• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الصيف.. موسم الغرائب في حقائب المسافرين

تحقيق: ثناء عبدالعظيم

الصيف.. موسم الغرائب في حقائب المسافرين
 

قطع غيار سيارات ومطارق وسكاكين ومأكولات متنوعة

 

ثمّة غرائب وعجائب يحملها الناس في حقائب السفر، واللافت أن كثيرين منا لا يدركون غرابة ما يحملون، إلا بعد أن تكتشفه أجهزة التفتيش والأشعة في المطارات، فيصادر أو تتم إعادته إلى البيت. فماذا تحمل في حقيبتك؟ بدأ موسم الإجازات، وبدأ معه تجهيز أمتعة السفر وترتيبها، حيث يفكر كل مسافر في الأشياء التي يحتاج إليها ليضعها في حقيبته، منها ما يحمله بسبب، ربّما لأنّها متوافرة بأسعار زهيدة في البلد الذي يزوره أو يوجد فيه، أو بغرض الاستخدام الشخصي والراحة من عناء البحث عنها حيثما هو ذاهب، إلا أن تلك الأشياء، ومهما بدت بريئة من وجهة نظر المسافر، إلا أنها قد تعد مخالفة في نظر القانون. واللافت أن معظمنا لا يدرك مدى غرابة بعض ما نحمل إلا بعد أن يتم اكتشافه عند نقطة التفتيش في المطار. فمنذ فترة ليست ببعيدة، اتخذت أغلبية مطارات العالم إجراءات أمنية مشددة، ووضعت معايير كثيرة تتعلق بما يمكن للمسافر أن يحمله ضمن أمتعته على متن الطائرة، حيث أدرجت أشياء جديدة في قائمة الممنوعات. فما هذه الممنوعات؟ وهل حصل لك أن اكتشفت أنك تحمل أحدها، ولو عن طريق عدم الدراية أو العلم بأنّها ممنوعة؟ وماذا عن المشاكل والمواقف التي يتعرض لها المسافرون في هذا الإطار؟   - عنكبوت: تتذكر أُم هاني موقفاً طريفاً تعرضت له منذ سنوات في مطار إحدى الدول الأوروبية، وتقول: "كنت حينها أسافر بصحبة ابني الصغير، وأثناء تمرير الحقائب على جهاز الأشعة استعداداً لركوب الطائرة، فوجئ موظف الأمن، وهو ينظر إلى الشاشة التلفزيونية التي تعكس محتويات حقيبة اليد الخاصة بابني، بأن ثمة شيئاً حياً يتحرك داخلها، تبين لاحقاً أنها عنكبوت ضخمة أهداها أحدهم إلى الولد في عيد ميلاده، وكنا قد اتفقنا على أن يتركها أثناء فترة غيابه في عهدة أحد أصدقائه، إلا أن ابني قرر في آخر لحظة اصطحابها معه. ولم يكن من السهل إقناع الطفل بأنّه من الممنوع تماماً اصطحاب الكائنات الحية داخل مقصورة الركاب".   - حجارة: من ناحيتها، تقول الإعلامية اليمنية أماني منجوت: "خلال إحدى زياراتي السياحية إلى مصر اشتريت عدداً من التحف الحجرية، والمنحوتات النحاسية كهدايا تذكارية، ونظراً لحرصي عليها قررت أن أحملها معي في حقيبة يدي، لكن أمن المطار رفض السماح لي بحملها إلى الطائرة لكونها من الأمور غير المصرح بحملها. وبعد أخذ ورد سمحوا بوضعها في المكان المخصص للشحن".   - بالهناء والشفاء: بدورها، تقول سارة النابودة (طالبة): "من المعتاد أن تحتوي حقائب السفر على الملابس وبعض الضروريات، لكن حقيبة والدتي تبقى حالة استثنائية، لأنّها اعتادت أن تحمل فيها مؤونة السفر من أكلات شعبية وخبز، وحتى سمك التونة. كما اعتادت أن تعد لنا وجبة جاهزة، لتؤمن لنا طعام اليوم الأوّل للسفر، خصوصاً إذا كنا متوجهين إلى بلد أجنبي، وذلك حتى نكون قد اكتشفنا ما يناسبنا من طعام على مدار الرحلة". وتؤكد النابودة أن "جهاز الأشعة كشف وجود ذات مرة لفائف محشو الملفوف وصينية دجاج بالصلصة، إضافة إلى لحوم مشوية في حقائبنا".   - متجر ألعاب: "احتياجات السفر لابدّ أن تتلاءم مع الرحلة التي يقوم بها الفرد". هذا ما تقوله هدى سلمان (ربة بيت عراقية)، لافتة إلى أن كل أم تحب أن تأخذ كل مستلزمات واحتياجات الأولاد في السفر حتى تريح نفسها من البحث والشراء". تضيف: "كنت متوجهة ذات مرّة برفقة العائلة والأولاد إلى ماليزيا، فوجدت أننا كنا نحمل في حقائبنا ما يشبه متجراً متنقلاً لألعاب الأطفال، إضافة إلى لوازم البحر من عوامات ومظلات شمسية وقوارب مطاطية، علما أن هذه كلها موجودة هناك، وبأسعار زهيدة". تتابع: "لم يكن الأمر مخالفاً لقواعد السلامة في المطارات بقدر ما كان غريباً". وتذكر نجاة سلمان (شقيقة هدى/ موظفة) أنها عندما كانت متوجهة إلى أستراليا في إحدى المرات، وجدت بعض العاملين في مطار سيدني يوزعون منشورات تعريفية بالأشياء الممنوعة في الطائرة من نباتات وأطعمة ومواد صلبة، وفيها أن كل مسافر يخالف القانون تنزل به العقوبات. وتقول: "أنا أحاول قدر الإمكان تفادي حمل الممنوعات إلى الطائرة، خاصة العطور حتى لا تصادر". تضيف: "عند عودتي من مصر في إحدى المرات، حملت معي أكلات مصرية من فطير مشلتت وبط، قام رجال أمن المطار بمصادرتها".   - ورق فضي: أما الطبيبة دانة عيسى إبراهيم، فتكشف أن أمن المطار استوقفها مراراً لتفتيش حقائبها أثناء سفرها من وإلى الأردن. وتقول: "خلال أحد أسفاري استوقفني أمن المطار، لأن جهاز الأشعة كشف محتويات حقيبة يدي، وما فيها من ماكياج وكريمات وعطور، طلب مني وضعها في حقيبة السفر الكبيرة". تضيف: "عادة، أنا أحمل في حقائبي عند عودتي من زيارة الأهل أطعمة شعبية من جبن نابلسي، وخضار، وملوخية مجففة، أو قمح وورق عنب ولحوم". تتابع: "في العادة، يقوم رجل الأمن بفتح حقائبي للتأكد من طبيعة الأشياء المغلفة بورق الألمنيوم الفضي، لأنّه يتعذر على جهاز الأشعة كشفها على ما يبدو". وتشير دانة إلى أنها تعرضت لموقف محرج في إحدى المرات، عندما طلب منها التخلص من بعض الوزن الزائد، ما اضطرها إلى فتح حقائبها وإخراج محتوياتها أمام الناس.   - سجاد وأدوات مطبخ: عند سفرها، تحمل ربة البيت عنايات العرابي ثلاث حقائب محملة بالهدايا للأهل والأقارب، من ملابس وسجاد وتحف وأدوات مطبخ، لكن القوانين الجديدة في المطارات، والتي حددت وزن الحقيبة، جعلتها تخفف من الهدايا بحسب ما تقول، لافتة إلى أنّ "الماكياج والعطور باتت من الممنوعات على متن الطائرة". تضيف: "لكن، إذا لزم الأمر أضعها في حقيبة الملابس، أو في أكياس بلاستيكية شفافة".   - فاكهة استوائية: وتظل حقيبة ربة البيت السورية مي هشام مفتوحة حتى يوم السفر بحسب ما تقول: لافتة إلى أنها تهتم بتحضير حقيبة أطفالها الرضع من حفاظات وحليب. وتشير مي إلى أنّ "السوائل أصبحت مشكلة لأنّها محظورة على الطائرة ولا يُسمح إلا بوجبة واحدة من الحليب للطفل". تضيف إن "من الأشياء الغريبة أنني فكرت في حمل كمية من الفاكهة الاستوائية من مانجو وكيوي في إحدى المرات، لكونها نادرة الوجود في سوريا، فكان أن وضعتها في حقيبتي، إلا انها فسدت لأن موعد الرحلة تأخر".   - عطور وبخور وبهارات: من جهتها، تكشف كوثر عوض (سودانية)، والتي يدرس أولادها في ماليزيا والفلبين، أنّ "السفر يشكل هاجساً دائماً لأسرتنا. فهناك أشياء غير متوافرة في تلك البلدان يأخذونها معهم من الإمارات، مثل الجبن، والعدس، والبهارات، والفول". تضيف: "عندما أسافر إلى السودان، أحمل هدايا للأهل من أقمشة واكسسوارات وبهارات، ولا أفكر في الأسماك فلدينا نهر النيل بخيراته"، وتقاطعها ابنتها رئال (طالبة طب أسنان) بالقول: "أنا أدرس في الفلبين وأشتهي الأشياء غير المتوافرة هناك، من عطور عربية وبخور ومستلزمات دراسية". تضيف: "كثرة أسفاري جعلت لدي دراية بقوانين السفر، وبكل الأشياء المحظورة، وخاصة العطور".     - مطرقة: أما المهندس أحمد حلاوة، فيقول: "أنا لا أحتاج إلى ملابس كثيرة خلال السفر، فالرجل تكفيه حقيبة صغيرة يحمل فيها بعض القمصان والبنطلونات والملابس الداخلية، وشفرات الحلاقة، ولكنه قد يهتم بحمل أشياء قد يحتاج إليها في عمله". يضيف: "خلال سفري في إحدى المرات، اصطحبت في حقيبة يدي طقماً من المفكات ومطرقة، وعندما مرت حقيبتي في جهاز الكشف أظهرها، وكنت لا أعلم وقتها أن هذه الأشياء ممنوعة، فكان أن تمت مصادرتها". يتابع: "أما زوجتي، فتذهب قبل سفرنا إلى سوق السمك لشراء الروبيان وتجهيزه في حقائب خاصة كهدايا للأهل والأقارب". ويذكر أن "رائحة كريهة تسربت من حقيبة السفر أثناء مرورها عبر جهاز الكشف في إحدى المرات، وعندما تحقق موظف الأمن أنها تحتوي على أسماك وروبيان رفض السماح بتمريرها إلى الطائرة، وهكذا رميناها في مستقلب النفايات وخسرنا الهدية وثمنها".   - هيكل عظمي: وحول الأشياء الغريبة التي تكتشفها الأجهزة، يقول العميد الطيار أحمد محمد: "نحن نتعامل مع جنسيات مختلفة، فبعض المسافرين يحمل معه أشياء غريبة من قطع غيار السيارات والمطارق والمفكات والقداحات والأدوات الكهربائية والحبال، وهذه تشكل خطورة على الرحلة وتتم مصادرتها"، كاشفاً أن "بعض الركاب يحملون السكاكين وأمواس الحلاقة وأدوات المطبخ من شوك وملاعق وغيرها. وهناك من يحملون مواد قابلة للاشتعال كالأسيتون والتنر وغاز الولاعات والمواد الغازية والمنظفات، وكل هذه المواد قابلة للإشتعال. والبعض الآخر يحمل أسماكاً ولحوماً ودجاجاً، ما يؤثر في الرحلة، بتسريب الروائح الكريهة في الطائرة". يضيف قائلاً: "للأسف، فإنّ الناس لا يقرأون الإرشادات المكتوبة على تذاكر الطائرات، ولا يتبعون اللوحات في المطار عند السفر، ولا حتى وسائل الإيضاح التي تعرض على الشاشات، وبالتالي يجهلون الإجراءات والأشياء المحظورة"، لافتاً إلى أن "أكثر الفئات المخالفة هي فئة العمال، فنحن نتعامل مع أربعين مليون مسافر خلال العام". ويؤكد أن "هناك بعض الاستثناءات في ما يتعلق برضاعات الأطفال وأدوية المرضى"، مشيراً إلى أنّه "يفضل أن تأخذ الأُم حليب بودرة، وأن تطلب الماء الساخن من الطائرة". يتابع: "أحياناً، يكون المسافر متوتراً، إما بسبب مرضه أو ربّما تكون عنده حالة وفاة، ويشعر حينها بأنّ الإجراءات الأمنية مفروضة عليه، فيحدث سوء تفاهم وتذمر من قبل بعض المسافرين، لكن