• ٢٣ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٤ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

المسجد.. طهارة للروح

الشيخ عليّ حسين غلوم

المسجد.. طهارة للروح

 ◄(إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ) (التوبة/ 18).

 

البناء الروحي:

المسجد يهذب نفس المسلم ويرقى بمشاعره ويبعث لديه السكينة والطمأنينة، فهو مضيف إلهه وخالقه، وبيت الأنبياء والوصيين، وملتقى المؤمنين والصالحين. وفي المسجد يعيش المؤمن طهارة الروح في أجواء الصلاة والقرآن والدعاء والكلمة الطيبة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي المسجد يتعلق قلب المسلم بربه، ويحلق في أجواء من شفافية العلاقة بين العبد وخالقه، ليجلس ذليلاً مستكيناً يستجدي العطاء بلا حرج ولا حياء. وفي المسجد يزكي المسلم نفسه من أدران المادية والأنانية والغش والحقد والنميمة والحسد والغيبة وما شاكلها من أمراض النفس.

 

البناء المعرفي:

لا يمكن أن نعزل المسجد عن دوره التعليمي، وقد اتّخذ النبيّ (ص) من المسجد مركزاً لأداء مهامه وبث دعوته وتبليغ رسالة ربه: (هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأمِّيِّينَ رَسُولا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ) (الجمعة/ 2). وعن النبيّ (ص): "مَن غدا إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيراً أو ليعلمه كان له أجر معتمر تام العمرة، ومن راح إلى المسجد لا يريد إلا ليتعلم خيراً أو ليعلمه فله أجر حاج تام الحجة". وعن ابن عباس قال: "سمعت رسول الله (ص) يقول: وقد سأله رجل فقال: أي العمل أفضل؟ قال: ذِكرُ الله. فأعادها عليه ثلاثاً، ثمّ قال: ما جلس قوم في بيت من بيوت الله، يدرسون كتاب الله، ويتعاطونه بينهم، إلا كانوا أضياف الله تعالى، وأظلّت عليهم الملائكة بأجنحتها، ما داموا فيه، حتى يخوضوا في حديث غيره".

 

الدور الاجتماعي:

نهض المسجد على عهد النبيّ (ص) بدور اجتماعي مهم، فقد كانت تطرح فيه القضايا الاجتماعية من خلال الخطب والأحاديث، ويلجأ إليه أصحاب المشكلات الاجتماعية فيقوم النبيّ (ص) بالتوجيه وإيجاد الحلول العملية والتأثير في أصحاب القرار لتصحيح الأخطاء ومعالجة الخلل. وكانت المرأة تجد فيه الصرح الذي ترفع من خلاله معاناتها، فتضع بين يدي النبيّ مشكلتها ليعينها في حلها. والمسجد يعمل على تقوية الأواصر بين المؤمنين بعضهم البعض، وقضاء حوائجهم، والانطلاق إلى المجتمع لبناء علاقات سليمة بعيداً عن المصلحية والنفاق، فضلاً عن تأسيس العلاقة مع المساجد والمراكز الدينية الأخرى من خلال أئمتها وروادها ولجان العمل فيها.

 

الدور الإعلامي:

قام المسجد بدور إعلامي بارز في عهدٍ كانت فيه وسائل الإعلام محدودة جدّاً. وإذا لم يكن ميسوراً للمسجد أن ينهض بهذا الحجم من الإعلام في عصرنا هذا، أو لم تكن الحاجة له قائمة، فإنّه يمكن أن ينطلق في المجال الإعلامي المعاصر في إطاره الفكري والروحي والثقافي والاجتماعي والسياسي الذي بات يدخل كلّ بيت ويخاطب كافة الأعمار دون استئذان من خلال الفضائيات والإنترنت وغيرها.

 

القضاء والاستهلال:

اتُّخذ المسجد داراً للقضاء العادل بين المتخاصمين، لأنّه محل أمن وطمأنينة روحية، يستكين إليه صاحب الحقّ، ويلف مجلسه التقوى، أما في زماننا هذا فقد تقلص هذا الدور بسبب بناء الدولة الحديثة. ومن جهة أخرى فإنّ رصد الأهلة لمعرفة بدايات الأشهر القمرية، ولاسيّما شهر رمضان وشهر شوال يعد من الوظائف التي نهضت وتنهض بها المساجد خدمةً للمجتمع.►

 

المصدر: كتاب طريق سعادتي

ارسال التعليق

Top