• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الشباب.. سبيل العطاء والبذل

عمار كاظم

الشباب.. سبيل العطاء والبذل

يقول الله سبحانه تعالى في محكم كتابه: ﴿قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالأخْسَرِينَ أَعْمَالاً * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ (الكهف/ 103-104). إنّ للعمر قيمةً لا تُقدَّر بثمن على الإطلاق، فالعمر يتصرّم مع مرور الأيّام، وينبغي للإنسان المؤمن أن يستغلّ هذا الوقت المتاح له في الدنيا، كي ينعم بنعيم الآخرة، فيمرّ الإنسان بمرحلة الطفولة التي يقضي عمره فيها باللعب والمرح، ثمّ تأتي عليه مرحلة الشباب وهي مرحلة الجِدّ والعمل والنشاط والعطاء، ثمّ تأتي عليه مرحلة الشيخوخة، وهي مرحلة الهرم والعجز عن أداء الأُمور بجميع حدودها، فمرحلة الشباب هي المرحلة الأساسية والوحيدة التي يتمكّن فيها الإنسان من العطاء والنشاط، فينبغي أن تستغلّ هذه بشكل كبير.

إنّ الشباب هو القوّة والعزيمة، والأحلام والطموح، والحيوية والنشاط، القوّة وحبّ الاستكشاف، كلّ هذه الصفات التي توجد في الشباب وتميزهم عن باقي أفراد المجتمع، كما إنّ الإسلام قد أشار للمكانة العظيمة للشباب في المجتمع، وأهميّة الشباب في بناء الأُمم، وبناء حضارتها ورقيها، كذلك جعل منهم قدوة للأجيال التي تأتي بعدهم. حيث يعتبر الإسلام أنّ مرحلة الشباب هي من المراحل المهمّة والحسّاسة في حياة الإنسان المؤمن، ولذا اعتبر بحسب القرآن الكريم مرحلة القوّة والثبات في مقابل مراحل الضعف في حياة الإنسان، قال تعالى: ﴿اللهُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ﴾ (الروم/ 54). فمرحلة الشباب مرحلة القوّة والشجاعة والثبات التي تقع بين مرحلة الطفولة وهي مرحلة ضعف، ومرحلة الشيخوخة وهي مرحلة ضعف أيضاً، ولا يمكن أن نفهم هذه المرحلة إلّا بضرورة التركيز فيها وتنميتها وتهذيبها، بل حفظها من الانحراف على غير الطريق الذي رسمه الله سبحانه وتعالى، وهذا كلّه يكشف عن أهميّة مرحلة الشباب وخطورتها في حياة الإنسان المؤمن.       ومن جهة أخرى أنّ الروايات أكّدت وبشكل قويّ هذه المرحلة، حيث اعتبرتها المرحلة التي يجب على الإنسان أن يغتنمها بالخير والعمل الصالح، فقد جاء في وصيّة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) لأبي ذرّ (رضي الله عنه) أنّه قال: «اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».

المسؤولية في هذه المرحلة الصعبة والخطرة هي أن نلجأ إلى الله سبحانه وتعالى، أن نتمسّك بديننا وثقافتنا وقيمنا، أن نثق بالله سبحانه وتعالى، أن نعرف أنّ أمامنا آمالاً كبيرة نحن قادرون على تحقيقها، أن نستعين بثقافتنا وتعاليمنا وقيمنا لنكون من أصحاب الأنفُس المطمئنة الواثقة الشجاعة المريدة العازمة. ونحن قادرون على تجاوز كلّ هذه الأخطار إذا تحمّلنا المسؤولية وكنّا أصحاب الوعي وأصحاب الأمل، وكنّا أوّلاً وآخراً من اللاجئين إلى الله، مستعيذين به في مواجهة الشيطان، مستعينين به على مواجهة التحدّيات، قال تعالى: ﴿فَفِرُّوا إِلَى اللهِ إِنِّي لَكُم مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾ (الذاريات/ 50). إنّ اعتزاز الأُمة بنفسها لهو يأتي من اعتزازها بشبابها، فالشباب هو مَن يبني المستقبل وهو قلب الأُمّة النابض. والجدير بالذكر أنّ الشباب هم مَن يصنعون الحضارات، وهم مَن يصنعون القرارات المصيرية والتي يتحدد خلالها مصائر الدول، وهم الأيدي العاملة التي تبني بسواعدها نهضة الأُمم، لذا لزم الاهتمام بالشباب وكذلك الاهتمام بتربية النشء تربية ثقافية وفكرية، لأنّ شباب اليوم هم رجال وقادة الغد.

ارسال التعليق

Top