• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الشباب.. عماد نهضة المجتمع

عمار كاظم

الشباب.. عماد نهضة المجتمع

تعد مرحلة الشباب من أزهى وأجمل وأقوى مراحل العمر في حياة الإنسان، ولذلك يُنظَر إلى هذه الفترة الزمنية على أنّها الفترة الذهبية في حياة كلّ إنسان؛ فمرحلة الشباب هي فترة التألق والظهور في مسرح الحياة، وهي كذلك فترة العمل والعطاء، فترة الحيوية والنشاط، فترة القوّة والصحّة، فترة الإنتاج والإبداع، فترة السعي والكدح والحركة.

ولذلك كلّه، تمتاز مرحلة الشباب عن غيرها من المراحل بالقوّة والحيوية والفاعلية والنشاط، فأيام الشباب هي مرحلة القوّة بين ضعفين: ضعف الطفولة، وضعف الشيخوخة. وقد عبّر القرآن الكريم عن ذلك بقوله تعالى: (اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفًا وَشَيْبَةً يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْقَدِيرُ) (الرُّوم/ 54).. فمرحلة الطفولة هي مرحلة ضعف واعتماد على الوالدين، ومرحلة الشيخوخة مرحلة ضعف أيضاً وعجز عن العمل والعطاء والنشاط.. أمّا مرحلة الشباب، فهي مرحلة القوّة والحيوية، والقدرة على العمل والنشاط والإنتاج.

ومن ثمّ، فإنّ مَن يفرط في شبابه يفرط في حياته كلّها، فمن لا يعمل بجد، ومَن لا يدرس برغبة، ومَن لا يعطي بسخاء، ومَن لا يتحمّل المسؤولية بقوّة أيام شبابه.. لن يستطيع أن ينجز ذلك أيام شيخوخته وعجزه. أمّا مَن يستثمر شبابه أحسن استثمار، فهو بالتأكيد سيحقق كلّ أو بعض أمنياته وأحلامه وآماله وأهدافه في الحياة.

والفرق بين الفشل والنجاح هو الفرق بين التفريط والاستثمار، فالفشل مرهون بالتفريط في سنين الشباب.. أمّا النجاح، فمصدره استثمار أيام الشباب بصورة ذكية وممتازة.

إنّنا لو عزمنا على تصنيف القوى والأحداث الدخيلة في بناء شخصية الشباب وتقسيمها إلى عدّة أبواب، نجد أنّ (الفطرة) أوّل قوّة تترك آثارها على مسيرة حياة الإنسان ونمط تفكيره وتختاره بما تكتنفه من ميول ذاتية تلقائية تُحدِّد للفرد توجهاته الخاصة التي تتأطر عادة بإطار الانجذاب نحو الأخلاق الحسنة، إستقاء الحقيقة، حبّ الجمال، الإبداع والنبوغ، وكذلك المحبّة والعبادة.

وتتلو الفطرة، الأسرة وهي ثاني قوّة حياتية تدخل هذا المضمار من بوابتين: إحداهما باب العوامل الجينية (الوراثية)، والأخرى: إعداد الأرضية ومن ثمّ فسح المجال أمام الفرد لتطبيق توجهاته وتبيين سلوكه في أوّل بيئة تربوية ينشأ فيها.

ويعتبر المجتمع بمعناه الشامل ثالث هذه القوى الحياتية. ويسلك المجتمع منحيين في الإطار التربوي. المنحى الرسمي، ويتضمّن نظام التربية والتعليم، والمنحى غير الرسمي ويشمل نشاطات المؤسسات الاجتماعية ووسائل الإعلام. وبهذا، نستنتج أنّ المجتمع يعمل على تثبيت ركائز الأسرة في بعض الحالات ويتحدّاها ويناهضها في حالات أخرى. ويكون تحقيق الأهداف المتوخاة والطموحات التربوية المستهدفة سهل المنال في حالة تلاقي مُثُل المجتمع والأسرة معاً، بينما تفتقد الآفاق التربوية الوضوح المبتغى في حالة تنافر القيم المنشودة لدى هذين المؤثرين التربويين.

الجدير بالذكر أنّ من شأن مؤثرات كالثقافة، الظروف المعيشية، وكذلك التراث الحضاري أن تلعب دوراً هاماً في تنشئة الفرد، إلّا أنه يمكن إلحاقها بالقوّة الثانية (الأسرة)، أو الثالثة (المجتمع).. فالجو الأسري الذي يحياه الأبوان إنعكاس جليّ للقيم والمُثُل الثقافية التي يتمسّك بها الراشدون. والبيئة الاجتماعية كذلك تعتبر بدورها مثالاً للتوجهات والرؤى المنبثقة عن منهل الثقافة والحضارة.

ارسال التعليق

Top