• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

النفس والرؤية القرآنية

السيد عبد الحسين القزويني

النفس والرؤية القرآنية

(وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس/ 7-8).

للنفس في القرآن الكريم، محلٌّ مرموق، وحديث طويل، والمُلاحَظ أنّ القرآن الكريم يريد بكلمة النفس – في بعض الأحيان – الإنسان بذاته، المتألف من لحم ودم وعظم، كقوله تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلا بِالْحَقِّ...) (الأنعام/ 151)، وكقوله تعالى: (لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (إبراهيم/ 51).

وفي أحيان أُخرى، يريد هذه القوة الباطنة، التي نحن بصدد البحث عنها، والتي تفعل وتنفعل، وتتقلب، وتتلون.

وقد تحدّث عنها في أكثر من موضع، معبراً عنها بكلمة القلب، ويريد به النفس، كما في قوله تعالى: (.. وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ) (الحجرات/ 7)، وفي قوله تعالى: (.. وَلِيَرْبِطَ عَلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الأقْدَامَ) (الأنفال/ 11)، فالقلوب – في مثل هذه الآيات – ليس المراد منها ذلك الجهاز الكمثري الشكل، الموضوع في الجانب الأيسر من الصدر، إنّما المراد – لا شكّ – النفس البشرية التي تفرح وتحزن، وتنشرح وتنقبض، وتخاف وتطمئن...

ولما كان لابدّ من الإشارة إلى النفس، أشار القرآن إلى القلب، الذي هو – ربّما – وعاء للنفس مجازاً، ولينوب القلب المحسوس، عن النفس التي لا تُدرَك بالحواس، وربما أطلق القرآن كلمة الصدر لتقوم مقام النفس، كما في قوله تعالى: (رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي) (طه/ 25)، وكقوله تعالى: (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ) (الحجر/ 97)، كلّ ذلك كناية عن النفس لأنّها المحور الحقيقي للانفعالات، والتقلبات.

ولتبيان عظمتها، وأهميتها، أقسم بها الله عزّ وجلّ، في كتابه العزيز، والعادة أن يكون القسم الإلهي بالشيء العظيم، فقد جعل الشمس والقمر، والنجوم، والبلد الحرام، وغيرها، من جلائل خلقه، مقسوماً بها.

كذلك النفس، أقسم بها في قوله تعالى: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (الشمس/ 7-8)، أي: قسماً بالنفس، وبخالقها العظيم، الذي فَطَرَها، وخلقها، فعظمة الخالق تتجلى في خلقه، وعظيم آثاره، ومنها النفس العظيمة العجيبة، التي ألهمها فجورها وتقواها "أي عرّفها طريق الفجور والتقوى، وزهّدها في الفجور، ورغّبها في التقوى، وعلمها الطاعة والمعصية، لتفعل الطاعة، وتذرَ المعصية وتجتني الخير، وتجتنب الشر".

ثمّ صرح بأنّ عملية تزكية النفس، وإصلاحها، ليست عملية شاقّة عسيرة، كما يظنّ البعض بل هي ممكنة ويسيرة.

فقال عزّ من قائل: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا) (الشمس/ 9-10).

فالمستفاد من الآيتين الكريمتين، أنّ الإنسان يملك الاختيار في اتخاذ أي قرار شاء لنفسه، وأي طريق شاء، طريق السلامة، أو طريق العطب والفساد، فقد وكّل الله سبحانه إليه تزكية نفسه، وتقويمها، كما وكّل إليه إضلالها وتلويثها إن شاء.

عن ابن عباس (رض) "أفلح من زكّى نفسه، أي طهرها، وأصلحها، بطاعة الله، وصالح الأعمال، وخاب من دسّاها: أي أخملها، وأخفى محلّها، وأهلكها، وجعلها خسيسة قليلة".

وروي عن سعيد بن هلال، قال: كان رسول الله (ص)، إذا قرأ هذه الآية (قد أفلح من زكّاها) وقف ثمّ قال: "اللّهمّ آت نفسي تقواها، أنت وليّها ومولاها، وزكِّها، وأنت خير من زكّاها".

