• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

تنمية الحوار عند الشباب

عمار كاظم

تنمية الحوار عند الشباب

الشباب هم الثروة الحقيقة للأمة، لذلك من الضروري أن يتم تنشئتهم بالطريقة الصحيحة والسليمة، لأنهم يملكون الطاقة والقدرة على احداث تغير في المجتمع و نقله إلى مرحلة أفضل.

إنّ تنمية مهارات الشباب يعزز قدرتهم على المساعدة في التصدي للتحديات الكثيرة التي تواجه المجتمع، بما في ذلك الفقر والظلم والنزاع العنيف.

إنّ العامل الأساسي الذي يسهم في تنمية قدرات ومهارات الشباب ويدعمها بشكل إيجابي هو الحوار. تمتاز العلاقات التي تجمع بين الشباب بوجود عدة مجالات للحوار عن شتى القضايا التي تتعلق بمستقبلهم وبمستقبل المجتمع الذي يعيشون فيه فنجد الشباب يتحدوث في عدة قضايا سواء الدينية أو السياسية أو الإجتماعية وهكذا وبالطبع الحوار هام جداً في حياة الشباب ولكن اذا كان ذلك الحوار ذات علاقة بالأمور الإيجابية وذلك لتنمية المجتمع وزيادة روح التعاون بين أبنائه وللحوار قيمة تربوية رائعة تتمثل في كونه أسلوب يستفاد منه في عرض الآراء وتبادلها مع أختيار أفضل الأساليب للإقناع.

إنّ الله عزّ وجلّ يعلمنا في كتابه الكريم كيف نستخدم الحوار القائم على الإقناع في التربية، نجد ذلك في مجال التربية الإيمانية؛ لإقناع خلقه بوجوده سبحانه وإعادة البعث.. ويتجلى ذلك في قوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الأعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) (الروم/ 27). إنّ تدريب الأولاد على المناقشة والحوار يمكّن الأولاد من التعبير عن آرائهم، وإثبات حقوقهم، وإتقان التفاوض مع غيرهم، كما أنّه يثري أسئلتهم وينميها، ومن ثمّ تحدث لهم انطلاقة فكرية مستنيرة، يستطيعون بها أن يردُوا مجالس العلم والفكر، ويضيفوا إليها من إبداعاتهم، بالإضافة إلى ما يضفيه أسلوب الحوار على المناخ التربوي من حيوية وإيجابية لدى الأولاد.

وعندما يختفي الحوار نفتقد الترابط الأسري؛ والعلاقات الدافئة بين أبناء الأسرة الواحدة؛ وإذا كان الحوار ينمي في أبنائنا منهجية التفكير وطريقته؛ لأننا نطلعهم ونتناقش معهم في المبررات التي دعتنا لإتخاذ القرارات، فإن اختفاء الحوار يصيب أبناءنا بالسلبية وغياب الحقائق، والتعود واتخاذ قرار بشأنها، وعدم رضا كلّ من الآباء والأبناء على القرارات المتخذة.

إنّ اختفاء الحوار يفقد ثقة الأبناء فينا، إنهم لم يروا ما كان يجب أن يروه من خلال الحوار من تمتع الأب بكم هائل من الخبرات والمعارف الحياتية التي كان يمكنهم استصحابها والاستفادة منها، ويصبحون كالفراشات التي يجذبها الضوء، ويفتقدون توجيهنا، ويصبح توجيهنا لهم مكروهاً مملاً غير ممتع لهم، ويكثرون الاعتراض على آرائنا وتوجهاتنا، وتتعمق الفجوة بيننا وبينهم، ويطوون أسرارهم داخل حنايا صدورهم، وينفذون مايرونه صحيحاً من وجهة نظرهم دون الرجوع إلينا، ومن ثم يسود الانحراف واللامبالاة حياتهم، وقد يترتب على ذلك مساوئ صحية ونفسية تلحق بهم، ولا نملك إزاءها قدرة على العلاج.

المجتمعات الآن جميعها في حاجة إلى أن يكون هناك حوار مثمر بين شبابها من أجل النهوض بها وذلك لأن الحوار هو أحد أفضل الأساليب لحل المشكلات وتقارب وجهات النظر حتى يسود المجتمع أجواء التسامح والصفاء والحب والمودة.

إنّ الحوار العميق والجاد بين مجموع القوى والتعبيرات المتوافرة في الأُمّة والوطن، هو الذي يوفر الأرضية المناسبة لترجمة وتنفيذ الكثير من المشروعات المفيدة والمهمة للمجتمع.

وأخيراً، يُساهم الحوار بشكل أساس بتذليل عقبات الواقع، التي تمنع من تنفيذ الكثير من الطروحات والمشاريع. وفي المقابل فإنّ الاستبعاد والإقصاء، يقضي على كلّ الممكنات المناسبة للّقاء والائتلاف، كما أنّ هذا المنطق يحرك كلّ غرائز ونزعات الخصام والتباغض والكره بكلّ أشكاله ومستوياته.

ارسال التعليق

Top