• ٢٨ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٨ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تفسير آية الصوم في سورة البقرة.. الآية (185)

السيد عبدالأعلى الموسُوي

تفسير آية الصوم في سورة البقرة.. الآية (185)
(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (البقرة/ 185). الآيات – مرتبطة بعضها مع بعض – ذات نسق منظَّم، وأدب رفيع، وأُسلوب رائق في بيان حكم إلهيٍّ ألقاه عزّ وجلّ متدرِّجاً، ليأنس به الطبع، فبيّن سبحانه مدّة الصيام، وأنّها قليلة، ولكنّها عظيمة بسبب نزول القرآن الفاصل بين الحق والباطل فيها، ووضع الصيام عن المرضى والمسافرين، وقد أخبر سبحانه وتعالى أنّه يريد اليسر للإنسان في تكاليفه، ولم ينزِّل الأحكام الشرعية لتعسيره، ثمّ بيَّن بعض الغايات لهذا التكليف العظيم.   - التفسير: قوله تعالى: (شَهْرُ رَمَضَانَ). جملة مستأنفة، بيان للأيام المعدودات، مرفوعة على الابتداء، والخبر (الذي أنزل). ومادة (شهر) تأتي بمعنى الظهور، وسمّي الشهر شهراً لظهوره، وهو جزء من اثني عشر جزءاً، التي تحصل من دوران الأرض حول الشمس، سواء عدّت بالأهلة، أو بغيرها، وجمعه في القلّة أشهر، وفي الكثرة شهور. وقد ورد في القرآن الكريم مفرداً جمعاً في موارد كثيرة، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعَائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلا الْهَدْيَ) (المائدة/ 2)، وقال تعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ) (البقرة/ 197)، وقال تعالى: (إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ) (التوبة/ 36). وتحديد الزمان بالأشهر قديم جدّاً، يأتي في قوله تعالى: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ) (البقرة/ 189)، البحث في ذلك. ورمضان مأخوذ من [رَمَضَ]، وهو شدّة وقع الشمس على الرمل وغيره، ويقال: رمض الصائم، يرمض إذا حرّ جوفه من شدّة العطش، والرمضاء: الحجارة الحارّة، وعن نبيّنا الأعظم (ص): "صلاة الأوّابين إذا رمضت الفصال"، أي: وقت نافلة الظهر هو أن تحمى الرمضاء، فتبرك الفصال من شدّة حرّها وإحراقها أخفافها. وعن جمع من اللغويين: أنّ هيئة فَعَلان – بفتح الأوّل والثاني – يراعي فيها الاضطراب والحركة في الجملة، كالخَفَقان واللَّمعان، والسّيَلان ونحوهما، وقد ادعى الكلية في ذلك. سمّي هذا الشهر بهذا الاسم، لأن حدوث هذه التسمية كان في شدّة الحر، فإنّهم لما نقلوا أسماء الشهور عن اللغة القديمة، عدّوها بالأزمنة التي وقعت فيها. أو لأنّه يحرق الذنوب ويسقطها عن الصائمين، فعن نبيّنا الأعظم (ص) قال: "إنّما سمّي رمضان، لأنّه يرمض ذنوب عباد الله". أو إنّه مأخوذ من الرمضاء – بسكون الميم – وهو مطر يأتي قبل الخريف، يطهِّر وجه الأرض عن الغبار، كما نقل عن الخليل، فكذلك شهر رمضان يطهِّر قلوب هذه الأُمّة عن الخطايا والرذائل. وهو ممنوع من الصرف للتعريف، والنون الزائدة، ولم ترد هذه المادة في القرآن الكريم إلا في هذا المورد. وفي بعض الأخبار: أنّ رمضان اسم من أسماء الله تعالى، فعن أبي جعفر الباقر (ع): "لا تقولوا جاء رمضان وذهب رمضان، فإنّ رمضان اسم من أسماء الله"، وقد روي عن النبي (ص) مثله، كما في كنز العمال. ولعلّ الوجه فيه أنّه عزّ وجلّ يسقط ذنوب عباده، ويغفر لمَن يشاء، ويشهد له ما في