• ١٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

الوقـت هو الحـياة

حسام العيسوي

الوقـت هو الحـياة

◄إن من المعلوم عند كلّ مسلم أن لله تعالى أن يُقسِم بما شاء مِن مخلوقاته، وأنّه لا يُقسِم إلّا بعظيم، وكلما تكرَّر القسم بشيء دلَّ على أهميته، ولو تدبَّرنا قوله تعالى: (وَالْفَجْرِ) (الفجر/ 1)، وقوله - عزّوجل -: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى) (الليل/ 1، 2)، وقوله سبحانه: (وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى) (الضحى/ 1، 2)، لوجَدْنا أنّها أجزاء الوقت.

ثم تدبَّر أيضاً قوله تعالى: (وَالْعَصْرِ) (العصر/ 1) تُدركْ أنّه أقسم بالزمان كلِّه، وما هذا إلّا لأهميته، وهذه الأهمية مصدرُها أن الوقت هو الزمن الذي تقع فيه الأعمال، وهذه الأعمال (خيرها وشرها) هي التي يُقدِّمها البشر؛ لينالوا بها جزاء الخالق.

إذا عرَفنا ذلك، تبيَّن لنا أهمية الوقت؛ فهو في الحقيقة حياتُنا على هذه الأرض؛ لكي نُقدِّم فيها ما يوصِّلنا إلى الغاية التي لأجلِها خُلقْنا، فالوقت هو الحياة، والوقت نعمة وأمانة يُضيِّعها كثير من الناس، يُضيِّعونها على أنفسِهم، وعلى أمَّتِهم؛ قال (ص): «نِعمتان مَغبون فيهما كثير من الناس: الصحَّة، والفراغ».

وللوقت خاصية، وهي أنّه إذا ذهب لم يَرجِع! وهذا يَدفعنا لاستغلال كلّ لحظة منه. إذا تنبَّه العاقل، وتذكَّر ما مضى من أيام عمره، فإنّه يندم على الساعات التي قضاها في اللهو والبطالة، وأشد ساعات الندم حين يُقبِل المرء بصحيفة عمله، فيَرى فيها الخزْيَ والعار؛ قال تعالى: (يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ وَأَنَّى لَهُ الذِّكْرَى * يَقُولُ يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي) (الفجر/ 23 – 24)، وقال تعالى: (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) (الزمر/ 56)، فالعاقل مَن ندِم اليومَ حيث يَنفعه الندم، واستقبل لحَظات عمره، فعمَّرها قبل أن يأتي اليوم الذي لا ينفع فيه الندم.

 

أسباب ضياع الوقت:

1- عدم وضوح الغاية:

إن عدم وضوح الغاية، أو عدم وجودها، أو عدم التَّفكير فيها، أو عدم الانشِغال بها والسعي لأجلِها - هو أعظم سبب لضياع الأوقات.

فمَن حدَّد هدفاً يَسعى إليه - أيّاً كان الهدف – فإنّه لن يُضيِّع وقته، فالطالب الذي يُريد التفوُّق لا يُكثِر اللهْو، ومَن يُريد الزواج يَسعى لتحصيله بأسبابه، ومَن يُريد أن يكون تاجِراً يسعى لتحصيل ذلك، وهكذا، فحريٌّ بمن غايته الوصول إلى الجنَّة ونعيمها أن يسعى جادّاً لتحصيلها؛ قال تعالى: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ) (الحديد/ 21)، وفي الحديث: «مَن خاف أدلج، ومَن أدلجَ بلَغ المَنزِل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة»، وكلّ هدف نبيل يسعى المؤمن لتحصيله فيه إصلاح دينه، أو دنياه، أو أمته، إذا أخلص فيه النية، ووافق فيه الطريقة الشرعية، فإنّه طريق لتحصيل تلك الغاية.

2- مرافقة الزملاء غير الجادِّين الذي يُضيِّعون الأوقات سُدى، ولا يستفيدون مِن عُمرِهم وشبابهم.

3- الفراغ، وعدم معرفة ما ينبغي أن يشغل به وقته.

4- كثرة المُلهيات والمُغريات، فإذا انشغَل بها المؤمن، ضاعَ وقتُه، وخَسِرَ عُمره.

5- قلَّة الأعوان - من الأهل والأصحاب - على استغلال الوقت.►

ارسال التعليق

Top