• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الترويح.. مفهومه – ماهيته – مبادئه

الترويح.. مفهومه – ماهيته – مبادئه

من الأمور التي حدث في ظروف المجتمعات المعاصرة اليوم بالنسبة للترويح ما حدث من تغيير في اتجاهات الناس نحو الأنشطة الترويحية في الوقت الذي أصبح الناس فيه يسكنون في مدن مكتظة بالسكان وتزايد وقت فراغهم بتقليل ساعات العمل اليومية حيث أصبح الترويح يمثل ضرورة حياتية للناس، ومع ذلك فإنّ مشاركة الناس في الأنشطة الترويحية لا يتم بالمعدل الذي كان المفروض أن يكون عليه هذا بالإضافة لكون الترويح نشاط حرّ فإنّ اختيارات الناس للأنشطة الترويحية لم يتم بطريقة رشيدة تناسب ظروف عملهم وحاجاتهم فالذين يبذلون جهداً عقلياً في عملهم يحتاجون إلى ترويح ذهني في حين أنّ الذين لا يبذلون جهداً عقلياً في عملهم يحتاجون الأنشطة الترويحية يبذلون فيها جهداً جسدياً، وقد ترتب على كون الاختيار حرّاً للنشاط الترويحي في الوقت الذي تغيرت فيه اتجاهات الناس نحو الأنشطة الترويحية أن جاءت اختيارات الناس للنشاط الترويحي الذي يمارسونه غير مناسب لحاجاتهم من الممارسة الترويحية وقد ساعد وجود هيئات ترويحية للألعاب أن تحولت اهتمامات الناس بشكل كبير للألعاب الرياضية دون الاهتمام بأشكال الترويح وأنشطته الأخرى، ومن ثم لم يحقق الترويح بالنسبة للناس من الوظائف ما يمكن أن تكون مفيدة، ونظراً لضرورتها في الوقت الحاضر للقطاعات الكبيرة من الجماهير بفئاته العمرية المختلفة خاصة الشباب فقد خلق هذا الوضع ضرورة ملحة لوضع صياغة مناسبة للتنمية الترويحية في الوقت الحاضر تتفق وحاجات الإنسان الاجتماعية والنفسية والجسمية والعقلية وأيضاً ظروف العصر وطبيعة المجتمعات كهيئة إنسانية أن تتدخل لتسهم في هذا المجال بإيجابية مستخدمة طرفها الثلاث وأساليبها ومبادئها.

وأنّ الاهتمام بالترويح كمظهر سلوكي حضاري للإنسان وكموضوع يستحق البحث والدراسة قد بدأ في نهاية القرن التاسع عشر ومع ظهور العلوم الاجتماعية وتقدم البحث في علم الاجتماع وعلم النفس والأنثروبولوجيا من جهة وظهور الخدمة الاجتماعية وممارستها ونهجها العلمي وبحوثها الميدانية من جهة أخرى حيث نظرت طريقة الخدمة الاجتماعية والعلوم الإنسانية للترويح باعتباره جانباً مهماً من جوانب السلوك البشري ومظهراً حضارياً للمجتمعات الإنسانية، ومن ثم تناولته باعتباره موضوعاً أساسياً وظاهرة عامة ترتبط بحياة الإنسان والبناء الاجتماعي.

 

أوّلاً- مفهوم الترويح:

أنّ هناك تعريفات طرحت للترويح على أنّه لعب أو لهو أو ترفيه أو تسلية أو استمتاع أو تصريف للطاقة الزائدة أو تصريف الانفعالات أو تعويض للنقص الجسماني الذي يعاني منه الفرد.

يعبر مفهوم الترويح عن الظرف الانفعالي الذي يستشعره الإنسان وينتج من الإحساس بالرضا وبالوجود الطيب وهو يتصف بمشاعر كالإجادة والإنجاز والانتعاش والقبول والنجاح والقيمة الذاتية والسرور، وهو يدعم الصورة الإيجابية للذات كما يستجيب للخبرة الجمالية وتحقيق الأغراض الشخصية واستجلاب التغذية الراجعة من المخالطين وهو في النهاية أنشطة مستقلة للفراغ ومقبولة اجتماعياً.

ويعرّف دوريش وأخر (1406هـ) النشاط الترويحي بأنّه نشاط إنساني يتم اختياره عن دافع شخص والذي يؤدي إلى تنشيط الفرد ليكون قادراً على ممارسة عمله.

