• ١٩ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٠ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

سيراً على الأقدام حول العالم

سيراً على الأقدام حول العالم
ما من شيء يضاهي روعة استكشاف بعض أكثر المواقع الطبيعية جمالاً ونقاءً حول العالم سيراً على الأقدام. تأخذك قدماكِ إلى أماكن تعجز عن بلوغها أيّ مركبة. ولا ينبع شعور السعادة الذي يغمرك عندما تقوم برحلة طويلة سيراً على الأقدام من الجهد الجسدي الذي تبذله عند السير وحسب، بل من الحالة الذهنية الفريدة التي تتملّكك حينئذ ذلك أنّ المشي يحثّك على التأمّل ويبعث فيك شعوراً غامراً بالهدوء والسكينة. ولا يُعتبر بلوغ أعلى الجبل أو الوصول إلى معلم أثري بعيد بالمروحية أو بسيارات الدفع الرباعي تجربة استثنائية مقارنة بتحقيق ذلك سيراً على الأقدام، ذلك أنّه من المذهل اكتشاف أماكن جديدة لم تصلها مظاهر الحداثة لتغيّر معالمها. لذا انتعلي حذاءك الرياضي، وانطلقي في رحلة استكشاف عالم مليء بالمناظر الآسرة والمفاجآت.   - في أعالي بوتان: تحملك طريق "شومولهاري" Chomolhari المعروفة أيضاً باسم "طريق رجل الثلج" من أعماق اودية غرب بوتان إلى مخيّم "جانغوتانغ" Jangothang عند أقدام جبل "شومولهاري" الذي يصل ارتفاعه إلى 7314م. فقد باتت مملكة بوتان اليوم تشتهر بكونها وجهة الرحلات التي يحلو القيام بها سيراً على الأقدام والتي ترقى إلى مستوى الخمس نجوم. فخلافاً لنيبال، لم يتمّ تشويه معظم غابات بوتان أو حتى المساس بها، كما أنّ سكّانها القرويّين بعيدون كل البعد عن مظاهر القرن الواحد والعشرين وحداثته. وتشمل الرحلة التي تمتدّ من 7 إلى 10 أيّام خُطى التُجّار المتنقّلين من سهول البنغال عبر ممرّ "تريمو لا" Tremo La وصولاً إلى وادي "فاري" Phari في التيبت. وتُنظّم هذه الرحلة طوال الفترة الممتدة من مارس حتى مايو، ومن سبتمبر حتى نوفمبر. ففي فصل الربيع، تفترش الأزهار البرية المروج العالية، فيما تُزهر أشجار الإجاص والتفّاح للتزيّن ببراعمها الأودية. أمّا في شهر أكتوبر، فتكتسي الأودية المزنّرة بالأنهار ثوباً بُنيّاً تزركشه حقول الأرز اليانعة المزدانة بصبغة ذهبية، وقطعان الثيران الضخمة العائدة من المراعي الصيفية. وتُعتبر هذه الرحلة شاقّة بعض الشيء، إذ تشكّل المسارات الصخرية المنحدرة والصاعدة التي يُمكنك عبور 1000م منها يومياً تحدّياً لقدمَيك ورئتَيك على حدّ سواء. كما يُعتبر مسار "بونتي لا باس" Bhonte La Pass الصاعد حتى ارتفاع 4890م مساراً صعباً جدّاً، إلا أنّ الخبر السارّ هو أنّه كلّ ما عليك فعله هو السير حاملة حقيبة خفيفة تكفيك ليوم واحد. ومن الشركات المنظّمة لرحلات في بوتان، شركة Wind Horse. www.windhorsetours.com   - برفقة النسور في إقليم تيرول النمساوي: يكاد مسار "أدلرويغ" Adlerweg المعروف بـ"مسار النسر" يكون أشبه بلوحة نمساوية معلّقة على جدار بفضل تعرّجه فوق مساحات إقليم تيرول الشاسعة. فإلى جانب روعة المناظر التي تطغى على المكان، تتّسم هذه المنطقة بثقافة غنية ومطبخ شهي وروح ضيافة تسود الأكواج الجبلية. وفي هذه الرحلة، لن تقومي بإتمام المسار الممتد على طول 280 كم ولست مجبرة على إتمامه، إذ هناك لحسن الحظ، عربات تلفريك وطرق وأكواخ جبلية مبنية من الأحجار المحلّية تخوّلك تقسيم "مسار النسر" إلى أجزاء قصيرة المسافة. ومن أهمّ الأجزاء التي يتمّ اجتيازها في هذا المسار، الجزء الذي يحمل رقم 9 إلى 10 والممتدّ من Lamsenjoch Hut إلى Karwendelhaus. ويُعتبر هذا الجزء من المسار غاية في الروعة، إذ يأخذك في رحلة ممتعة بين المراعي المشمسة المطلّة على أشجار القيقب التي تظلّل وادي Grosser Ahornboden، قبل أن تجتازي مراعي مزدانة بالأزهار البرّية ومسيّجة بجبال صخرية رمادية اللون تكلّل قممها المسنّنة الثلوج. وبالرغم من أنّه يمكنك اجتياز مسار الـ19 كم في يوم واحد طويل من السير على الأقدام، إلا أننا ننصحك بتمديد هذه الرحلة يومين إضافيين لتقضي ليلة في Falken Hut وليلة أخرى في أكواخ Kerwendelhaus لتتأملي