• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

التقوى.. صناعة في رمضان

عمار كاظم

التقوى.. صناعة في رمضان

جعل الله الصوم في شهر رمضان، وسيلةً من وسائل صنع الإنسان التقي: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة/ 183).

فأن تكون الصائم المقبول، هو أن تكون الإنسان التقي من خلال صومك، والتقي في عقيدتك، وأن تستقيم عقيدتك على الخطّ، يعني أن تكون التقي في عبادتك، وأن تخلص لله في العبادة، يفرض عليك أن تكون التقي في علاقاتك مع الناس، وأن تتحسس مسؤوليتك في أن تنفتح على الناس من خلال منافذ الخير والمحبّة والهداية والنور الذي يشعّ في عقلك وقلبك، بل وأن تكون الإنسان النفّاع للناس (المبارك)، وأن تكون الإنسان العادل مع الناس، وأن تكون الخيّر في كلّ نشاطاتك التي تتعاطاها في حياة الناس، لتعيش مع الناس كجزء من مجتمع أو من أُمّة أو من إنسانية تتكامل مع الأجزاء الأخرى، فتنفعل بها وتتفاعل معها، أن تكون الصائم المقبول في كلّ مواقفك ومواقعك.

ولقد حدّثنا الله سبحانه وتعالى عن الجوانب السلبية في علاقة الإنسان بالآخرين في المجال الاجتماعي الإنساني، بطريقة تشعر فيه بخطورة شديدة (وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) (هود/ 113)، وقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا) (الأحزاب/ 85)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ) (الحجرات/ 12).

وهكذا نجد أنّ الله سبحانه وتعالى يحرّك أمامنا كلّ هذه القيم السلبية المرفوضة، لأنّها تُساهم في إسقاط الإنسان الآخر وفي تحطيم كرامته، بل وفي تحطيم حياته بطريقة وبأخرى.. لذلك فإنّ الصوم يوحي إليك بأن تكون التقي في الجانب السلبي، وذلك بأن ترفض كلّ القيم السلبية، وأن تكون التقي في الجانب الإيجابي، بأن تتبنّى كلّ القيم الإيجابية، من الصدق والأمانة والعفّة والنفع للناس والأخذ بالحقّ والانفتاح على العدل، وما إلى ذلك من قيم الحقّ التي جمعها الله سبحانه وتعالى في المنهج الأخلاقي الذي رسمه للإنسان.

إنّ على الناس أن يتقرّبوا إلى الله تعالى كما يريد وذلك من خلال العمل الصالح في المجتمع وأن يسارعوا إلى عمل ما يُقرّبهم من الله تعالى وأن يعلموا أنّ الأساس في علاقتهم مع بعضهم بعضاً هو تقوى الله وأن لا يتفاخروا ويتفاضلوا بالأعراق والأجناس والألوان والتي لا قيمة لها عند الله تعالى لأنّ (أكرَمَكُم عِندَ الله أتقاكُم). (خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى) + (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) + (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)= التربية الأخلاقية للمجتمع.

ارسال التعليق

Top