• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الحج.. رحلة الروح والبدن الى بيت الله الحرام

أسرة

الحج.. رحلة الروح والبدن الى بيت الله الحرام
    الحج رحلة الروح والبدن، وهجرة الانسان إلى الله، ووفادته عليه. وهو هجر للأهل، والمال، والملذات، وإحتمال للمتاعب والمشاق، والعناء.. حبّاً لله وشوقاً إليه، واستجابة لندائه:

(وأذِّنْ في النَّاسِ بالحَجِّ يأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضامِر يَأْتينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيق) (الحج/ 27).

    والحج عبادة تشترك في أدائها عناصر متعددة.. يشترك فيها الجسم والمال، وتساهم فيها النفس والمشاعر، لذا كان الحج عبادة مالية بدنية، يتعبّد بها الانسان عن طريق بذل المال، والجهد، وإحتمال المشاق والمتاعب، قربة إلى الله سبحانه، واظهاراً للعبودية الخالصة له، وتأكيداً للتحرّر من كلّ قوّة عداه سبحانه.

    وهدف الحج هذا هو هدف كلّ عبادة في الاسلام.. الخلوص إلى الله سبحانه، وقطع النظر عمّا سواه في هذا الوجود، واتخاذ المعبود غاية في نشاط الانسان وتوجهه، ليمتلئ وجدان المتعبِّد بالحقيقة الكبرى فيغدو طهراً متجرِّداً من كلّ شرّ ورذيلة.

    وللغاية هذه شرِّع الحج، واعتبره القرآن حق الله على العباد، فقال تعالى: (وللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ البَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً ) (آل عمران/ 97).

والحج ركن أساس من أركان الدين، ودعامة رئيسة من دعائم الايمان، وقد تواترت الاحاديث والنصوص المصرحة بأهمية الحج ومكانته عن رسول الله (ص) وأهل بيته (ع).

    فقد ورد عن رسول الله (ص): «إنّما فُرِضَتْ الصّلاةُ، وأُمِرَ بالحَجِّ والطّوافِ، وأُشْعِرَتْ المناسِك لاقامَةِ ذكرِ اللهِ » .

    وقال (ص): «أبدلنا بالرهبانيّةِ الجهاد، والتكبير على كلِّ شرف ـ  يعني الحجّ  ـ ، وأبدلنا بالسياحة الصّوْم».

    وقال (ص): «الحاجُّ والعمّارُ، وَفْدُ اللهِ يعطيهمُ ما سألوا، ويستجيبُ دُعاءَهم، ويخلفُ نفقاتِهِم».

    وقال الامام جعفر الصادق (ع): «لا يزالُ الدِّينُ قائماً ما قامَتْ الكَعْبَةُ».

    وعنه (ع) كذلك: «إذا قدر الرجل على ما يحجّ به، ثمّ دفع ذلك، وليس له شغل يعذر، فقد ترك شريعة من شرائع الاسلام».

    ولشدّة حرص الاسلام على هذه العبادة، واهتمامه بها أعطى الدولة الاسلامية صلاحية قانونية تمنحها الحق في اخراج عدد من المسلمين إلى الحج، ولو عن طريق القوة إذا هم تركوا الحج جميعاً ـ  لا سمح الله  ـ لئلاّ تعطّل شعائر الاسلام، فإن كانوا عاجزين عن أداء مصروفات الحج تعهّدت الدولة بالصرف عليهم من مالها الخاص لاحياء هذه الفريضة، وإقامة هذه العبادة الجماعية.

    فقد ورد عن الامام جعفر بن محمد الصادق (ع) قوله: «لو أنّ الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك، وعلى المقام عنده. ولو تركوا زيارة النبيّ (ص) لكان على الوالي أن يجبرهم على ذلك، وعلى المقام عنده، فان لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من بيت مال المسلمين».

    وروي عن الامام جعفر الصادق (ع): «لو كان لاحدكم مثل أبي قبيس ذهباً ينفقه في سبيل الله، ما عدل الحج، ولدرهم ينفقه الحاج يعدل ألفي درهم في سبيل الله».

    وقال (ع): «الحج جهاد كل ضعيف».

    وقال (ع): «من مات ولم يحج حجة الاسلام، ولم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق معه الحج، أو سلطان يمنعه، فليمت يهوديّاً، أو نصرانيّاً».

ارسال التعليق

Top