• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الشباب.. قوّة الحياة وطاقة الأُمّة

عمار كاظم

الشباب.. قوّة الحياة وطاقة الأُمّة

الشباب هو المرحلة العمرية الحيوية والأساسية والفاعلة في حياة الإنسان، يكتسب فيها الخبرات، ويستثمر ما لديه من قوّة واندفاعه في سبيل تحصين نفسه وتأكيد حضورها، والإفادة من هذه المرحلة في رفد الحياة بكلّ ما تحتاجه من طاقاته الشابة فكرياً وجسدياً وروحياً، لتكون في أفضل حال. إنّ الحديث عن الشباب، والخوض في همُومه وقضاياه في غاية الأهميّة، لأنّهم الأساس في تقدّم واستقرار الأُمّة، يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «سبعة يظلهم الله يوم لا ظل إلّا ظله، إمام عادل وشاب نشأ في طاعة الله». فالشباب عالم يحتاج الدخول فيه، وإكثار الحديث عنه؛ لأنّ طموحه ليس له حدود وهمُومه لا تُنقضى، ومشاكله تتجدد. الشباب المؤمّل نفعه المرجو خيره هو من تمسك بدينه، وأحبّ وطنه، واستنار بالحقّ، فالشباب هم رجال الغد، وآباء المستقبل، وعليهم مهمّة تربية الأجيال القادمة.

من هنا، فإنّ الشباب الواعين هم الذين يتحمّلون المسؤولية في استغلال إمكاناتهم وفكرهم وحيويّتهم، لجهة التفاعل العالي مع إسلامهم الذي ينتمون إليه، وهو ما يحتِّم عليهم أن يكونوا أصحاب أُفق واسع، وصدور رحبة، وسعة فكر، وعمق تأمّل ونظر في كلّ المواقف والمناسبات والمحطّات، ليعرفوا أين هم في ظلّ ما يحيط بهم، فلا يتصرّفوا إلّا وفق ما تقتضيه الحكمة والمصلحة الإسلامية العليا، وألا يكونوا ضيِّقي الأُفق ومحكومين لغرائزهم وأهوائهم، ولكلّ مَن يحاول تسطيحهم وتجهيلهم، وخطف دورهم، وجعلهم مجرّد مستهلكين لما يُطرح في الفضاء العام. التحلّي بالوعي، والانطلاق في سبيل الدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، والخوض في النقاشات المعرفية المثمرة والهادفة، وتغليب مصلحة الإسلام على ما عداها، وعدم الانشغال بالأُمور الهامشية والجزئية على حساب قضايا الأُمّة، والعمل على تكريس خطاب الدعوة الإسلامية في القول والعمل، والاقتداء الصحيح بروح مدرسة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، من الأُمور الأساسية والمُلحّة التي يجب أن تطبع حركة الشباب المسلم اليوم، وأن تستحوذ على تفكيرهم وحركتهم، فالشباب يمثِّلون عماد الأُمّة وطاقة العطاء، وعليهم توظيف كلّ ذلك في خدمة الإسلام والحياة والناس، فلا يضيّعوا أوقاتهم في الفراغ واللاجدّيّة. والوقت طاقة وهو من أخطر الأُمور، فلا يمكن لإنسان بمفرده ولا لجماعة أو أُمّة أن تفلح ما لم تنظم أوقاتها وتضع كلّ شيء في نصابه. قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا تزول قدما عبد حتى يُسأل عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما فعل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه». وفي الحديث أيضاً عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) لرجل وهو يعظه: «اغتنم خمساً قبل خمس، شبابك قبل هرمك، وصحّتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك».

الشباب طاقة الأُمّة وقوّتها وعمادها ومصدر عزّتها، وهم من أعظم أسباب بلوغ المعالي وتحقيق الغايات، فلابدّ من الوقوف عند حقّهم بالحياة وتأمين فرص العمل وتحقيق الذات والاعتراف بهذا الحقّ واحترامه وإعطائهم الحرّية في إبداء الرأي والاجتماع والتعليم والعمل والمساواة والعيش الكريم وإطلاق الحوار معهم ليتشكّل الرأي السديد الذي به تتحقّق مطالبهم وتصلح أحوالهم فبذلك صلاحهم وصلاح أُمّتهم ونهضتها. والتربية الهادفة والمربي الذكي يأخذ بيد الشاب فلا يحرّم عليه ذلك ولكنّه يصرفه نحو الخير، فتتحوّل الطاقة من معول هدم يهدم النفس إلى عامل بناء يبني النفس ويبني المجتمع. ومن وسائل هذه التربية الربّانية: الجليس الصالح، وصُحبة المسجد، وتلاوة القرآن، ومعايشة السِّيرة للتعرّف على أحوال النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) في جميع ظروفه وأن يكون اللسان رطباً بذكر الله، والقلب مشغولاً بدين الله.

ارسال التعليق

Top