وللترويح اتجاهات وسمات يحددها بدر (1985) بقوله أنّ مفهوم الترويح طبقاً لاتجاهاته يمكن التفرغ به إلى دروب كثيرة فقد يكون سلبياً أو إيجابياً مفيد أو غير مفيد أو حتى ضار بناءاً أو استقبالياً أو حتى هداماً.

فالترويح الإيجابي هو الذي يكون الفرد فيه مندمجاً أو مشاركاً بطريقة فعّالة ابتكارية مفيدة له ولغيره.

أما الترويح السلبي فهو الذي يكون الفرد فيه مشاهداً مستقيلاً دون مشاكل، وجميع هذه التعريفات طرحت في سياق محاولات نظرية مختلفة لفهم طبيعة الترويح وتحديد وظائفه وأشكاله إلّا أنّ بعض هذه التعريفات وخاصة تلك التي تشير إلى أنّه لعب أو تسلية أو استمتاع تأثرت إلى حد كبير بأفكار الفلاسفة والمدارس القديمة التي نظرت إلى الترويح على أنّه نشاط يساير فيه الإنسان كافة المخلوقات الأخرى في حين أنّ التعريفات الأخرى جاءت متأثرة بالاتجاهات النظرية التي استهدفت تحديد أشكال ووظائف الفراغ واللعب وعلاقتهما بالترويح وأشكاله، ومع ذلك فإنّ أي من تلك التعريفات لا يقدم لنا وحده فهماً دقيقاً محدد للترويح باعتباره مفهوم اجتماعي، ومن هنا فإنّ الخدمة الاجتماعية كمهنة وطريقة علمية وغيرها من العلوم الاجتماعية تعالج الفراغ بغية تحديد تعريفاته وعلاقته بالترويح في محاولة منها لإيجاد ما يساعدها على تقديم التعريف الاجتماعي والترويح وأشكاله ووظائفه.

 

ثانياً- ماهية الترويح:

يرى جراي Gray وجربن Greben أنّ الترويح يعد حالة انفعالية تنتاب الفرد نتيجة لإحساسه بالوجود الطيب في الحياة وبالرضا وأنّ الترويح يتصف بالمشاعر المرتبطة بالجوانب التالية:

-         الإجادة

-         القول

-         القيمة الذاتية

-         التدعيم الإيجابي بصورة الذات

-         الانتعاس

-         النجاح

-         السرور

كما أنّ الترويح يعد من المناشط المرتبطة بوقت الفراغ والمقبول اجتماعياً.

 

ثالثاً- المبادئ الأساسية للترويح:

لم تقتصر العناية بتوفير بالنشاط الترويحي للشعب كحقّ من حقوقه على دولة بعينها بل امتد إلى العالم جميعها فنصت المادة (24) من وثيقة إعلان حقوق الإنسان التي أقرتها الجمعية العامة للأُمم المتحدة في 10 ديسمبر 1948 على: "لكلّ إنسان الحقّ في الراحة وفي أن يكون له وقت فراغ بما في ذلك من تحديد سليم لساعات العمل ومن عطلات منظمة يصرف عنها مرتب"، وعلى ذلك فإنّ العامل مع الشباب عليه أن يضع في اعتباره دائماً المبادئ الأساسية التالية بالنسبة للترويح:

1- أنّ لكلّ إنسان الحاجة إلى الترويح.

2- أنّ لكلّ إنسان حقاً في الترويح.

3- أنّ المشاركة الإيجابية في النشاط الترويحي أفضل من المشاركة السلبية.

4- أنّ اكتساب الهوايات الترويحية تبدأ من الطفولة وتنمو مع التدرج في العمر.

5- أنّ العمل والترويح يكمل بعضها البعض.

6- أنّ رفاهية الفرد والمجتمع هما نتاج الترويح المنظم.

7- أنّ من واجبات المواطن كي يدعم وينمو حياته الاجتماعية أن يشارك في نشاط ترويحي بناء ملاءم له.

8- أنّ من واجبات المجتمع أن يحقق للجميع فرصاً متكافئة لممارسة النشاط الترويحي بتوفير تسهيلات وبرامج مناسبة ترويحية عامة.

9- يجب التنسيق وربط الصلة وتحقيق التعاون بين البيت والمدرسة والمؤسسة والدولة لتحقيق حاجات المواطن الترويحية.

10- أنّ الترويح عامل مهم من عوامل رفاهية وتنمية المجتمع.

 

رابعاً- ركائز الترويح:

أنّ الترويح أساسياته وأهدافه خاصة في محيط الشباب تكمن في أنّه:

1-    نشاط لكنّه موجه.