وتوحي الآيات الكريمة، أيضاً، أنّ الله سبحانه، يؤيد بنصره من يحاول تزكية نفسه، فقوله تعالى: (قد أفلح من زكّاها) لا تخلو من الإشارة إلى النجاح والفلاح، في عملية التطهير، والتعديل، والتوجّه إلى الله تعالى، وهي نوع من الجهاد، بل هي الجهاد الأكبر (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (العنكبوت/ 69)، ولما كان جهاد النفس من أكبر الجهاد، ومحاولة إصلاحها عمل إلهي، لا شكّ – حينئذٍ – أنّ الله عزّ وجل، يدعم هذا الجهاد بوسائله الجليلة، ولا يدع المجاهد يعاني من حبائل الشيطان ومكائده.

فالنفس التي – بطبيعتها – تأمر بالسوء بإلحاحٍ، ويحول الشيطان بينها وبين تزكيتها وإصلاحها، قد يبدو تقويمها عسيراً، وثنيها عن السوء صعباً بعض الشيء.

(وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلا مَا رَحِمَ رَبِّي) (يوسف/ 53).

قد يتراءى للإنسان في أوّل وهلة، أنّ صناعة نفس طاهرةٍ، نقيّةٍ، والقضاء على النفس السجينة الملوّثة، تكلفه فوق طاقته، وتحمّله فوق مقدوره، ولكن حين يأخذ بمجاهدتها، ويحاول إصلاحها ويمارس ذلك بالفعل، يتبيّن له، أنّ الله سبحانه وتعالى، لا يدعه وحده، بل يمهد له السبيل، ويفتح له الطريق، للوصول إلى هدفه السامي المنشود.

إنّ مثل النفس، مثل الطينة الرطبة، يمكنك أن تشكِّلها كيف تشاء، ولكن لو اخترتَ لها قُبح السريرة، وسوء الذات – والعياذ بالله – تتجمد على هذه الصورة، وتأخذ هذا الشكل القبيح.

هنا يرى (فرويد) أنّ النفس تتشكل في السنوات الخمس الأولى، من أيام الصبا، فإذا تجاوز الإنسان سنّ الطفولة، لا يمكنه – حينئذٍ – أن يغير في نفسه شيئاً، ولكنّ الإسلام يرفض هذا الزعم، ويرى أنّ بإمكان الإنسان أن يجالد نفسه، أبداً دائماً، وفي أي مرحلة كان من مراحل الحياة. فلو حاول تطهير نفسه، وتخليتها من الوسخ والكدر، والخطايا والذنوب، لوجد الله ناصِرَهُ، ومؤيّده، ومعينه، فالتعرض لنفحات الله، كافية للدخول في ظلّ رحمته تعالى.

قال (ص): "إنّ لربكم في أيام دهركم نفحات، فَتَعَرَّضوا لها...". فمن تعرّض لها، كان كمن أغلق الأبواب على شياطين النفس، وفتحها لفيوضات رحمة الله عزّ وجلّ، واستعدّ لتلقي العلاج...

كان كمن أزاح أعراض المرض، واستعدّ لتلقّي العافية، وقبول الصحة والسلامة.

لابدّ إذن، من إزاحة الأوساخ المتراكمة على النفس، المتمثلة بالمعاصي، والخلال السيئة حتى يتسنى التقرب إلى الله عزّ وجلّ، وورود مناهل المعرفة والفضيلة. فالأخلاق السيئة، بمثابة الغطاء للنفس، تحجب عنها الفضيلة، ولا تدع للتقوى مجالاً، ليتسرّب إلى النفس، مَثَلُ النفس معها، مثل الإناء المملوء ماءً، فلا يمكن أن يدخله هواء.

فالنفوس المشغولة بغير الله، لا تدخلها معرفة الله، وحبُّهُ وأنسُهُ.

قال (ص): "لولا أنّ الشياطين يحومون إلى قلوب بني آدم، لنظروا إلى ملكوت السماوات والأرض".

فشيطان النفس، مانع وعائق في طريق العروج والرُقّي، إلى محل التُقى والإيمان والفضيلة.

