• ٢٧ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٨ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

العيد.. الفرح الروحي في آفاق الثواب الإلهي

العيد.. الفرح الروحي في آفاق الثواب الإلهي

◄"اللهُمّ إنّا نتوب إليْكَ في يومِ فطْرِنا الذي جعَلْتَهُ للمؤمنين عيداً وسروراً، ولأهل ملّتِكَ مجْمَعاً ومُحْتشداً، من كلّ ذنْبٍ أذْنبناه أو سوءٍ أسْلفناه أو خاطِرِ شرٍ أضْمَرناه، توبةَ مَنْ لا ينطوي على رجوعٍ إلى ذنْبٍ ولا يعودُ بعدها في خطيئةٍ، توبَةً نَصُوحاً خلُصَتْ من الشكّ والارْتياب، فتقبّلها منّا وارْضَ عنّا وثبِّتْنا عليْها". وهذا يوم الفطر الَّذي بدأنا به زمناً جديداً نتخفّف فيه من مسؤولية الصّيام الَّذي فرضته علينا في هذا الشَّهر، وانطلقنا من خلاله إلى أجواء العيد في معناه العميق الَّذي يوحي إلينا، كمؤمنين ملتزمين، بأنّ طاعة الله في أيّ موقع من مواقع حركة الإنسان المؤمن، تمثّل عيداً يحمل في معناه كلّ أسرار الحيويَّة الروحيَّة للعيد، لأنه يحقّق في عمق الروح كلّ معاني الفرح الروحي بالانفتاح على الله في آفاق الثواب الإلهي. وأردت ـ يا ربّ ـ أن يعيش المؤمنون السرور كلّه من خلال اجتماعهم على أساس فرَحِ الطاعة في عيدهم، ومعنى الأخوّة في إسلامهم، وحركة القوة القائمة على الشّعور بالوحدة في خطّ ملّتهم التي شرّعت لهم في وحيك. ونحن نريد ـ يا ربّ ـ أن نعيش معنى العيد في حياتنا في ما نريد أن نعيشه من معنى الطَّهارة في أفكارنا ومشاعرنا وأعمالنا، لنقترب قليلاً من طُهر المواقع الإلهيَّة الّتي نقترب من خلالها إليك، وذلك بما فتحته أمامنا من أبواب التوبة الَّتي تؤدي بنا إلى ساحة رحمتك وآفاق رضاك. ولذلك، فإننا نتوب إليك ـ في يوم فطرنا هذا ـ توبةً خالصةً، مستقرةً في الأعماق، خالدةً في العمر، نصوحاً في معناها، من دون شكّ ولا ارتياب، لأنَّها تنطلق من إيمان راسخ، وقناعةٍ مطمئنة، بأنّ علينا أن نحصل على الاستقامة في دربك المستقيم، فلا ينحرف بنا الشَّيطان عنه إلى مواقع الشرّ في ضلاله وطغيانه، وأن نقوم بتصحيح الخطأ الذي يوقعنا فيه الهوى الذي يتحرك في خط الشيطان، فلا نرجع فيه بعد خلاصنا منه. وهنا نحن نتوب إليك، لتكون توبتُنا هديةَ العيد إليك ـ يا رب ـ عندما نقدّم نفوسنا المؤمنة في مواقع الطّهر الروحي المنفتح على طُهر القداسة في علياء مجدك. إننا نتوب إليك من كل ذنبٍ أذنبناه، أو سوءٍ أسلفناه في ما مضى من أيام عمرنا من أقوالنا وأعمالنا، أو خاطرٍ من خواطر السوء في فكرٍ منحرف يتحرك في طريق الشرّ، أو نيةٍ سيئةٍ من نوايا السوء التي تتصل بالفساد في حركة الحياة وفي واقع الناس، حتى تخلّص أفكارنا من قذارة الشر، وتطهّر أجسادنا من رجس الخطيئة، لنقف بين يديك في إيمان خالص وتقوى منفتحة على طاعتك، فتقبّل منا ذلك، وأعطِنا من واسع رحمتك، وثبِّتنا عليه لنمتدّ في مواقع رضاك.

إنّها فرحة الطاعة والانقياد لله رب العالمين، وشهر رمضان عيد هو الآخر لأولياء الله الملتزمين بمنههجه السائرين على درب المكاره والأشواك. يقول زين العابدين عليّ بن الحسين (ع): "السلام عليك يا شهر الله ويا عيد أولياءه السلام عليك يا أكرم مصحوب في الأوقات ويا خير شهر في الأيّام والساعات... وإذن فـ"كلّ يوم يطاع الله فيه فهو عيد"... لماذا؟ لأنّ الإنسان المؤمن يفرح لحسناته ويحزن ويكتئب لسيئاته. انّ طاعته لربّه تؤكد عبوديته وارتباطه بخالقه وتقرُّبه منه. ولهذا فهو يفرح ويبتهج أنّ فرحة المؤمن ليست فرحة ساذجة وانما فرحة رسالية مبدأية إن صح التعبير. العيد كما يقول أحد العلماء: "هو الفرصة التي جعلها الله للإنسان ليدلل على سمو إنسانيته في مجال القيم وليشعر وهو في هذا الجو الروحي اللذيذ بالإخوة التي تربطه بأخيه الإنسان في فرحة الحياة وبالوحدة الشاملة في المشاعر حتى ليشترك مع الطفل الصغير في مرحه ومع الشيخ الكبير في سروره ومع الشاب المنطلق في أشواقه وأحاسيسه". وهنا نجد التفسير الصحيح لما ورد في الأحاديث المأثورة من استحباب التزاور والإحسان إلى الإخوان والصلة فيما بينهم بتصفية النزاعات الشخصية وغير ذلك من الأساليب التي تجلب المودّة والمحبة والصفاء في أيّام الأعياد وتجعل المجتمع المسلم في حالة تماسك واتحاد وازدهار. إنّ العيد للطائعين الملتزمين الذين قاموا بتلبية النداء واستجابوا لربهم ولرسوله. انّ العيد لمن التزم بآداب الضيافة في شهر رمضان وقدم إرادة الله على رغبته وهواه، يقول عليّ بن الحسين (ع): "اللّهمّ إنّا نتوب إليك في يوم فطرنا الذي جعلته للمؤمنين عيداً وسروراً".► 

ارسال التعليق

Top