• ٢٥ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١٦ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

طَلَبُ المغفرة

عمار كاظم

طَلَبُ المغفرة

فتح لنا ربّ العالمين باب الاستغفار، لنتوب عن المعاصي التي ارتكبناها، ولإعطائنا فرصاً إضافية في حياتنا، فلا يكون العقاب ثابتاً، بل يُمحى ويُستبدلُّ برحمة الله تعالى وقبوله التوبة.

يدفعنا الاستغفار إلى أن نأتمر بأوامر الله تعالى ونواهيه، وأن نسلم عقولنا وأنفسنا وجوارحنا لطريق الهدى لتحقيق رضوانه. كُن صادقاً مع ربِّ العالمين، وافتح صفحة جديدة في حياتك، ولا تكرِّر الذنوب، ولا تصر عليها، وفي الوقت نفسه لا تيأس من رحمة الله تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (الزّمر/ 53). وعن الإمام الصادق (عليه السلام): «إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان يَتُوبُ إلى الله في كُلِّ يَوْمٍ سبعين مرّة من غير ذنبٍ». أيّها الإنسان، استغفر الله تعالى من ذنوبك التي أذنبتها، فالنبيُّ (صلى الله عليه وآله وسلم) الذي لم يقم بأي ذنب، كان يستغفر الله تعالى يومياً، فكيف بك أيّها العبد الفقير إلى الله، وأنت الأحوج إلى الاستغفار؟.

إنّ معرفة الذنوب مقدمةٌ لتجنّبها والاستغفار منها، فعن النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم): «ألا أدلُّكم على دائِكم ودوائِكم؟ ألا إنّ داءَكم الذنوب ودواءكم الاستغفار». والمطلوب أن نثابر لمعالجة ذنوبنا بالاستغفار الدائم، والأمل المستمر بقبول التوبة. أرشدنا الله تعالى الاستغفار ليغفر لنا، ويفتح أمامنا الآفاق الإيجابية لحياة أفضل، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «أكثروا من الاستغفار، إنّ الله عزّوجلّ لم يعلِّمكم الاستغفار، إلّا وهو يُريد أن يغفر لكم». وقال أمير المؤمنين (علیه السلام): «مَن أُعطِيَ أربعاً لَمْ يُحْرَمْ أربعاً: مَن أُعطِيَ الدعاء لم يُحْرَم الإجابة، ومَن أعطي التوبة لم يحرم القبول، ومن أعطي الاستغفار لم يُحْرَمِ المغفرة، ومَن أعطِيَ الشُّكْرَ لَمْ يُحْرَمِ الزِّيادَةَ».

نحن بحاجة دائماً إلى الاستغفار، وإلى تعزيز العلاقة مع ربّنا، فحياتُنا اليومية مليئةٌ بالمشاكل والتعقيدات، ويشدنا هوى النفس إلى الانحراف والمعاصي، وننظر إلى النِّعَم التي أنعمها الله على غيرنا فنحسده عليها، ونرى شخصاً متفوقاً علينا فنسعى لكسره كي لا يتفوق علينا أحد، هذا تفكيرٌ خاطئ، وهناك أخطاء كثيرة نُخطئها في حياتنا، بتأثير من هوى النفس، والوسواس الخناس، والتربية السيئة التي نتربى عليها، فنُخطئ مع أهلنا وأولادنا وجيراننا وأصدقائنا وزملائنا في العمل.. هذه الأخطاء تؤدي إلى المعاصي الشخصية، وهناك المعاصي في المعاملات، بالغش في البيع والتجارة والمعاملات المالية. مقابل هذه المعاصي، تأتي الدعوة إلى الاستغفار لتصحيح المسار. لم تتوقف حركةُ إبليس منذ أن طُرد من رحمة الله تعالى، فقد طلب من الله تعالى البقاء إلى يوم القيامة ليُغوي جميع الناس إلّا عباد الله المخلصين، فأذن له جلّ وعلا، ولكن لا عذر لمن احتج بإغواء إبليس، فعملُهُ محدودٌ بالزينة والوسوسة، والمغفرة متاحة للجميع، وعن إبليس: «أي ربِّ، لا أزالُ أغوي بني آدم ما دامت أرواحُهُم في أجسادهم. فقال الربّ عزّوجلّ: لا أزالُ أغفرُ لهم ما استغفروني». روي أنّ داوود النبيّ (علیه السلام) سأل جبرائيل (علیه السلام) عن أفضل الأوقات التي يستغفر فيها الإنسان، قال: «لا أعلم، إلّا أنّ العرش يهتز بالأسحار»، هذا المعنى أشارت إليه الآية الكريمة: (كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) (الذاريات/ 17-18). والسحر هو الثلث الأخير من الليل قبل الفجر، حيث السكون والخشوع والصفاء، وفيه استحباب صلاة الليل بما تضفيه في هذه الفترة من سموٍ نفسي وروحي يساعد للتوجّه بالاستغفار بإقبالٍ وثقةٍ بقبول الله تعالى للتوبة.

ارسال التعليق

Top