• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الوحدة رمز الألفة والمحبة

عمار كاظم

الوحدة رمز الألفة والمحبة

الإسلام يدعو إلى جمع الكلمة والاتحاد والأخوّة، فالاتحاد نظام الأُمّة الإسلامية وعمودها، وبه تحصل الألفة وتحل المودّة محل الجفاء وتجمع الكلمة، قال تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا) (آل عمران/ 103)، وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات/ 13)، وقال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) (التوبة/ 71). وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «لا يدخلون الجنّة حتى يؤمنوا ولا يؤمنوا حتى يحابوا، أو لا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم افشوا السلام بينكم»، وقال (صلى الله عليه وآله وسلم): «ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم وهم يد على من سواهم فمن أحقر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه يوم القيامة صرف ولا عدل».. فصلاح الأُمّة الإسلامية بانضمام أفرادها وشدة ارتباط بعضهم لبعض وحدة حقيقية تعيش بروح واحدة وترمي إلى هدف واحد وتكون بمثابة الجسد الواحد، فيسعى كلّ فرد منه لخدمة المجتمع فتكون أُمّة صحيحة صالحة قوية لها مجدها وكيانها وعزها وشأنها، فحينئذٍ لا يتسرب إليه الفساد من أي مغرض أو طامع، فبالاتحاد تحصل الألفة وتحل المودة والرحمة وتسهل الدعوة إلى تعاليم الدين، ولقد كان المسلمون في صدر الإسلام يَدعون إلى الوحدة والوئام ويحثوا إلى التقارب والسلام، من قبل نبي الإسلام محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فألقوا بين قبائل العرب بعد أن كان بأسهم بينهم شديد، وبذلك التأليف أصبحوا يداً واحدة ورأياً واحداً في قبال الكفرة واستطاعوا أن يسيطروا على العالم حتى أسسوا مملكة إسلامية عظيمة في أكثر أرجاء العالم البشري. فظهر للعالم بأسره أنّ الإسلام دين جامع للسعادة المزدوجة في النشأتين ونظام يقود البشرية نحو السعادة الكاملة، ويضمن حقوق المجتمع والفرد فهو صالح نحو التطبيق من العقيدة والدولة والسياسة، ولذا شق الإسلام طريقه في كلّ البلاد من أنحاء العالم إلى أسمى ما تصبو إليه النفس مرفوعة الرأس موفورة الكرامة وقد تقبلوه بقبول حسن وعرفوا أنّ الدين والشعب والوطن لله تعالى، وأصبح النشأ الجديد على مبادئ خاطئة في التفكير كالتحيز والتعصب العنصري، فيسعون إلى التفرقة وأسباب ذلك الجهل وحبّ الدنيا وإنّ التفرقة تكشف عن فقدان البصيرة، وبها يتسرب الفساد من أي مغرض أو طامع، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) (الأنعام/ 159)، وقال تعالى: (تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ) (الحشر/ 14)، وقال تعالى: (وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) (الأنفال/ 46)، وهذه الآيات ظاهرة في منع تفرقة الأُمّة شيعاً لأن لا يتسرب إليها الفساد فإذا تم ذلك لا تبقى ثغرة إلى الذين قصدوا التفريق بين صفوف المسلمين. حيث إنّ وحدة الإسلامية منطلقها عقيدة التوحيد فهي التي ربطت بين قلوب المؤمنين برباط متين وهيئت لهم وحدة المنهج ووحدة الغاية ووحدة التصوّر لمهمة الإنسان في الحياة وغاية الوجود الإنساني على ظهر الأرض. والحقّ أنّ الأُمّة الإسلامية تملك من أسباب الوحدة وأواصر الأخوة وقوة الإرادة وإصرار العزيمة ما يجعلها قادرة على تجاوز المحن وتغيير الواقع. وأوّل خطوة يجب أن نقوم بها في الطريق إلى تحقيق الوحدة والتحقق بها هي تعميق الإحساس والشعور بالأُسس والأصول الإيمانية للوحدة الإسلامية من الإيمان بالله وملائكته وكُتبه ورُسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال تعالى: (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُون) (الأنبياء/ 92). فبالوحدة الإسلامية والأُخوة الإيمانية سطعت شمس الإسلام على العالم، وامتدت فتوحاتُه في الشرق والغرب، وخَضعت له دولٌ وممالك قروناً طويلةً من الزمان. وبغياب الوحدة الإسلامية والأخوة الإيمانية تنحلّ العرى، وتوهن القوى.

ارسال التعليق

Top