يقول العلامة النراقي، في كتابه (جامع السعادات): "ثمّ ما لم تحصل التخلية، لم تحصل التحلية، أي ما لم تتم تصفية الخطايا والسيئات، لا يتم التحلي بالفضائل، كما أنّ المرآة، ما لم تذهب عنها الكدورات، لم تستعد لارتسام الصور فيها، والبَدَن، ما لم تَزُل عنه العِلّة، لم تُتَصوّر له إفاضة الصحة... فالمواظبة على الطاعات الظاهرة، لا تنفع، ما لم تتطهّر النفس من الصفات المذمومة، كالكبر، والحسد، والرياء، وطلب الشهرة...".

(والرحمة الإلهية) بحكم العناية الأزلية، مبذولةٌ على الكلّ، غير مضنونٍ بها على أحد، لكن حصولها موقوف على تصقيل مرآة القلب، وتصفيتها عن الخبائث، ومع تراكم صدئها الحاصل منها، لا يمكن أن يتجلّى فيها شيءٌ من الحقائق، فلا تُحجَبُ الأنوار عن قلب من القلوب، لبُخلٍ من جهة المنعم تعالى، بل الاحتجاب إنّما هو من جهة القلب لكدوره، وخبثه، واشغاله بما يضادّ ذلك.

 

النفس اللوّامة:

ومن عجيب ما يحويه القرآن الكريم، من أمر النفس، هو اعتبارها (لوّامة) (.. وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) (القيامة/ 2)، تعتصر القلب – في بعض الأحيان – لكثرة لومها، على ما جنت يدا صاحبها من مآثم، واجترح من منكرات.

إنّه تأنيب الضمير، كما يعبّر عنه في الاصطلاح النفسي، وهو من عظيم الدلائل على وجود الله تعالى، فلو كانت المادّة وحدها، أو الطبيعة وحدها، تتحكم في خلق الإنسان، فلا معنى – حينئذٍ – للنفس اللوّامة،إنّها قوة باطنة، يسيرها الله عزّ وجلّ، لتلجم الإنسان من التمادي في الظلم، والغي، والحرام.

ولا فرق في لوم النفس بين مسلم وكافر، ومؤمن وفاسق، فالجميع لابدّ أن يستشعر اللوم والندم، في لحظة من اللحظات، على ما بدر منه من خطايا وآثام، في هذه الحياة، وقبل يوم القيامة، ليكون وَخزُ الضمير رادعاً عن التمادي في الزيغ.

فما من نفس برّةٍ أو فاجرة، إلّا وهي تلوم صاحبها، وتقوم: يا ليتني لم أفعل أما لَوم النفس في الآخرة، وإن كانت وردت بذلك بعض الروايات، والأخبار، ولكن لا طائل من ورائه، إذ يكون دور العمل قد انتهى وولّى، وبدأ دور المحاسبة، والثواب والعقاب، فما معنى أن تلومَ الإنسان نفسه؟

واللوم يقع من النفس الفاجرة، كما يقع من النفس المؤمنة أيضاً، فالنفس الكافرة الفاجرة، تلوم صاحبها، وتحاسبه في الدنيا، لما سلف منها من ذنوب، والنفس المؤمنة تلوم صاحبها على ما قصّرت في طاعة الله، وتوانت في جنب الله، أو ربما صدر منها بعض ما لا يرضي الله ولكن المتبادر إلى الذهن، من كلمة (النفس اللوامة) هو ما يعيشه أهل الظلم والفسوق والفجور، من تأنيب الضمير، لما ركبوا من أعمال منافية للدِّين والأخلاق.

ولوم النفس من السُنن الكونية التي أودعها الله تعالى في نفس الإنسان، ليكون قادراً على أن يمسك زمام نفسه، من اتباع الهوى والشيطان، فالنفس البشرية، تنزع تارة للخير، وتارة للشر، تميل للتقوى مرةً، وللفجور أخرى، ولكنها حين تنزع للشر، وتعمل بالسوء، تتحرك النفس اللوامة، لتفعل فعلها، وتؤدي دورها، لردع الإنسان، ومنعه، ومعاتبته على السوء والفجور.

