• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الرياضات المناسبة لأطفالنا

الرياضات المناسبة لأطفالنا

لا تؤثر الرياضة في صحّة الطفل البدنية وحسب، إنّما أيضاً في صحّته الذهنية ومقدراته العقلية. هذا هو المبدأ العام. لكن، عليكم توخي اختيار الرياضة المناسبة لسن طفلك وتكوينه الجسدي، وحتى طبيعة شخصيته، وتوجيهه نحوها.

لممارسة النشاط الرياضي فوائد بدنية كثيرة. كما لا ينبغي إغفال أنّ الرياضة تسهم في تشذيب شخصية الطفل أيضاً، وتفضي إلى تحسين قدراته الذهنية، وإعداده لكي يكون مراهقاً هادئاً، ومن ثمّ بالغاً سليماً. ففي حالة الطفل المضطرب، كثير الحركة، الذي قد يتسم فوقها بشيء من العدوانية، تسهم ممارسة بعض الرياضات في تلقينه السيطرة على الذات، والقدرة على كبح طاقته المفرطة. أمّا الطفل الخجول، فعلى العكس، تبعث فيه الرياضة الثقة بالنفس. كما تعين الرياضة الطفل الانعزالي، المنغلق المنكمش، على التعود على الاستقلال الذاتي، في حين أنّها تُعزز مَلكة اتّخاذ القرارات وتجاوز القلق لدى الطفل الخواف، المتردد.

 

-          هذه الرياضة.. لتلك الشخصية:

مع ذلك، لكي تكون الممارسة الرياضية نافعة وفاعلة، ينبغي أن تختاروها بدقة، بحسب شخصية طفلكم، وطبعاً فئته العمرية وطبيعة تكوينه البدني. عموماً، منذ بلوغ طفلك عمر 6 سنوات، يمكنك الاستعانة بالقائمة أدناه لحضه على ممارسة الرياضة المناسبة، وتشجيعه على المواظبة عليها والمثابرة لكي تأتي أكُلها لاحقاً:

1-    للطفل المتهور، الحرك والمضطرب، "المارق" نوعاً ما، أو للطفل الأخرق (الذي يرتكب حماقات كثيرة ويكسر الأشياء مراراً): تنفع الرياضات الفردية، مثل السباحة وسباق الدراجات والـ"جيمناستيك" وألعاب القوى (أي ألعاب الساحة والميدان، كالعدْو والمشي ورمي الثقل أو الرمح أو المطرقة، والقفز العالي والعريض والقفز بالزانة.. إلخ).

2-    للطفل المعتدل الهادئ: ينبغي توجيهه نحو رياضة تتطلب مهارة يدوية ودقة (مثل كرة المنضدة)، أو رياضة تستلزم تقنيات بدنية عالية (مثل كرة المضرب، أو التنس).

3-    للطفل الخجول، أو المنعزل، المنزوي، وعموماً الطفل المفتقر إلى الثقة بالنفس: يُنصح باختيار رياضات النزالات والفنون القتالية (مثل الجودو والكاراتيه وما شابه، مع توخي عدم البدء بالجودو والمصارعة قبل سن الـ12). كما تناسبه الرياضات الجماعية (ومنها كرة اليد، كرة السلة، كرة القدم، وحتى الركبي في البلدان التي يُمارس فيها، وهي قليلة في المنطقة العربية، إن لم نقل غير موجودة).

 

-          الخيار بحسب السن:

عدا عن الشخصية، تشكل سن الطفل، بطبيعة الحال، عاملاً حاسماً. إذ يجب أخذ الفئة العمرية في الاعتبار. فبعض الرياضات تناسب سناً معينة أكثر من غيرها، والعكس بالعكس. خذي الملاحظات الآتية في الاعتبار لكي توفّقي في خياراتك في شأن الرياضة المناسبة لطفلك:

·                  بين 6 و8 سنوات: اختاري الرياضات ذات الحركات المنتظمة، مثل السباحة، والرقص أيضاً إن سمحت البيئة الاجتماعية، فهو مفيد جدّاً، وليس فقط للبنات، إنّما حتى للأولاد الذكور. أمّا الجمناستيك، فله محاذير، وينبغي التحفظ في شأنه في تلك السن.

·                  بدءاً من 8 سنوات: شجِّعي طفلك على ممارسة رياضات تتطلب تنسيقاً حركياً، أو تلك التي تتضمن مواجهة مع منافس آخر، مثل السباحة والتنس (كرة المضرب)، وألعاب القوى (الساحة والميدان) والكاراتيه، أو الألعاب الجماعية، مثل كرة السلة، وكرة القدم، والكرة الطائرة، وأي رياضة تنطوي على التعاون بين فريق من لاعبين عديدين، في مواجهة فريق منافس مشابه.

·                  بين 9 سنوات و13 سنة: يمكنك البدء بحض طفلك على ممارسة رياضات المطاولة والقدرة والتحمل، مثل سباق المشيء، والعدو، ورياضة الدراجات الهوائية والفروسية. ففي فترة نهاية الطفولة، تلك التي تسبق المراهقة، تكون قابليات الطفل على التعلم على أشدها. لذا، ينبغي التشديد على الطابع التقني والفردي للرياضة.

