• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المساواة والتواضع.. أسمى دروس الحج

المساواة والتواضع.. أسمى دروس الحج

المساواة تتجلى بأسمى صورها في الحج الركن الخامس من اركان الاسلام ، فعلى عرفات حيث يقف الناس موقفا واحدا لا تفاضل بينهم في أي عرض من أعراض الدنيا الزائلة بل التفاضيل والفوز والفلاح بالتقى فحسب، يقول الحق تبارك وتعالى مؤكدا هذا المنهج السامي في الإسلام {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِير} الحجرات..
ويقول تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاء الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }الحج25 ..
فكما صرح القرآن الكريم والسنة الشريفة فان الحج إلى جانب كونه عبادة وتقربا إلى الله سبحانه، فإن فيه منافع اجتماعية، وفوائد ثقافية واقتصادية وسياسية، وتربوية، تساهم في بناء المجتمع الإسلامي، وتزيد في وعيه وتوجيهه، وتساهم في حل مشاكله، وتنشيط مسيرته.
ففى هذا الموسم يشهد المسلمون أروع مظاهر المساواة والتواضع، والأخوة الإنسانية حيث تلغى الفوارق والملابس ،
وتخلع المناصب والالقاب والحسب والنسب ، والظهور باللباس العبادي الموحّد (لباس الإحرام)، وهنا يحس الجميع بوحدة النوع الإنساني وبالأخوة والمساواة.
بالاضافة الى ذلك فاننا نستشعر في الحج وحدة الأرض والبشر، ولاشك ان الحج كونه تجمع بشري كبير يجتمع فيه الملايين من المسلمين من مختلف البلدان العربية والاجنبية فهو يُنتج حركة بشرية هائلة يتبعها تحرك اقتصادي ومالي ضخم ، بمعنى انه عن طريق النقل والاستهلاك وكذلك حمل البضائع وتبادل النقود، بالاضافة الى شراء الأضاحي ومستلزمات الحج والإقامة والسفر ينتفع العديد من المسلمين من كل هذا ويشهد المجتمع حركة اقتصادية ومالية نشطة.
فالحج اجتماع فريد لا مثيل له يلتقى المسلمون خلاله لاداء فريضة الحج فى افضل البقاع واقدسها على صعيد واحد فى اكبر تجمع اسلامى.
فالحج شعيرة عظيمة مبنية على أسس إسلامية فيه تقوى روابط المسلمين الذين وفدوا من مشارق الارض ومغاربها يستفيد بعضهم من بعض وتتقوى فيه روح الألفة والتعاون ليكونوا كالجسد الواحد والبنيان المرصوص فتتوحد الكلمة قال تعالى {ليشهدوا منافع كثيرة} فيجتمع المسلمون على توحيد الكلمة ونبذ الفرقة والاختلاف فديننا دين وحدة قال تعالى {ان امتكم امة واحدة وانا ربكم فاعبدون} سورة الأنبياء، ففى الحج تتساوى الناس فلا فرق بين جنس وجنس او لون ولون لباسهم واحد وشعارهم واحد (لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ) ، وفى هذا المكان المقدس لايصح ان يرفع شعار اخر وفى هذا الموسم العظيم لا يرفع غير نداء واحد وهو نداء التلبية ، كمان ان حركة الحجيج واحدة فتراهم يتحركون من مشعر الى مشعر ومن مكان إلى مكان فى وقت واحد تغشاهم السكينة والأطمئنان فى الحج تتجلى كل معانى الوحدة فاللباس والشعار والتحرك والشعائر كلها واحدة وهذا دليل قاطع على حرص الدين الإسلامى الحنيف على الوحدة القائمة على التوحيد ، ولهذا فأنا انصح المسلمون ان يخرجوا من مدرسة الحج بإستيعاب درسى الوحدة والمساواة والالتزام بهما بعد عودتهم إلى بلادهم انطلاقا من قول الحق عز وجل {انما المؤمنون اخوة} ، وقوله {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا} .
الحج يعطينا نحن المسلمين فرصه لا تعوض لنتذوق طعم المساواة والتعرف والتعاون والمساعده في سبيل الله على قضاء حاجاتنا ،ففى هذه الشعيرة الطيبة تطهر النفس من الحقد والكراهيه، ويعتاد الفرد على الإخلاص في العمل، حيث يضحي بماله واهله وبلده في سبيل مرضاة الله عز وجل.، كما يعطينا الحج فرصة العمر وهي مشاهدتنا تلك البلاد الطاهره المقدسه التي كانت وما زالت نواه للدعوه الإسلاميه ,حيث برز منها اعظم خلق الله ، يكفى انك تنظر الى بيت الله ، فمعظم الناس عند رؤيه بيت الله الحرام تنسى ما كان بها من مرض، فالحج شفاء لكل مرض .
وبالطبع تتجلى في الحج المساواه بكل معانيها فالكل عاري الرأس وسترتهم ازاء ورداء فلا فرق بين عبد وملك ولا غني وفقيرالكل خاضع لله جل جلاله خاشعين في مرضاته .

ارسال التعليق

Top