• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

علاج الغيرة المهنية

محمد أحمد عبدالجواد (خبير تطوير إداري وتنمية بشرية)

علاج الغيرة المهنية

◄ماذا يفعل المديرون والمسؤولون عندما يرون هذه المشكلة تطل برأسها في بيئة ومجتمع العمل؟

إنّ في وسعهم مراجعة أنفسهم أوّلاً.. ثمّ مراجعة العاملين معهم.. ومراجعة مناخ العمل.

ويمكنهم اتخاذ بعض الإجراءات التي تُخفِّف من بروز هذه المشكلة، ومنها:

 

-          إدارة المشروعات والمهام عن طريق فريق العمل:

فعندما يلمح المدير تنافساً غير شريف، أو غيرة مهنية، أو بروزاً غير محمود في هذه الجوانب، عليه أن يوقف هذه الدائرة الجهنمية من الصراع ويدَع الجميع يلتقطون الأنفاس، حتى تهدأ نفوسهم، وبدلاً من أن يُدار العمل بالأقسام والأفراد، يُدار بفريق عمل أو لجان مهام. ويكون هو المسؤول عن هذه المهام، حتى يتفاعل الجميع مع بعضهم البعض من جديد.

إنّ إدارة المشروعات بفريق العمل ليست مطلوبة في كل الأحوال، ولكنها تصبح هامة وضرورية إذا كان هناك شيء هام ومطلوب للمؤسسة ككل، أو أنّ هناك ضعفاً في قدرات مَن ينبغي إسناد هذه المهمّة إليهم.

ويمكن اللجوء إليها أيضاً عندما تحتدم المنافسة وتخرج عن إطارها السليم.

 

-          تفهُّم المشكلات وعلاجها:

إنّ المدير الفعّال هو الذي يجيد تفهُّم المشكلات، ويتعرَّف على أسبابها قبل أن يُوجِّه أصابع الاتهام والنقد إلى قسم أو فرد بعينه.

إنّ المشكلة أحياناً تكون خارجة عن إطار إرادة هؤلاء الأفراد، ومن ثمّ تحتاج إلى علاج دقيق وتأمُّل كبير، ودراسة متعمِّقة.

إنّ أسهل شيء أن يُوجِّه المدير أصابع الاتهام إلى فرد بعينه أو قسم بعينه ويستريح!!

أمّا أن يدرس ويحلل ويخطط، ويتخذ من الإجراءات ما يعالج هذه المشكلة، فهذا هو الذي يحتاج إلى فهم وإدراك قد لا يتقنه الجميع.

 

-          إدارة الاجتماعات بطريقة صحيحة:

إنّ القرارات الجيِّدة التي نأخذها في الإجتماعات لا تكون إلّا حصيلة استيعاب وفهم للمشكلة المطروحة.. ولن يتأتى هذا إلّا إذا كان هناك إنصات للجميع.

وأن يتمتع الجميع بعدالة مطلقة في الحديث، وأن يحمي الرئيس الضعفاء، ويساعدهم في التعبير عن وجهات نظرهم، ويحد من سيطرة الأقوياء، أو من سيادة وجهات نظر معيّنة، متشددة كانت أو متهاونة، الأمر الذي يشعر معه الجميع بعدالة رئيسهم، وقدرتهم على التعبير عن أنفسهم، وسيادة العدالة في اتخاذ القرارات بعد مناقشات موضوعية هادفة.

 

-          تدوير المسؤوليات أو المهام:

إنّ تدوير المسؤوليات سيمكن كل فرد من أن يتعرَّف على طبيعة عمل الآخر، ومن ثمّ يشعر بإحتياجات هذا المكان وظروفه، بحيث يكون واقعياً عندما يتحدّث عن هذا القسم أو مسؤولياته.. كما يتيح هذا الأمر لكل مسؤول أن يُطبِّق أفكاره وإبداعاته التي يراها جديرة بالتطبيق.

وهكذا يشعر الجميع بعدالة حمل عبء العمل في المؤسسة.. ومن ثمّ يعاونون مَن يتحدّث أو يُمثِّل قسمه، لأنهم رأوا بأعينهم هذه المشكلات.. لاسيما أنهم يوماً ما سيعملون في هذا المكان.

 

-          توظيف الطاقات وشق الجداول:

إنّ فريق العمل ينبغي أن يتكامل في مجموعه.. ولذلك ينبغي توظيف طاقة كل فرد في مكانها المناسب.. بحيث يستطيع أن يبدع ولا يلجأ إلى المنافسة على شيء ما قد لا يكون من مؤهلاته وقدراته.

 

-          واقعية الأهداف وربطها بالإمكانيات المتاحة:

جميل أن يكون لفريق العمل أهداف، ولكن ينبغي أن تكون هذه الأهداف واقعية، وهذا لا يمنع من أن تكون هذه الأهداف طموحة ولكن في الإمكان إنجازها.. أمّا إذا كانت هذه الأهداف غير واقعية، وألهب الرؤساء ظهور مرؤوسيهم، فإنّ هذا قد يُهيِّئ مناخاً لظهور هذه الغيرة المهنية، لاسيما إذا نجح أحدهم في تجاوز هذه النسب.

ومن ثمّ ينبغي أن تكون الأهداف التي يسعى رئيس العمل إلى تحديدها واقعية، وليس ضرورياً أن تكون هذه الأهداف واحدة للجميع، ولكن يمكن أن تكون هذه الأهداف مختلفة من فرد إلى آخر ومن قسم إلى آخر.

 

-          مرونة التوجيه والعدالة بين الأفراد:

إنّ التوجيه المرن يُتيح للرؤساء تفهُّم المشكلات وعلاجها.. ويتيح أيضاً للمرؤوسين التعبير عن أنفسهم ومعاناتهم، واقتراح ما يتصوَّرونه ملائماً للموقف.

أمّا حين يستبد هؤلاء الرؤساء ويكثر نقدهم، فإنّ كل مرؤوس يحبس رُؤاه في صدره، ويختزنها في قلبه. كما أنّ العدالة حينما تسري في بيئة العمل، ويدرك كل مرؤوس أنّ حقّه لن يضيع في زحام العمل، وأنّ بإمكانه تعديل وضبط الصورة عندما يناله ظلم أو معاناه، لا يجعله يوجه آلامه إلى الآخرين.. ولا يحاول إنتزاع هذا الحق الذي يرى نفسه أهلاً له – من وجهة نظره – من بين أيديهم، أو يسعى إلى تشويه سمعتهم.. فالعدل يحمي للمنظمة توازنها وسلامها النفسي. ►

 

المصدر: كتاب الإدارة ضدّ التيار

ارسال التعليق

Top