• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تعليم الأبناء الاستقلالية والانضباط الذاتي

تعليم الأبناء الاستقلالية والانضباط الذاتي

إنّ الطاعة العمياء والفوريّة قد تُناسب دمية متحركة، لكنها لن تناسب طفلك. علميه الاستقلالية والانضباط الذاتي.

هناك سلوكيات خاطئة، كثيراً ما تقعين فيها من دون علمك، ستضر بطفلك ضرراً شديداً وهي كالآتي:

1-    لا تنتقصي من شأن طفلك 

قد تقولين له "هل تحسب نفسك ذكياً عندما تفعل هذا؟". في كلّ مرة تطلقين فيها واحدة من هذه العبارات التي تقلل من شأنه، فإنّك تُشوّهين المفهوم الذاتي للنفس عنده.

 

2-    لا تستعملي التهديد.

يُضعف التهديد مفهوم طفلك الذاتي عن نفسه. فحين تقولين له "إذا قمت بهذا الأمر مرة أخرى، فسوف تنال نصيبك من العقاب". أو (إذا ضربت أخاك مرةً أخرى، فإنّني سأضربك ضرباً قاسياً تتذكره مدى الحياة" في كلّ مرة تهددين فيها طفلك، تُعلّمينه الشعور بالقلق والاضطراب حيال نفسه، وأن يخافك ويكرهك.

إنّ للتهديد أثراً نفسياً سيئاً عليه، ولكن هذا لا يعني بأنّ وضع حدود صارمة يُعدّ أمراً سيئاً. قد تُخطئين بعض الأحيان في تفسير هذا الأمر، على أنّه يجب ألا تقولين لا لطفل أبداً مثل هذه الأقوال. لكن، عندما يخرج عن المسار الصحيح، يجب عليك أن تضعي حدّاً لذلك. ولكن، لا تخبريه مسبقاً يما ستفعلين إذا كان يتصرف بطريقة سيئة. التهديد أمر يتعلق بالمستقبل، ولكن الطفل يعيش في الحاضر. ولهذا، فإنّ التهديد عديم الفائدة في تحسين السلوك المستقبلي له.

 

3-    لا تُحاولي رشوته

الرشوة الأكبر التي سمعت بها كانت مُقدّمة لفتى مريض في العاشرة من عمره، من الده، الذي وعده بسيارة "بُورش" عندما يتخرّج من المدرسة الثانوية، على أن يحافظ على المعدل الوسط B. ما أثر رشوة كهذه؟ إنّها تزيح الدافع من الداخل إلى الخارج. بدلاً من أن يريد التعلُّم من أجل إرضاء ذاته، وحيازة مفهوم ذاتي إيحابي عن نفسه يكتسبه من خلال ما يتعلمه، يُصبح تَعلُّم الطفل سعياً وراء المكافأة.

4-    لا تنتزعي منه وعوداً بسلوك أفضل

يقوم طفلك الصغير بفعل شيء ما كان يجب ألّا يفعله، وتفقدين السيطرة على أعصابك وتقولين له: "عدني بأنّك لن تفعل هذا مرة أخرى أبداً، أبداً". إنّه ليس مُغفَّلاً، فهو سيعدك بذلك وبعد نصف ساعة سيعود لفعل ما فعله سابقاً. وتُخاطبينه بلغة غاضبة واتَّهامية "آه. لقد فعلتها مرة آخرى.. أنت وعدتني!". إنّك لا تعلمين أنّ الوعود لا تعني شيئاً بالنسبة إلى الأطفال.

فالوعد من سوف يُعلّمه فقط أن يشعر بالذنب عند إخلافه بهذا الوعد. أمّا إذا لم يكن بهذه الحساسية، فسوف يتعلم فقط أن يكون ساخراً، وأن يستعيض بالسلوك اللفظي عن سلوكه العملي. أي يقول ويعد ولا يلتزم بالوعد.

 

5-    لا تستعملي الرقابة بشكل مُبالغ فيه

الرقابة تُضعف المفهوم الذاتي عن النفس، لأنّك عندما تُراقبين سلوك طفلك بنحو مُبالغ فيه، تُعلّمه التالي: لا يمكنك القيام بالكثير من الأشياء بنفسك، ويجب أن أكون إلى جانبك دائماً، حتى يتم كلّ شيء على ما يُرام.

معظم الأهل لديهم القليل من الثقة بقدرة الطفل على فعل الأشياء بنفسه. لذا، يجب تبنّي الشِّعار التالي: لاتقومي أبداً بفعل شيء نيابةً عنه عندما يكون في استطاعته فعل هذا الشيء بنفسه.

 

6-    لا تتكلمي زيادةً على الحد معه

الكلام الزيادة عن الحد يوصل إليه الرسالة التالية: "أنت لست جديراً بفهم الأمور، ومن الأفضل لك أن تنصت لما أقوله لك".

 

7-    لا تطلبي طاعة عمياء وفورية منه

افترضي أنّ شريكك قال لك: "دعي كلّ ما تقومين به، وأعدّي لي فنجاناً من القهوة في الحال وفوراً". إنّك ستشعرين برغبة كبيرة في عدم تنفيذ الأمر، قد تقومي بتنفيذ طلبه بامتعاض، إنّ طفلك الصغير يشعر بالطريقة نفسها عندما تلحّين عليه بترك كلّ ما يفعله في الحال ليقوم بما تطلبينه منه.