بعض الآثار أنّه شهر الله تعالى، ولذا من الأدب أن لا يفرد في الكلام، بل يقال: شهر رمضان، ولكن وقع التعبير به مفرداً في بعض الأخبار، لبيان أصل الجواز، ولم أظفر في الدعوات المأثورة أنّه أُطلق عليه تعالى (رمضان) فيما تفحّصت عاجلاً. قوله تعالى: (الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ). بيان لحكمة تخصيص هذا الشهر بالصوم. والقرآن يأتي بمعنى الجمع، وسمّي كتاب الله به، لأنّه جمع فيه المعارف والأحكام، والعلوم. وهو عَلَمٌ للكتاب المنزل على رسول الله خاتم النبيّين محمد بن عبدالله (ص)، الذي جمع فيه المعارف الإلهية والأحكام الشرعية والعلوم المتعالية. وقد ورد هذا اللفظ في القرآن فيما يزيد على خمسين مورداً، كلّها مقرونة بالتجليل والتعظيم، وله أسماء كثيرة، للقاعدة المعروفة: كلما ازداد المعنى بهاءً وكمالاً، ازدادت ألفاظه جمالاً وجلالاً. وهو المهيمن على جميع الكتب السماوية، والمشتمل على أسرار يصعب على الأذهان فهمها، ولا يمكن الإحاطة بها إلا نزراً يسيراً، ممّن شملتهم عناية الله تعالى، فعلّمهم ما لم يمكن دركه – بغير إفاضة منه عزّ وجلّ – مع اعترافهم بالقصور، والتواضع أمام عظمته، فإنّ درك حقيقة الوحي يختصّ بالموحي، وأمين الوحي والموحى إليه، وهي من الأسرار التي لا يتقدّمهم فيها أحد. ومادة (نزل) تدلّ على الانحطاط من العلوّ في جميع مشتقاتها، سواء كان ذلك حقيقياً أم اعتبارياً. وأما التنزيل، فقد لوحظ فيه التفرّق، بخلاف الإنزال، فإنّه أعمّ منه. وللتنزيل والإنزال مراتب مختلفة، وغايات متعدّدة، يتعدّدان بتعدّدهما، ويختلفان باختلافهما: فتارة: ينزل من مرتبة العلم الأزلي إلى مرتبة فعله تعالى. وأخرى: ينزل جملةً على أقدس قلب وأصفاه في الممكنات، وهو قلب نبيّنا الأعظم (ص)، فيكون كشهاب برق إلهي يبرق على شمس الحقيقة، ليزيدها بهجة وجلالاً، ولمعة وإجلالاً. وثالثة: ينزل متفرّقاً، ليقرأه على مكث. والآية تدلّ على أنّ القرآن الكريم نزل في شهر رمضان، إلا أنها لم تعيِّن في أي وقت منه، ولكن ورد في آية أخرى أنّه في ليلة مباركة، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ) (الدخان/ 3)، وفي ثالثة: ذكر أنها ليلة القدر، قال تعالى: (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر/ 1)، والأخيرة تكون مبيّنة للآيات السابقة، فلا منافاة في البين. وقد تشرّف هذا الشهر بنزول القرآن فيه، ولذا اختصّ بالصيام، ولا يعقل شرف فوق شرف كتاب الله عزّ وجلّ، وإن كان هذا الشهر مقدّس من القديم، وكان الصوم فيه عبادة قديمة، وقد ورد في الأخبار بأنّ الكتب السماوية من صحف إبراهيم، والتوراة، وزبور داود، والإنجيل، والقرآن نزلت في هذا الشهر. وفيه تقدّر جميع الأُمور، بكليّاتها وجزئياتها، قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان/ 4)، وفيه القضاء المبرم الذي لا تغيير فيه، ولا تبديل، ويأتي في المحلِّ المناسب تفصيل ذلك. قوله تعالى: (هُدىً لِّلنّاسِ). الهداية: هي الدلالة بلطف، والهدية: الإعطاء، ففي الإعطاء والبذل تسمّى هديّة، وفي الدلالة هداية، وقد ذكرت هذه المادة بجميع مشتقاتها في القرآن الكريم في ما يزيد على ثلثمائة مورد، وفي جميع استعمالاتها مقرونة بالشرف والتعظيم، إلا في مثل قوله تعالى: (فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ) (الصافات/ 