وربما تموت النفس اللوامة، في بعض الناس، أو تعمى، كما يعبّر عن ذلك القرآن الكريم:

(فانّها لا تَعْمَى الأبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (الحج/ 46)، فحينئذ لا تكون في الطريق إلى الضلال، حواجز ذاتية وموانع ننفسية، لكي تصدّ عن الأخطاء، والقبائح، والموبقات.

(خَتَمَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَعَلَى سَمْعِهِمْ وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ) (البقرة/ 7).

(فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا) (البقرة/ 10).

وعندها تتحكم فيه النفس الأمّارة بالسوء، وتسوّل له، لأنّها الوحيدة على الساحة.

(وَكَذَلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي) (طه/ 96).

وتهوّن له ارتكاب الإثم، واجتراح السيئة، وتطوّع له الحرام.

(فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ) (المائدة/ 30).

وبما أنّ الله عزّ وجلّ، عالم بخبايا النفس، ومطلع على أسرارها ومكنوناتها، وما يخفي الإنسان فيها، فإنّه عزّ وجلّ، يعطي كلاً على ما تحويه نفسه، ويبادله بما هو أهل له.

(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِي نُفُوسِكُمْ) (الإسراء/ 25).

(تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلامُ الْغُيُوبِ) (المائدة/ 116).

إنّ الله تعالى ينظر إلى القلوب، ويرى ما فيها بدقّة، فإن كان المرء ذا قلب ذاكٍ، نيّرٍ، ونفس قابلة للهداية والإصلاح، تميل إلى التُقى والإيمان، زاده الله إيماناً وهداية، وأعانه على إصلاح نفسه، ووجّهَهُ إلى الخير والصلاح.

(وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (التغابن/ 11).

(هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا) (الفتح/ 4).

(وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً) (الحديد/ 27).

(إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ) (الأنفال/ 70).

ومَن كانت نفسه ملوّثة بالآثام، وقلبه مريضاً، بحيث صار ميؤوساً منه، لا ينفع معه صلاح وإصلاح، ولا يستحق أن تشمله هداية، فإنّ الله يَكِلُهُ إلى نفسه، ويزيده مرضاً إلى مرضه، وضلالاً إلى ضلاله.

(كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (غافر/ 35).

(وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً) (الجاثية/ 23).

(كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (الرّوم/ 59).

وفي القرآن الكريم، تصريح، بأنّ الوقوف في وجه النفس، وصدّها عن هواها، ومشتهياتها، بعزم وصلابة، ومجالدة رغباتها، ومجاهدتها، دليل على قوة الشخصية، وعظمتها، وبذلك يستحق الإنسان، أن ينال الجنة ثمناً لهذا الموقف الإلهي الجليل.

فالإنسان، حين يصمد أمام هوى النفس، لأجل الله، ويُعرضُ عن المشتهيات الممنوعة، فإنّه بذلك يثبتُ كونه عظيم النفس، قويّ الإرادة، فلا غَروَ لو تكون الجنة مأواه، ومنتهاه.

(وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى) (النازعات/ 40-41).

يستشهد لنا القرآن الكريم، بموقف عظيم، من نبيّ كريم، هو يوسف الصدِّيق، على نبينا وآله وعليه الصلاة والسلام، ويشيد به، وبإخلاصه لله تعالى، حين راودته امرأة العزيز (زليخا) عن نفسه، وأرادت منه الفحشاء، وهو الشاب الحسن الوجه، الذي لا يخلو من شهوات ونفس أمّارة بالسوء، ولكنه أبى، واستنكر بشدة، وغالب نفسه، وخالفها، ووقف موقفاً عظيماً، استحق به الخلود في الدنيا، والمقام الكريم في الآخرة.

(وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَنْ رَأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) (يوسف/ 24).

إنّ مثل هذه المواقف، ليس لها جزاءٌ سوى الجنة التي أعدّها الله للمتقين، وما أكثرها في حياة المؤمنين، والأخيار من الناس.

 

المصدر: كتاب رحلة إلى أعماق النفس

ارسال التعليق

Top