2-    وقت فراغ لكنّه يمتد عائده إلى وقت العمل.

3-    لا يفصل مرحلة من العمر من الأخرى.

4-    علاج بالإضافة إلى أنّه وقاية وإنشاء وإنماء.

وهذه الركائز وضع لبنائها الأديان السماوية خاصة الدين الإسلامي قولاً وعملاً وبناءً ووظيفةً وهو ما تحاول العلوم الاجتماعية الحديثة والمهن الإنسانية للوصول إليه في مجتمعنا المعاصر.

 

خامساً- الأسباب التي تدعو إلى الترويح:

إنّ طريقة الخدمة الاجتماعية للعمل في محيط الشباب التي تدعو إلى حب هذا اللون من النشاط كثيرة نذكر منها:

1- شعور الفرد بالراحة والسرور والحرّية نتيجة لاشتراكه في أوجه النشاط المختلفة.

2- التخلص من الطاقة الجسمية والانفعالية الزائدة فحركات الجسم المختلفة وتعبير الفرد عن مشاعر الخوف وحب الاعتداء والأمل والسرور في أثناء ممارسته للنشاط الترويحي كلّ ذلك يساعد على التخلص من طاقته الجسيمية والانفعالية الزائدة ويشعره بالراحة.

3- شعور الفرد بالقوة نتيجة لقدرته على السيطرة على حركات جسمه حين يمارس ألوان النشاط الترويحي التي تتطلب المهارات الجسمية، وكذلك قدرته على السيطرة على يديه عند ممارسته الأشغال الفنية والسيطرة على المواد والخامات وعند قيامه بأوجه النشاط التي تحتاج إلى الخشب والفخار والرسم بالأصابع والمعادن والقماش واللعب على الآلات الموسيقية وممارسة النشاط الرياضي.

4- تخلص الفرد من الحقائق الواقعية التي لا يمكنه التخلص منها في حياته العادية واستخدام خياله والتعبير عنها في أثناء ممارسة أوجه النشاط الترويحية المختلفة كالتمثيل والموسيقى وتأليف القصص وما شابه.

5- يتيح بعض النشاط الترويحي الفرصة لإشباع روح المخاطرة لذلك ترى بعض الأفراد يفضلون ممارسة الألعاب الجديدة الصعبة التي تحتاج إلى تفكير وجراءة.

6- يتيح بعض النشاط الترويحي الفرصة للشعور بالأمن فبعض الأفراد يفضلون ممارسة النشاط المألوف لديهم من ناحية الشكل والمهارة والقواعد، وبذلك يشعرون بالأمن بدلاً من المخاطرة عند ممارستهم الألعاب الجديدة التي لم يسبق لهم معرفتها.

7- من خلال النشاط الترويحي تتواجد الفرصة لمعرفة أشخاص جدد واتّخاذ أصدقاء جدد ومقابلة الحاجة إلى الانتماء والصداقة والشعور بالأمن وغير ذلك من الحاجات الأساسية لنمو الإنسان.

8- ارتباط النشاط الترويحي في الماضي بخبرات سارة مع الزملاء والأصدقاء والأسرة والمدرسين والاخصائيين الاجتماعيين، وإن كان هناك بعض الناس من أصحاب الأفكار المحدودة الذين يعدون أنّ الاشتراك في أوجه النشاط الترويحي مضيعة للوقت ويجب ألا يمارسوا إلّا النشاط الذي يريد من معلوماتهم ومعرفتهم. كما أنّ البعض يكره النشاط الذي يحتاج إلى التحليل والتفكير كألعاب التخمين والحيل والألغاز على حين نجد آخرين يكرهون النشاط الترويحي الذي يحتاج إلى القياس الدقيق والدقة والصبر والتركيز والتكرار لأنّ ذلك يضايقهم ويبعث في نفوسهم الملل.

 

سادساً- وظائف الترويح:

بالنسبة لوظائف الترويح فإنّه يؤدي وظيفة لكلّ من الفرد والجماعة والمجتمع.

أ) وظائف الترويح بالنسبة للفرد:

فقد حددها ديمازديية في ثلاث وظائف أساسية تتمثل في:

1- الإنعاش والتسلية.

2- توسيع المعرفة.

3- المشاركة الاجتماعية التلقائية.

