• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

دواعي التجديد في دنيا الشباب

دواعي التجديد في دنيا الشباب
◄لماذا التجديد؟ ولماذا نريدُ أن نكون من المجدّدين؟

سؤال مشروع ووجيه وأساسي، وقد طرحه شباب قبلنا، في كلّ عصر وفي كلّ جيل، ولابدّ أن نحمله ونطرحه دائماً ونورثه لمن يأتي بعدنا.

من خلال دراستنا لطائفة من تجارب التجديد، استخلصنا الأسباب والدواعي التالية التي تحرِّك فينا أو تستنهض نزعة التجديد:

 

1-    لا.. للرتابة:

الإنسان بطبعه ميّال للتغيير، فلا يحبّ الرتابة، كونه مخلوقاً متحركاً أو حركياً.. فهو يرفض أن يسبت لأنّ السُّبات نوعٌ من الموت أو هو أقرب إلى الموت منه إلى الحياة، ولا يريد أن يركد لأنّ الركود يغيِّر الطعم والنكهة.

المجدِّدون يهتفون بأعلى أصواتهم: لا للسائدات.. لا للمألوفات لا للنمطيات.. الحياة أوسع من أن تكرِّر ذاتها أو تجترّها.

عن كتاب (القلق) لأبي مدين الشافعي أحد علماء النفس، يقول: التمسّك باتجاه واحد وحالة معيّنة يبعث على السأم.. فركود الهواء يؤذي الجسم، على حين أن تجددوه يساعده ويمدّه بالنشاط والقوّة.

-         الحياة ليست انتظاماً ثابتاً، أو بناءً جامداً، بل هو تغيّر فيه الاضطراب وفيه التوازن.

-         الأشخاص الذين يتمسّكون بعادات معيّنة ويحصرون نشاطهم بها، فلا يجرون أي تغيير في حياتهم، يصابون بالتعب والإرهاق والركود.

-         اكتساب ملكات جديدة يتطلّب علماً وعملاً ومرونة وتكليفاً.

-         إذا تأمّلنا المقاومة التي يواجهُها المُصلح والمجدِّد، وجدنا أنّها ترجع إلى خوف من التغيير الذي يتطلّب مجهوداً جديداً للتكيّف، وجهل الإنسان لنفسه هو الذي جعله يتعثّر في كلّ خطوة من خطوات تقدّمه، وهكذا قُتل المُجدِّدون، وكرّر أقوام قولهم إنّنا وجدنا آباءنا كذلك يفعلون.

-         إنّ العادَة تُريح في الظاهر، وتُميت في الباطن.. تُميت بالسأم وبالإنطواء في سجن الركود والتكرار.

نخلص من رأي علم النفس هذا إلى أنّك يمكن أن تتخلّص من النمطية وتتغلّب على السأم.. بالتجديد.

 

2-    لكلّ جديد لذّة:

للجديد متعتهُ الجديدة.. فرحة أخرى.. بهجة خاصّة.. غبطة.. ولذلك قيل "لكل جديدة لذّة".. والاستمتاع بالجديد ليس مجرد محاولة للتغيير في الذوق، بل بما يستتبع هذا الجديد من شعور بالأنس والراحة والأمان والثقة والسعة والقدرة، وكلّ ذلك يستجلب انشراحاً وانبساطاً نفسياً  كثيراً ما نحتاجهُ في حياتنا.

 

3-    إثبات الذات:

نعرف الكثير من الشباب والفتيات الذين لا يريدون أن يكونوا نسخاً مكررة عن أبويهم أو ذويهم.. إنّهم يريدون أن ينهجوا نهجاً خاصّاً بهم.. أو يختطوا طريقاً أخرى غير التي فتحوا عيونهم فوجدوها مرسومة أو مفتوحةً أمامهم.

إثبات الذات بالإتيان بالجديد يعدّ عند هؤلاء انتصاراً على القولبة والنمطية والإستنساخ.. إنّه يشعرهم أنّهم هم.. لا أنّهم غيرهم.

 

4-    الخطوات الإستكماليّة:

الحياة.. درب طويل.. نهايتهُ القيامة.

عليه.. على هذا الدرب خطوات تمهيدية لروّاد سبقونا..

الخطوات المنجزة تشير إلى شوط من أشواط الرحلة.. فرحلة الكهرباء مثلاً لم تنتهِ عند (إديسون) ولن تنتهي عند آخر عالم كهربائي معاصر.

السؤال عند المجدِّدين دائماً: وماذا بعد؟!

 

5-    الإجابة عن الأسئلة المتبرعمة:

في كلّ يوم، بل في كلّ لحظة يتبرعم سؤال، بل أسئلة.. والأسئلة سواءً التي يطرحها الإنسان على ذاته أو التي يطرحها العصرُ عليه، محرّكات.. ومحفّزات ومحرّضات ودوافع للتجديد، بل ثمة أسئلة تنبثق مع كلّ جديد وتبحث عمّن يلبِّي حاجتها لإجابات أفضل.

الكثير من الإبداعات والتجديدات كانت في بداياتها الأولى أسئلة تدور في الذهن أو الخيال.. وحين وجدت إرادة صادقة ومصمِّمة، وإنساناً مُريداً عازماً، تحوّلت إلى نجاحات وأعمال باهرة وإنجازات وروائع.

المجدِّد كصديقه المبتكر.. باحث عن المجهول.. يحمل دائماً بيديه مفاتيح الأسئلة.

 

6-    الإحاطة.. والشمول:

من عادة المجدِّد أنّه لا يكتفي بالإجابات السريعة المعلّبة والجاهرة لما يعتملُ في ذهنه.. إنّه يحاول أن يدرس الأمور دراسة مستوفية فيها من الإحاطة والشمول ما يفتح له آفاق التجديد في عمله، إذ دائماً هناك جوانب وزوايا لم تُبحث أو لم تُشبع بحثاً، فالمجدِّد باحث عن الجمال والجمال لا يتحقق إلّا بالإكتمال.. أن تتلمّس الجمالَ في الكلّ الشامل لا في الجزئيات والشرائح والمقاطع العرضيّة.

 

7-    روح التنافس:

التنافس والتباري والرغبة بالفوز نزعة متأصّلة في الإنسان، ولولاها لكنّا طلّابَ صفٍّ أو فصلٍ واحد بدرجات متقاربة.. صحيح أنّني الناجحُ بدرجات دُنيا والناجح بدرجات عُليا ننتقل إلى مرحلة ثانية، لكنّ الفرق لا يُلحظ في عملية الانتقال فقط، بل بما ينتظر زميلي من فُرص نجاح أوسع، فيما تضيق عليَّ أنا "القانع" بالفُتات وأدنى الدرجات..

لولا التنافس لاختنق التجديد ولمات الإبداع بالسكتة القلبية؟

(وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ) (المطففين/ 26).

(سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأرْضِ) (الحديد/ 21).

المجدِّدون لا يقنعون بالقليل أو بالمراتب الدُّنيا.. هم في سباق مع الزمن، ومع أقرانهم، ومع أنفسهم.►

ارسال التعليق

Top