23)، وقوله تعالى: (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد/ 10)، ويمكن الاستعمال بداعي التهكم لا الحقيقة. والمعروف بين الأدباء أنّ الهداية إن تعدّت إلى المفعول الثاني بنفسها، كانت بمعنى الإيصال إلى المطلوب، وإن تعدّت (باللام أو إلى) كانت بمعنى إراءة الطريق، وهذا من إحدى القرائن التي يجدها المتتبع في الكلمات. والهداية: إن كانت بمعنى الإيصال إلى المطلوب بالنسبة إلى الله عزّ وجلّ فهو غير متناه، لأنّ المطلوب لا حدّ له بوجه من الوجوه. نعم استعداد من يُهدى له مراتب متناهية، لفرض إمكانه. وإن كانت بمعنى إراءة الطريق، فهي كثيرة. وللمجاهدات والرياضات الشرعية دخل كثير في الهدايتين، قال تعالى: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا) (العنكبوت/ 69). وتقدّم ما يتعلّق بهذه المادة في أوّل سورة البقرة، فراجع. ولفظ الناس قد ذكر في القرآن في ما يقرب من مائتين وخمسين آية، وأصل معناه من الاضطراب، وهو اسم جنس له أنواع كثيرة، تعرف بالقرائن المحفوفة بالكلام، ومع عدمها يرجع إلى العموم. والمعنى: أنّ القرآن أُنزل في شهر رمضان، لهداية الناس إلى الصراط المستقيم بحسب اختيارهم، ولا معنى للهداية الجبرية وإن كانت مقدورة لله تعالى، قال عزّ وجلّ: (أَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعًا) (الرعد/ 31)، ولكن عنايته الأزلية اقتضت أن تكون اختيارية، لأنّ الكمال في الهداية بالاختيار. قوله تعالى: (وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ). البينات: جمع البينة، وهي الدلالة الواضحة الكافية عقلاً لإتمام الحجة، قال تعالى: (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَا مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) (الأنفال/ 42). والفرقان: ما يفرق بين الحقّ والباطل، وهو كثير مثل الكتب السماوية، قال تعالى: (وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) (البقرة/ 53). والزمان الذي يغلب فيه الحقّ على الباطل، قال تعالى: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ) (الأنفال/ 41)، والمكان الذي يقضى فيه بالحقّ ويعمل فيه. والمعاجز الصادرة من الأنبياء فرقان، كما أنّ السنّة المقدّسة فرقان، والعقل الداعي إلى عبادة الرحمن واكتساب الجنان فرقان، والعالم الذي يعمل بعلمه فرقان. وكلّ ما يضاف إليه تعالى فرقان، مقابل ما يضاف إلى الشيطان. والقرآن أجلى تلك المظاهر، بل هي منطوية في القرآن، فهو قرآن بوجوده الجمعي، وفرقان بوجوده التفصيلي، ولا يختصّ الفرقان بالتفرّق الحسي وبحسب المدارك الظاهرية، بل يشمل التفرق بحسب جميع المدارك، قال تعالى: (فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) (الدخان/ 4). فجميع التقديرات الإلهية، وجميع مراتب قضائه عزّ وجلّ من الفرقان، وفي الحديث: "إنّ الفرقان المحكم الواجب العمل، والقرآن جملة الكتاب"، وهو من بيان بعض المراتب، وإلا فالقرآن بجميع آياته فرقان. وقد ذكر سبحانه وتعالى في المقام ثلاث خصال للقرآن الكريم: وهي أنّه هدىً للناس، وهذه خصلة من لوازم ذات القرآن، بل جميع الكتب السماوية، واشتماله على البيّنات الواضحة لكلّ فرد، والفرقان بين الحقّ والباطل، فإنّ لكلّ حقّ حقيقة، وعلى كلّ حقيقة نور، وفي مقابل كلّ حقيقة باطل، وشأن الكتب