ب) وظائف الترويح بالنسبة للمجتمع:

بالنسبة لوظائف الترويح للمجتمع فقد أوضح جروس مؤكداً أنّ للفراغ وظائف معينة للجماعة الاجتماعية وللمجتمع نفسه تتمثل في مزاولة وانتقاء الأصدقاء وجعل اللعب محور الجماعة، وكذلك التوحد الوطني الذي يترتب عليه تنمية روح الجماعة لدى الفرد ودعم توحد الفرد والجماعة مع المجتمع مما حدا بالخدمة بالاجتماعية كمهنة أن تهتم بزيارة الأداء الاجتماعي للأفراد ومساعدتهم على تنمية قدراتهم ووقايتهم من معوقات الأداء الاجتماعي، وكذلك مساعدتهم ليحققوا قدراً أكبر من قدراتهم الكامنة لتحسين أدائهم الاجتماعي.

ثم أنّ الترويح يرتبط بمفاهيم مختلفة مثل اللعب حيث أنّ جميع أشكال اللعب ما هي إلّا شكل من أشكال الترويح غالباً ما تستخدم ليعني شيئاً شبيهاً بالفراغ، وذلك لأنّه يشير دائماً لنشاط من نوع معين، كما أنّه مثل الفراغ واللعب لا يأخذ شكلاً واحداً.

ولما كان الترويح يعتبر نسفاً للضبط الاجتماعي شأنه شأن جميع أنساق الضبط الاجتماعي لذا فإنّه يتصف بالالتزام، ومن ثم فإنّه يختلف عن الفراغ من هذه الزاوية.

على ذلك فإنّ المفهوم الاجتماعي للترويح من وجهة نظرنا ينطوي على معانٍ أساسية تتمثل في:

1- الترويح نشاط مغاير للعمل.

2- فيه وبه يستعيد الإنسان حيويته ونشاطه.

3- يخلص الإنسان من رتابة العمل الروتيني ونمطيته.

4- يدخل السرور على النفس ويحقق لها الانتعاش هذا بالإضافة إلى المعوقات الأخرى التي يتسم بها الترويح.

 

سابعاً- الدواعي المؤدية إلى النشاط الترويحي:

إنّ طريقة الخدمة الاجتماعية للعمل في محيط الشباب أنّ الأسباب التي تدعو إلى حب هذا اللون من النشاط نذكر منها:

1- شعور الفرد بالراحة والسرور والحرّية نتيجة لاشتراكه في أوجه الأنشطة المختلفة.

2- التخلص من الطاقة الجسمية والانفعالية الزائدة فحركات الجسم المختلفة وتعبير الفرد عن مشاعر الخوف وحب الاعتداء والأمل والسرور في أثناء ممارسته للنشاط الترويحي كلّ ذلك يساعده على التخلص من طاقته الجسمية والانفعالية الزائدة ويشعره بالراحة.

3- شعور الفرد بالقوة نتيجة لقدرته على السيطرة على حركات جسمه حين يمارس ألوان النشاط الترويحي التي تتطلب المهارات الجسمية، وكذلك قدرته على السيطرة على يديه عند ممارسته الأشغال الفنية والسيطرة على المواد والخامات وعند قيامه بأوجه النشاط التي تحتاج إلى الخشب والفخار والرسم بالأصابع والمعادن والقماش واللعب على الآلات الموسيقية وممارسة النشاط الرياضي.

4- تخلص الفرد من الحقائق الواقعية التي لا يمكنه التخلص منها في حياته العادية واستخدام خياله والتعبير عنها في أثناء ممارسته أوجه النشاط الترويحية المختلفة كالتمثيل والموسيقى وتأليف القصص وما شابه ذلك.

5- يتيح بعض النشاط الترويحي الفرصة لإشباع روح المخاطرة لذلك نرى بعض الأفراد يفضلون ممارسة الألعاب الجديدة الصعبة التي تحتاج إلى تفكير وجراءة.

6- يتيح بعض النشاط الترويحي الفرصة للشعور بالأمن فبعض الأفراد يفضلون ممارسة النشاط المألوف لديهم من ناحية الشكل والمهارة والقواعد، وبذلك يشعرون بالأمن بدلاً من المخاطرة عند ممارستهم الألعاب الجديدة التي لم يسبق لهم معرفتها.

7- من خلال النشاط الترويحي تتواجد الفرصة لمعرفة أشخاص جدد واتخاذ أصدقاء جدد ومقابلة الحاجة إلى الانتماء والصداقة والشعور بالأمن وغير ذلك من الحاجات الأساسية لنمو الإنسان.