رجال الأمن يتحلون بالصبر وسعة الصدر. ذلك أن تفتيش المسافرين وحقائبهم يصب في تأمين الرحلة الجوية للتأكد من خلو أجسامهم من الأشياء الممنوعة". ويكشف أنّ "البعض تم ضبطهم وهم يحملون السكاكين في جيوبهم، وكان أغرب موقف من مسافر صومالي ترانزيت، طُلب منه وضع حقيبته في الجهاز، فكان أن فوجىء المفتش بهيكل عظمي على شاشة الكمبيوتر، واتضح أنّ الرجل بنفسه دخل الجهاز وعرّض جسده للأشعة بسبب جهله بإجراءات السفر".   - قائمة الممنوعات: وحول قائمة الأشياء الممنوعة على الطائرة يقول مدير عمليات أمن المطارات ماجد الجوكر إن "هناك حقائب مخصصة للملابس تدخل إلى بطن الطائرة، وأخرى في اليد تدخل مع الراكب إلى الطائرة" يضيف: "هذه الحقائب تخضع لإجراءات أمنية وقائية للكشف عليها، والتأكد من خلوها من المواد القابلة للاشتعال والأسلحة والأطعمة التي تبعث روائح كريهة، وذلك بتمريرها عبر جهاز يكشف محتوياتها، وهذا ما يسهل على رجل الأمن الإجراءات من دون تأخير للمسافر". يتابع: "هناك مواصفات عالمية وقانونية ودواع أمنية تسهل على الراكب عناء السفر"، لافتاً إلى أن "معظم الركاب يحملون المجوهرات وأجهزة اللاب توب، والساعات والعملات النقدية والمعدنية والكاميرات وهذه أشياء مسموحة. أما الكريمات المختلفة والعطور والمياه، فقد حددها القانون الدولي بمئة ملليليتر، ويتم وضعها في كيس شفاف، ويجب أن لا يتعدى حجم زجاجة المياه حجم زجاجة صغيرة، وإذا زاد على ذلك فإنّها تصادر. كما حدد القانون وزن الحقيبة بألا تتعدى 32 كيلوغراماً وذلك حتى لا تخرب أحزمة الأمتعة، ويصاب العاملون بآلام في الظهر". ويستطرد ماجد الجوكر قائلاً: "يقوم المطار بنشر دعايات تثقيفية لتعريف الناس بالإجراءات المتبعة، في ما يتعلق بحمل العطور وغيرها في حقيبة الملابس حتى لا تصادر". ويقول: "عندما نطلب من مسافر فتح حقيبته يكون رد فعله عادة مبالغاً فيه، لأنّه يكون متوتراً، ومتعباً ويريد أن تكون هناك سهولة في الإجراءات"، لافتاً إلى أن "هناك عادات من الصعب التخلي عنها لدى بعض الشعوب، حيث يأخذون البهارات والأطعمة والأكلات الشعبية وكلها أشياء متعلقة بحياتهم اليومية. أما اصطحاب الحيوانات مع المسافرين، فيتم وفق إجراءات عن طريق الشحن بموافقة مسبقة من المطار، والطيران. وهي توضع في صندوق خاص في بطن الطائرة". من ناحيتها، تشير العريف فاطمة أحمد، التي تعمل في إحدى المطارات، إلى أنّه "أحياناً تحصل مشكلات مع بعض المسافرين عند نقاط التفتيش الأمنية"، لافتة إلى أنّه "تم تدريبنا على فك رموز الصور التي يعكسها جهاز الأشعة على الشاشات". تضيف: "عندما أرى شيئاً غريباً، أطلب من المسافر فتح الحقيبة، حيث نقوم بمصادرة العطور ولعب الأطفال التي تشبه المسدسات والأحزمة الحديدية، وخواتم "الرينغ بوكس"، مؤكدة أن "هناك تعليمات لو اتبعها المسافر فإنّها تسهل عليه إجراءات الرحلة". أما زميلتها الوكيل هند سعيد المنصوري، فتشير إلى أن "من بين الأشياء الغريبة التي اكتشفها الجهاز في حقائب المسافرين، هناك: المقصات والسكاكين وحبال الغسيل، كما تم اكتشاف العديد من حالات تهريب المخدرات والممنوعات".

ارسال التعليق

Top