السماوية والأنبياء ومَن يحذو حذوهم علماً وعملاً، تمييز الحقّ عن الباطل، وعرضه على عقول الناس، كل ذلك على حسب التدرّج والتأنّي، كما هو سنّته تعالى في أصل الإيجاد، أو في جهات التشريع. قوله تعالى: (فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ). الشهود بمعنى الحضور، سواء كان بالبصر أو البصيرة، أو الواقع، فالكلّ شهود، وهو من الصفات ذات الإضافة، فكما أنّ الشاهد يشهد المشهود، فهو أيضاً حاضر لدى الشاهد. وفي المقام يمكن أن يكون المراد بالشهود الحضور، مقابل الغيبة والسفر، ويعضده قوله تعالى: (أَوْ عَلَى سَفَرٍ). أو يكون المراد الأعمّ منه ومن استجماع شرائط صحة الصوم، ويعضده قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا). قوله تعالى: (وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ). العدّة: هي المعدودة، أي عليه صوم أيام أُخر مثل الأيام التي فاتته من صوم شهر رمضان، ومن التفصيل بين حكم الحاضر وحكم المسافر في شهر رمضان، وإثبات وقتين لهما، يستفاد أنّه لا رجحان لصوم المسافر في شهر رمضان، ويدلّ عليه ما يأتي من قوله تعالى، وإلا لما كان لهذا التأكيد والتمييز بين الموضوعين والحكمين معنى. قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ). الإرادة: هي من الوجدانيات لكل ذي شعور، لأنّ من لوازم الحياة التحرّك بالإرادة، واشتقاقها من ورد. وعن جمع من المفسّرين وغيرهم، أنّها بمعنى الطلب، ولا كلية فيه كما أثبتناه في (تهذيب الأصول). والإرادة من الله – جلّ شأنه – فعله. والمعنى: أنّ الله تعالى أراد في كل ما شرّعه من الأحكام اليسر النوعي، ومنه إفطار المريض والمسافر. وفي التعبير من التحريض والترغيب ما لا يخفى، سواء في الترخيص أم في العزيمة، لأنّ "الله يحبّ أن يؤتى برخصه، كما يحبّ أن يؤتى بعزائمه"، ومن الآية المباركة قوله تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) (النساء/ 28)، وقوله تعالى: (مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) (الحج/ 78). قوله تعالى: (وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ). تأكيد لما سبق. والعسر: خلاف اليسر. والمعنى: أنّ الله تعالى لا يريد العسر في تشريعه الأحكام، ومنها الصيام أداءً وقضاءً، ويستفاد منه أنّ الصوم في السفر غير مراد لله تعالى. قوله تعالى: (وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ). أي: ولتعظّموا الله تعالى على هدايتكم إلى الدين وشرائعه المقدّسة، لاسيما الصيام، فإنّ فيه إصلاح النفوس وتكميلها، وهذه الغاية من أعلى الفضائل. وقد وردت تدلّ على أنّ هذا التكبير وارد في آداب ليلة الفطر إلى أربع صلوات بعدها. وهذا من ذكر بعض المصاديق لكل ما يكبِّر العبد ربّه العظيم، وإن كان ما يصدر من العبد لا يبلغ ما أنعم عليه ربّه الرحيم، إذ لا وجه لنسبة المتناهي لغير المتناهي، قال علي (ع): "وما قدر أعمال أقابل بها نعمك، وإني لأرجو أن تستغرق ذنوبي في كرمك، كما أستغرق أعمالي في نعمك". قوله تعالى: (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).

أي: تشكرون الله على نعمه عليكم كلّها، ومنها الصيام، وفي إتيان (لعل) دلالة على أنّ للأعمال والمجاهدات دخل في قوة اختيار العبد للشكر.

المصدر: كتاب (مواهب الرحمن في تفسير القرآن)

ارسال التعليق

Top