• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصوم.. علاج للأمراض النفسية

الصوم.. علاج للأمراض النفسية

"رمضان".. ضيف عزيز ننتظره كلّ عام بشوق وحنين، لنعيش أجواء روحانية عظيمة، وهو شهر مبارك ما إن يحل على الدنيا حتى يغمرها بأريج خيره ونفحاته الإيمانية والروحانية.. فيه تعمر المساجد بالمصلين.. ولِمَ لا وهو موسم من مواسم العبادة التي تحتفل بها الأُمّة الإسلامية قاطبة.

وهنا نسأل: هل تلعب نفحات شهر رمضان وعاداته الإسلامية وإتباع وصايا الرسول (ص) وتقارب وتواصل الناس في هذا الشهر الفضيل وتنظيم الطعام بشكل صحّي في صورة اللمة على مائدة الإفطار وقت المغرب، دوراً في الصحّة النفسية للمرضى النفسيين وكذلك الأصحاء أيضاً؟

عن هذا التساؤل يجيب الدكتور محمد أحمد عبدالحي، أستاذ الطب النفسي، قائلاً: للصوم آثار إيجابية في تقوية الإرادة، وإختبار قدرة الفرد على الصبر.. فهما سلاحان فعّالان للوقاية وعلاج لأمراض العصر النفسية، ووسيلة مضمونة للتخلص من العادات المرضية السلبية مثل التدخين والإدمان والإنحرافات السلوكية.

ويشير أحمد عبدالحي إلى أنّ نسبة الإصابة بمرض الإكتئاب النفسي تبلغ 7% من سُكّان العالم، حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية. ومن أهم أعراض الإكتئاب: الشعور باليأس والعزلة، وتراجع الإرادة، والشعور بالذنب، والتفكير في الإنتحار، لكن الصوم بما يمنحه للصائم من أمل من ثواب الله، يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس والإحباط، كما أنّ المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال هذا الشهر، تتضمّن نهاية العزلة التي يفرضها الإكتئاب على المريض، والتوبة وتقاوم مشاعر الإثم وتبعد الذهن عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول ذاته ويحدوه التفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الإكتئاب.

ويتابع عبدالحي: أمّا القلق وهو سمة من سمات عصرنا الحالي، فإنّ نسب الإصابة به تصل في بعض المجتمعات إلى 40%. وينتج القلق من الإنشغال بهموم الحياة، وتوقع الأسوأ، والخوف على المال والأبناء والصحة، ولكن الشعور بالإطمئنان المصاحب لصيام رمضان، وذكر الله بصورة متزايدة خلال الشهر الفضيل، يكسبان الشخص راحة نفسية وطمأنينة، ويسهمان في التخلص من مشاعر القلق والتوتر.

ويضيف أستاذ الطب النفسي: يعتبر الصوم فرصة لحل هذه المشكلات من وجهة نظر الصحة النفسية، لذا نعده فرصة جيدة تساعدنا على مواجهة الكثير من المشكلات النفسية. ومثال على ذلك حالة المدخنين الذين اعتادوا استهلاك السجائر بإنتظام خلال الأيام العادية، بمعدل زمني لا يزيد على دقائق معدودة بين إشعال سيجارة بعد سيجارة حتى يتم الإحتفاظ بمستوى معين من مادة النيكوتين، التي تمّ تصنيفها ضمن مواد الإدمان.. إنّ قدوم شهر الصيام، والإمتناع عن التدخين على مدى ساعات النهار، هما فرصة للمدخنين الراغبين في الإقلاع كي يتخذوا قرار التوقف نهائياً عن التدخين. ونلاحظ بالفعل أنّ نسبة نجاح الإقلاع عن التدخين في شهر رمضان أكبر من النسبة المعتادة في الأوقات الأخرى والتي لا تزيد على 20%، ما يعني أنّ كل 10 مدخنين ينجح إثنان منهم فقط في الإقلاع ويعود الثمانية الآخرون إلى التدخين مرّة أخرى.

أمّا عن الإدمان، فيقول د. عبدالحي: يعد الإدمان من أكثر المشكلات المستعصية التي تواجه الأطباء النفسيين، لكن المدهش أننا نحصل على نتائج إيجابية في علاج هذه الحالات خلال الشهر الفضيل. فالصيام تقوية للإرادة المتدنية لدى المدمنين، وقبول لتحدي الإمتناع عن الطعام والشراب خلال نهار رمضان، ما يسهم في تقوية إرادة المدمنين وزيادة مقاومتهم إلحاح تعاطي مواد الإدمان المختلفة، كما أنّ شهر رمضان يذكر الجميع بضرورة التوقف عن ممارسة الأعمال التي تتنافى مع روح الدين، ويمنح فرصة للتوبة والرجوع إلى الله، وهو فرصة كبيرة للخروج من مأزق الإدمان لمن لديه الدافع إلى ذلك.

ارسال التعليق

Top