وعندما التقت الأسرتان غضب الزوج لتك المصادفة التي استشعر فيها النية المبيتة وتركها ومشي بسبب عدم توافقه مع زوج الصديقة والتي تجمعهما علاقة غير جيدة، لتتحول الأجواء إلى خلافات وصراعات بين الأسرتين، وحالة أخرى لزوج أصر عل التخطيط لرحلة إلى دولة جوها غير مناسب لطفلتيه وعلى الرغم من محاوله الأم لتغيير وجهة نظره إلى الوجهة التي قصدوها أصيبت الطفلتان بمرض شديد وهو ما أربك حال الزوجين وقضيا وقت الرحلة يتنقلان بين المستشفيات.

ارسال التعليق

Top