• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التخطيط في العمل

سلمان عبد الأعلى

التخطيط في العمل

◄التخطيط هو أول الوظائف الإدارية، فهو الركيزة الأولى للعمل الإداري، ولهذا فإنّ للتخطيط أهمية بالغة للقيام بالوظائف والعمليات الإدارية الأخرى، لأنه بلا تخطيط لا داعي للتنظيم ولتحديد المسؤوليات والمهام، ولا داعي للتوجيه والقيادة، ولا داعي أيضاً للرقابة، لأن الرقابة وظيفتها الأساسية هي مراقبة تنفيذ الخطط، وإذا لم تكن هناك خطط فأي شيء سوف يُراقب؟

 

    - ما هو التخطيط ؟

    يمكن تعريف التخطيط بأنه: (عملية وضع وتحديد الأهداف وتحديد الوسائل اللازمة للوصول إليها بأحسن الأحوال).

    ومن خلال التعريف نلاحظ أن للتخطيط مرحلتين: الأولى: وضع وتحديد الأهداف. والثانية: تحديد الوسائل اللازمة للوصل إلى الأهداف بأحسن الأحوال.

 

    - وضع وتحديد الأهداف:

    قبل أن نحدد الأهداف التي نريد الحصول عليها، ينبغي لنا أن نتعرف على مفهوم الأهداف، ونفرق بينها وبين الغايات، لأن البعض يستخدم مصطلحي الغايات والأهداف وكأنهما مصطلحين مترادفين، ولكنهما مصطلحين مختلفين ومن الضروري التمييز بينهما، ولا أقصد بالتمييز هنا التمييز اللغوي وإنما التمييز الإداري من خلال الوظيفة التي يؤديانها أو التي يشيران إليها، فما هو الفرق بين الغاية والهدف في المجال الإداري؟!

    * الغاية: هي الخاصية النهائية المطلقة التي يرجى تحقيقها في المدى الطويل.

    * الهدف: هو الخاصية المحددة التي يرجى تحقيقها والوصول إليها في المدى المتوسط.

    اذاً الغاية هي أهداف عامة غير مقاسة ويرجى تحقيقها في المدى البعيد، أما الهدف فهو مقاس ومحدد بفترة زمنية معينة ليست بالبعيدة. إذ يختلف الهدف عن الغاية في ناحيتين:

    * المدى الزمني: الغاية مطلوبة على المدى الطويل جداً مقارنة بالهدف الذي يؤمل تحقيقه في مدى زمني منظور.

    * التحديد: الهدف محدد مقارنة بالغاية التي هي مطلقة ولا نهائية، ومحدد نعني به أن الهدف يكون محدداً بقيمة معينة وبمدى زمني معروف. مثال على الهدف أن تحدد إحدى الشركات هدفها بـ (زيادة نسبة المبيعات بمقدار نمو 5 % هذه السنة).

   

  - العناصر الأساسية في الأهداف:

    قلنا بأن الأهداف محددة بإطار معين وليست مطلقة، ولزيادة التوضيح فإن الأهداف بحاجة للعناصر التالية لتكون محددة وهي:

    * الغاية.

    * المقياس.

    * القيمة.

    * المدى الزمني.

    ومعنى ذلك أنه عند صياغة الهدف لا بد أن يحتوي على العناصر الأربعة المذكورة أعلاه حتى يكون هدفاً جيداً.

    مثال لهدف جيد: أن تحدد إحدى الشركات هدفها بـ (تحقيق صافي أرباح بمقدار مليون ريال هذه السنة).

    التوضيح:

    الغاية= الربحية

    المقياس= صافي أرباح

    القيمة= مليون ريال

    المدى الزمني= هذه السنة

   

  - خصائص الأهداف الجيدة:

    الكثير منا يدعي أن لديه أهداف يريد ويسعى للوصول إليها، ولكن إذا نظرنا إلى هذه الأهداف رأيناها طموحات وأمنيات وأحلام وليس أهدافاً واقعية أو محددة، وذلك لأنها خيالية أو عامة أو غير واضحة وغير محددة، فمثلاً يقول بعضهم أن هدفه أن يكون غنياً مثلاً أو أن يكون عالماً أو مفكراً وغيرها من الأهداف العامة غير المحددة، التي تذهب السنوات والسنوات دون تحقيقها، وذلك لأنها ليست أهدافاً حقيقية محددة، ولهذا فإنّ للأهداف الصحيحة خصائص ينبغي أن تتوفر فيها سوف نعرضها في التالي:

    1. الوضوح: يجب أن تصاغ الأهداف بشكل واضح لا لبس فيه، ويجب تحديد الأهداف بمقياس وقيمة ومدى زمني.

    2. المرونة: أي يمكن التعامل معها حسب الظروف والأحوال المختلفة.

    3. إمكانية التحقيق: من المحبذ أن تكون الطموحات كبيرة وبعيدة، ولكن لا ينبغي المبالغة في تحديد الأهداف بل ينبغي أن تكون ممكنة التحقيق.

    4. قابلية القياس: وجود مقاييس للأهداف عنصر مهم من عناصر نجاحها، ويفضل أن يحتوي الهدف على بعض الأرقام التي تمثل ما نريد تحقيقه.