8- ارتباط النشاط الترويحي في الماضي بخبرات سارة مع الزملاء والأصدقاء والأسرة والمدرسين والأخصائيين الاجتماعيين وإن كان هناك بعض الناس من أصحاب الأفكار المحدودة الذين يعدون أنّ الاشتراك في أوجه النشاط الترويحي مضيعة للوقت ويجب ألا يمارسوا إلّا النشاط الذي يزيد من معلوماتهم ومعرفتهم، كما أنّ البعض يكره النشاط الذي يحتاج إلى التحليل والتفكير كألعاب التخمين والحيل والألغاز في حين نجد آخرين يكرهون النشاط الترويحي الذي يحتاج إلى القياس الدقيق والدقة والصبر والتركيز والتكرار لأنّ ذلك يضايقهم ويبعث في نفوسهم الملل.

 

ثامناً- الترويح بين الأسرة والمجتمع:

تبدأ عملية التربية أوّلاً في الأسرة برعاية ميول الطفل واستعداداته منذ ولادته ولا يتم ذلك إلّا بالعناية بالأسرة نفسها على اعتبار أنّه يستخدم ما يسود فيها من نظم وتقاليد وما تتجه إليه من مُثل عليا، وعلى ذلك تتعاون كلّ من الأسرة والبيئة في إعداده لكي يقوم بوظيفته كعضو عامل في المجتمع، الأولى تنمي قدراته واستعداداته والثانية تكسبه صبغة اجتماعية.

والحياة فن متسع الأرجاء بل وحدة كاملة غير مجزاة فلا هي مركبة من جسم وعقل أو من شغل وفراغ أو عمل وترويح، وهي أن اتسمت إلى هذا وذاك بعدت عن كونها فناً من الفنون من تلك الحقيقة يستمد الترويح أهميته وبسبب الضرورة الملحة لهذا التكامل يلعب الترويح دوره في حياة الأسرة والمجتمع، وعلى ذلك يعتبر النشاط الترويحي من الأسس المهمة في تدعيم الأسرة وقيامها بالتزاماتها نحو أفرادها والمجتمع الذي نعيش فيه وأصبح من ألزم واجبات الأسرة أن نعني بفن الترويح كعامل في تدعيمها، وأن نضع مختلف البرامج الترويحية كي تواجه بها احتياجات أفرادها حسب خصائص نموهم، وأنّ تنظيم أوقات فراغ أعضائها بفرض تكامل عقدهم في كنفها.

وأوقات الفراغ ثروة حقيقية للأسرة تستطيع استثمارها اجتماعياً واقتصادياً لأنّ البيت لا يستطيع أداء رسالته كمؤسسة تربوية إذا لم تزجه جهود أبنائه نحو استثمار فراغهم استثماراً إيجابياً منتجاً بجانب إعدادهم للكسب والحياة.

والوقت الضائع في المنزل يولد الشر ويستنبت السوء ويسبب الكثير من المشكلات العائلية مثل تشر الأحداث والطلاق وانخفاض المستوى الاقتصادي والجرائم الخلقية.

هذه المشكلات الاجتماعية الخطيرة وغيرها قد ترجع دون شكّ إلى انعدام الوعي لدى الأسرة في استخدام أوقات الفراغ استخداماً منتجاً من شأنه أن يضر أفراد الأسرة في محيط البيت وخارجه.

وأنواع النشاط الترويحي الداخلي للأسرة كثيرة ومتعددة وهي كالتالي:

1- منها ما له طابع رياضي يزاوله أفرادها من ألعاب ومباريات منزلية وخارجية.

2- منها ما له طابع اجتماعي كالحفلات المنزلية والاجتماعية الدورية.

3- منها ما يرتبط بها أفراد من هوايات فنية كالموسيقى والغناء والتصوير والتمثيل والتطريز والخياطة.

وتجتذب الفنون العملية أفراد الأسرة صغارهم وكبارهم فهناك مثلاً أشغال الأبرة والجلد والحفر على الخشب والنقش على النحاس وما إلى ذلك من الفنون العملية.

ويمكن أن يكون لإنتاج هذه الفنون فائدة اقتصادية كما تقوم الأسرة بتصميم بطاقات التهنئة للمناسبات الخاصة والعامة والأعياد أو رسم لوحات تمثل الطبيعة.

ومن اليسير أن تستفيد الأسرة من مهارات أعضائها في اصلاحات منزلية كطلاء الجدران وأعمال الإضاءة والزينة وغيرها مما يحتاجه المنزل.

 

الكاتب: د. طارق عبدالرؤوف عامر

المصدر: كتاب الشباب واستثمار وقت الفراغ

ارسال التعليق

Top