 

-          الاعتدال واجب:

جنّبي طفلك أي نتائج عكسية، قد تنجم عن ممارسة رياضة زائدة على اللزوم، أو منهكة أكثر من اللزوم. فمن الأفضل تحديد الممارسة الرياضية بمدة إجمالية تتراوح بين 4 و6 ساعات أسبوعياً (بما فيها دروس الرياضة في المدرسة) لطفل في سن 8 أعوام، و6 إلى 8 ساعات في عمر 12 سنة؛ و8 إلى 10 ساعات حين يبلغ المراهقة، لنقل بدءاً من 13 أو 14 سنة. كما ينبغي تفادي التدريب القائم على المطاولة والقدرة حصرياً، ورياضات السرعة، وتلك التي تستلزم حركات مكررة ثابتة. إذ يُستحسن التنويع: من الأفضل له أن يمارس أصنافاً متعددة، لمدة وجيزة في كلّ صنف.

 

-          محاذير:

الحذر والحيطة ضروريان أثناء أي ممارسة رياضية للأطفال. فهذه لا تخلو من مخاطر. مثلاً، في فرنسا، أجرت مؤسسة الضمان الاجتماعي مؤخراً دراسة عن الموضوع، فتبيَّن أنّ 44 في المئة من الحوادث التي يتعرض لها الصبية والناشئون، بين سني 10 و24، تحصل بسبب ممارسات رياضية، منها 19 في المئة على شكل فسوخ ورضوض في الأطراف أو الأضلاع أو العظام الأخرى (تصل النسبة إلى 24 في المئة لرياضتي الفروسية والتزلج على الجليد). والباقي إصابات طفيفة وجروح سطحية مختلفة، غير خطيرة في معظم الحالات. ويمكن القول إنّ تلك النسب تنطبق على معظم البلدان. لذا، ينبغي تزويد الطفل بمعدات الأمان الضرورية (كالخوذة ووقاء الظنبوب ووقاء العكس، وغيرها). إلى ذلك، لا تتوَاني عن نصحه، وحضه على الحذر، ومراقبته إنّما بتكتم لكي لا يشعر بالإنزعاج من كونه مراقباً.

إلى ذلك، ضعي نُصب عينيك أنّ التكامل والتوازن مطلوبان أيضاً في أنشطة طفلك الرياضية. وقدر الإمكان، عليه توخي التنويع، لاسيّما من خلال الجمع بين رياضتين مختلفتين اثنتين على الأقل، مثلاً إحداهما فردية والأخرى جماعية؛ أو إحداهما قائمة على القدرة والمطاولة، والأخرى على تنسيق الحركات والتركيز، وهكذا دواليك.

 

-         أفكار شائعة:

يظن الآباء والأُمّهات، عموماً، أنّ السباحة أفضل رياضة لأولادهم وبناتهم، بينما يهملون الفروسية وكرة المضرب (التنس). في الواقع، ليست الأمور بتلك البساطة. ومن المفيد قراءة الملاحظات الآتية:

·      السباحة: لها مفعول حميد على العمود الفقري، شرط أن تُمارَس بانتظام، وتحت إشراف مدربين. ويجب عدم إطالة كلّ تدريب، وتنويعه (سباحة ظهر، فراشة، "كرول"، "براس".. إلخ).

·      التنس: لكونه غير متناسق الحركات، يظن البعض خطأً أنّه قد يتسبب في الـ"جَنف" أو "الزّوَر" (التواء العمود الفقري، بالإنجليزية (Scoliosis) وبالفرنسية (Scoliose). وذلك غير صحيح. على الرغم من ذلك، لا ينصح بالتنس للصغار دون العاشرة.

·      الفروسية: جيِّدة للعضلات القطنية إن مورست باعتدال، من دون إطالة زائدة، ومع اتباع نصائح المدرب. فهي تتطلب جلسة سليمة (الكتفان إلى الخلف والحوض إلى الأمام، والعمود الفقري تام الانتصاب)، ما يُعوّد الطفل على المشية والجلسة المثالتين.

·      الـ"جيمناستيك": حذار منه. ففي بعض البلدان، بات يُلقن لأطفال في سن مبكرة جدّاً، لغرض المنافسة لاحقاً. وأدى التهافت على الحصول على مرونة قصوى، بأي ثمن، إلى ظهور تشوهات في العمود الفقري، أهمها "تقعُّره"، أي انحناؤه نحو الأمام بشكل غير طبيعي، مع بروز البطن (يُسمَّى ذلك التقعر بالإنجليزية (Lordosis)، وبالفرنسية (lordose). هذا لا يعني أنّ ممارسة الـ"جيمناستيك" ممنوعة، لكن يجب الحذر منها وعدم المبالغة وتفادي البدء في سن مبكرة جدّاً.

·      الرقص: لا ينطوي على أي مضار، إنّما له منافع كثيرة لجميع الأطفال، إناثاً وذكوراً. وفي بعض البلدان، ثمّة مدارس رقص تقبل أيضاً الأولاد الصغار، وليس فقط البنات.

·      الجودو والمصارعة: قد يجوز القول إنّهما الأخطر على صحّة الطفل، لاسيّما في ما يخص الفقرات القَطَنية. ينبغي الامتناع عنهما قبل سن 12.

·      كرتا السلة والطائرة: تكمن فائدتهما في كونهما تتطلبان مطّ عضلات الجسم (مدّها).

 

الكاتب: محمد عبود السعدي 

ارسال التعليق

Top