    5. تثير التحدي: أي أن لا تكون الأهداف سهلة ولا تحدي فيها، إذ ينبغي مراعاة أنها تثير التحدي مع كونها قابلة للتحقيق.

    6. متناسقة: أن لا تكون الأهداف متناقضة مع أهداف أخرى يرجى تحققها.

    7. واقعية: أي هدف مناسب للواقع المعاش وللظروف البيئية المحيطة، أي أن تسمح الموارد المتاحة حالياً والمتوقعة مستقبلاً بتحقيق هذه الأهداف.

    8. التوقيت: تحديد متى سيبدأ العمل من أجل تحقيق الخطة، وما هي الفترة المحددة لتحقيقه.

 

    - خطوات التخطيط: (كيف نخطط)؟

    1. تحديد الأهداف: ولقد تحدثنا سابقاً بشيء من التفصيل عن هذه النقطة فلا داعي للإعادة.

    2. وضع الافتراضات التخطيطية: ونعني بها افتراضات (التنبؤ) بشأن البيئة المستقبلية التي ستعمل فيها الخطط، وهذه الفروض هي على ثلاثة أنواع:

    * فروض لا يمكن السيطرة عليها: مثل نمو السكان، مستويات الأسعار، البيئة السياسية.

    * فروض لا يمكن السيطرة عليها ولكن يمكن التأثير فيها: الحصة السوقية، معدل دوران العمال، كفاءة العمال، والسياسات السعرية.

    * فروض يمكن السيطرة عليها: وهي التي يمكن أن يقرر المخطط ما يريده من خلالها، مثل أن تقرر إدارة إحدى الشركات في الدخول لأسواق جديدة أو اختيار موقع لمحل تجاري.

    ونلاحظ هنا أن الكثير من الناس عندما يضع الافتراضات لا يتعامل بواقعية، فمثلاً هناك أمور لا يستطيع أن يسيطر عليها ولا حتى التأثير فيها، ومع ذلك يضعها في أولوياته ولا ينظر لغيرها، وهذا التصرف تصرف خيالي عاطفي وغير عقلاني.

    3. تحديد البدائل: من النادر جداً أن نجد خطة ليس أمامها إلا بديل واحد، بل العكس هو الصحيح حيث يوجد عادة أكثير من بديل، ولكن بعض الناس يصور دائماً أنه ليس أمامه إلا أمر واحد.

    4. تقييم البدائل: تحديد أفضل البدائل من خلال فحص نقاط القوة والضعف لكل بديل، وليس فقط من خلال الميل النفسي والعاطفي لها، ومن الضروري أن يراعى هنا الإمكانات والقدرات المتاحة.

    5. ختيار الخطة المقترحة: بعد تحديد أفضل البدائل يتم اختيار أفضل الخطط البديلة.

 

    - أنواع التخطيط: (ماذا نخطط؟)

    قد يتساءل البعض قائلاً: ماذا نخطط؟ وللإجابة على هذا التساؤل نقول: بأن التخطيط ليس خاصاً بنوع واحد أو بعنوان واحد من الخطط، فهناك الكثير من الأمور التي نحتاج فيها للتخطيط، منها ما يلي:

    * التخطيط حسب مدى تأثيره: (التخطيط الاستراتيجي، التخطيط التكتيكي، التخطيط التشغيلي).

    * التخطيط حسب المدى الزمني: (التخطيط طويل المدى، التخطيط متوسط المدى، التخطيط قصير المدى).

    * التخطيط حسب الوظيفة الإدارية: (تخطيط الإنتاج، تخطيط التسويق، تخطيط المالي، تخطيط القوى العاملة، تخطيط الشراء والتخزين).

 

    - كلمة أخيرة:

    بعد الاستعراض السابق لعملية التخطيط ومراحلها وأنواعها، يمكننا معرفة الأسباب التي تجعلنا نتخبط ولا نقوم بعملية التخطيط بالشكل الصحيح، والتي من أهمها أننا أحياناً وإن كنا راغبين لممارسة التخطيط إلا أننا نجهله ولا نملك أهدافاً بالمعنى الصحيح للأهداف، أو لنقل بأن أهدافنا تعاني من خلل كبير، أو لأننا مشغولون بأعمالنا اليومية التي تجعلنا لا نعطي الوقت الكافي للتفكير في التخطيط للمستقبل.

 

    المصادر:

    1. كتاب الإدارة والأعمال، تأليف الدكتور صالح مهدي محسن العامري والدكتور طاهر محسن منصور الغالبي، دار وائل للنشر والتوزيع 2011م.

    2. كتاب المهارات الإدارية في تطوير الذات، للدكتور بلال خلف السكارنة، دار المسيرة للنشر والتوزيع والطباعة 2009م.

    3. مذكرة الإدارة الإستراتيجية للدكتور صنهات بدر العتيبي، كلية العلوم الإدارية، جامعة الملك سعود بالرياض.

    4. معارفي التي اكتسبتها من خلال دراستي وممارستي للعمل الإداري.►

 

 

ارسال التعليق

Top