أقل ما يمكن أن تفعليه هو أن تُخطريه مسبقاً بما تريينه منه. قولي له "خلال عشر دقائق من الآن سيكون عليك أن تكون جاهزاً لتناول الغداء". يجب أن تُتيحي له بعض الحرّية في التذمُّر قبل طاعته وتنفيذ ما تطلبينه منه، إنّ الطاعة العمياء والفورية قد تناسب دمية متحركة، لكنها لن تناسب طفلك، علميه الاستقلالية والانضباط الذاتي.

 

8-    لا تفسديه بالدلال الزائد

الدلال الزائد والبَطَر هما ما يقصدهما الكثير من الأهل عند الحديث عن إفساده بالدلال.

الدلال الزائد يعني أن تخافي من قول كلمة لا له، ومن وضع حدود صارمة لتصرفاته. وهو ما يعطيه انطباعاً بأنّ هذه الحدود مصنوعة من المطاط المرن، وأنّها قابلة للتوسع في حال الضغط الشديد عليها. هذا الأمر قد ينجح في حضن العائلة، إلّا أنّه يجب ألا تنسى أنّه سيواجه واقعاً مختلفاً خارج البيت. إنّ الدلال الزائد يعني أن تحرمي طفلك من فرصة تنمية قدراته ليكون شخصاً مستقلاً، ومنضبطاً ذاتياً.

 

9-    لا تستعملي قواعد وحدوداً غير متّسقة في تعاملك معه

قد تكونين متساهلة جداً يوم الاثنين وتدعي طفلك يتجاوز كلّ الحدود، لكن يوم الثلاثاء عندما يفعل الأشياء نفسها التي فعلها في اليوم السابق، فإنّك تثورين عليه بطريقة مُخيفة. فهو يحتاج إلى أن يكون لديه بعض الاتّساق والوضوح في معرفة ما هو مُتوقّع منه، أما العشوائية في التعامُل فإنّها تجعله مشوّشاً.

 

10-      لا تستعملي قواعد غير متلائمة مع عمره

لا تتوقعين منه ذي السنتين من العمر الطاعة التي تتوقعينها من طفل في الخامسة، لأنّه سيشعر بعدم الكفاءة، وتمتلئ نفسه بالضغينة تجاهك، فهو لا يزال غير مستعد لما تطلبين منه في هذا العمر، سيترك ذلك أثراً سيئاً جداً على مفهومه عن نفسه.

 

11-      لا تستخدمي وسائل التأديب المتزمّتة والدافعة للشعور بالذنب

هذه الوسائل ستجعله يشعر بالذنب، فإذا قلت له: "لم يكن ما فعلته أمراً جيداً. أنت لست طفلاً جيداً بسبب فعلك هذا. كيف يمكنك أن تفعل شيئاً كهذا بعد كلّ ما فعلته ماما من أجلك؟".

في المرة المقبلة، عندما تشعرين بالرغبة في إلقاء محاضرة أخلاقية مُتزمّتة على طفلك في مرحلة ما قبل المدرسة، حاولي بدلاً من ذلك تغيير أسلوبك، وتخيّلي كاميرا تُصورك في هذا الوقت، وأنّك ستتفرّجين على هذا الشريط بعد ذلك، سوف تُصدمين لسماع ما قلتيه له. ستجدين صياحك، توبيخك، سخريتك وشتائمك وصورتك وأنت غاضبة، وبذلك تعلمين أنّه عليك الهدوء والبُعد عن الغضب.

هل تعلمين ماذا سيحدث لطفلك الذي يتعرض لكثير من هذه الألفاظ؟ إنّه سيصبح عديم الإصغاء، ولن ينفّذ أوامرك. فهو يطوّر آليّة الدفاع الوحيدة التي يمكنه حشدها ضد هذا التدفُّق للكلمات. إنّه يتعلم التجاهُل أو عدم الاكتراث. لكنه لن يكون تجاهُلاً كلياً، فهذه الشتائم ستترك ندوب عميقة وزعزعة في نفسه ستؤثر في حياته كلّها.

الكلمات والمحاضرات التي تلقيها عليه لن تغيير سلوكه، وكلّ ما تفعله هو هَزّ ثقته في نفسه، وجعله طفلاً غير مُبالياً بما يسمع.

 

12-      لا تعطي أي أمر له إذا لم تكوني عازمة على وضعه موضع  التنفيذ

تقولين لطفلك في مرحلة ما قبل المدرسة: "لا تصعد على الكرسي". وهو يستمر في الصعود. وتقولين أيضاً "قلت لك ألا تصعد على الكرسي". ويستمر في الصعود، متجاهلاً كلامك. وتُكملين: "هل سمعتني؟ قلت لك توقف عن الصعود على هذا الكرسي فوراً!". ويستمر في تجاهُل ما تقولينه.

إنّك هنا لا تقومين بأي محاولة لوقفه عن الصعود على الكرسي، وكلّ ما تفعلينه تعليمه أن يتجاهل طلباتك وأوامرك، ولكي تتجنبي هذا النوع من التعليم السلبي، لا تطلبي شيئاً أو تعطي أمراً إذا لم تكوني قادرة على وضعه موضع التنفيذ. 

ارسال التعليق

Top