شروق الشمس فوق الجبال. www.tirol.at   في قلب نيوزلندا: المنظر في هذه البقعة من نيوزلندا أشبه ما يكون بلوحة خيالية، إذ تنسكب في ربوعها الشلالات مصدرة ألحاناً موسيقية، وتتساقط أوراق أشجارها الخريفية الصفراء كرقائق ذهب حقيقية. ففي عمق الأودية الجنوبية في نيوزلندا، يقع مسار "هوليفورد" Hollyford الذي سُمّي تيّمناً بالنهر الذي يتبعه نحو البحر. ويُعدّ هذا المسار الأكثر سهولة للقيام برحلات السير على الأقدام في جبل "أسبايرينغ" ومنتزهات "فيوردلاند" الوطنية في نيوزلندا. ولا يتّجه مسار "هوليفورد" صعوداً أكثر من مستوى الأشجار، إلا أنّه يوفّر متعة من نوع آخر. وقد تطول هذه الرحلة مدة ثلاثة أيام. في اليوم الأوّل، تجتازين ممراً ضيّقاً في جبل "توتوكو" الذي يصل ارتفاعه إلى 2764م، ويعتبر هذا المسار طويلاً نسبيّاً إذ يمتدّ مسافة 17 كم، إلا أنّه مستقيم ويمكنك عبوره بأقل من أربع ساعات. ثمّ تقضين الليلة الثانية بالقرب من الساحل في أكواخ Martins Bay التي تقع على ضفّة النهر فوق البحيرة. وبعد النزول فوق كُتل من أحجار الغرانيت، تبلغين تجمّع الفقمات في Long Reef Point حيث البحر الهادر يلامس أقدام الجبال المكلّلة بالثلوج. وفي صباح اليوم التالي، تصعد على متن طائرة صغيرة للتوجّه إلى جبال "ميلفورد ساوند" التي يصل ارتفاعها إلى 1000م. www.hollyfordtrack.com   - دروب البهارات في شمال الهند: في منطقة كوماوون الهندية، تبرز قمم الجبال حيناً وتنخفض حيناً آخر لتشكّل بحراً متموّجاً يبلغ ذروته عند الجبال العملاقة المكلّلة بالثلوج بمحاذاة الحدود مع التيبت، لتشرف القمم المهيبة على التلال المتدرّجة التي تغرق في أودية تترقرق في ربوعها الينابيع، وعلى القرى النائية حيث الثيران تخور من ثقل المحاريث الخشبية والنساء يدرسن الأرز في أفنية منازلهنّ، وعلى أسطح المنازل التي تغطّيها حبّات الفلفل الأحمر المفروشة لتجفّ تحت أشعّة الشمس الهندية. وخلافاً للقُرى الجبلية النيبالية، يُنظر إلى الزوّار في هذه المنطقة باستغراب ويندهش أطفال القرية لرؤيتهم. وفي هذه التلال، أنشأت جيتا ريب وزوجها الألماني دايتر، مسار قرية كوماوون الذي تُنظّم عليه رحلة تمتدّ عى طول أربعة أيّام برفقة دليل، وتمرّ في قُرى وحقول وغابات من الأشجار الوردية والسنديان. ويمكنك قضاء الليل في منازل قُروية عُدّلت لتُضاعف إليها الأسرّة وتُجهّز بأنابيب الماء من دون أن تفقد السحر البسيط الذي تمنحها إيّاه جدران الحجر والطين. وتطغى على الرحلة أجواء دافئة ومناظر خلّابة تبلغ ذروتها خلال المرحلة الأخيرة من التسلّق حين تشاهدين الفجر يلوّن رأس "ناندا ديفي"، ثاني أعلى قمّة في الهند، والتي يصل ارتفاعها إلى 7187م. www.kalmatia-sangam.com   - في أعماق ناميبيا: بامتداد يصل إلى 160 كم، وبعرض يبلغ 27 كم من ضفّة إلى أخرى، وبعمق يصل إلى 550م، يشكّل وادي نهر "فيش ريفر كانيون" Fish River Canyon عالماً في قلب عالم. وهو يشبه جرحاً عميقاً حفره نهر Fish River تحت أشعّة الشمس الحارقة على مرّ العصور في هضبة ناميبيا المتشكّلة من الصخر الرملي بين صحراء ناميب وصحراء كالاهاري. وقد تستحيل زيارة الوادي صيفاً بسبب الحرارة المرتفعة، إلا أنّها تتدنّى ما بين منتصف أبريل ومنتصف سبتمبر. وتغيب مظاهر الحياة البشرية عن هذا الوادي ما يجعل منه محميّة حصرية للظباء الأفريقية وقردة البابون والغزلان وصقور العوسق والسحالي. وإنّ نجح المحترفون في عبور مسار شاق بمسافة 85 كم من Hobas إلى ينابيع Ai-ais الساخنة في غضون خمسة أيام حاملين كلّ ما يحتاجون إليه على ظهورهم، فعلى محبي المشي الأقل احترافاً، اجتياز مسار أسهل وأقصر على ظهر حمار يمكن امتطاؤه لاجتياز جزء الوادي العابر لمنتزه Gondwana Canon Park الخاصّ. وتمتدّ على طول المسار مناظر خلّابة تخطف الأنفاس وتشعرك بانعزال تامّ عن العالم الخارجي، فيما تتسمّ الرحلة ببرد ليالي الوادي الشديد والآثار الصخرية التي خلّفها البدو الذين عاشوا هناك قبل 500 ألف عام. www.worldexpeditions.com

ارسال التعليق

Top