• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فاطمة الزهراء (ع).. الراضية المرضية

عمار كاظم

فاطمة الزهراء (ع).. الراضية المرضية

إنّ حلقة الوصل بين الرسالة والإمامة هي فاطمة بنت محمّد (ص)، أُمُّ الأئمّة المعصومين (ع) وسيِّدة نساء العالمين. أُمُّها الطاهرة سيِّدة نساء قريش، خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبدالعزّى بن قصي. وهي أوّل إمرأة تَزوَّجها رسول الله (ص)، وكانت من أهل بيت علم وشرف، وكفاها عظمة أنّها ولدت مثل فاطمة الزهراء (ع)، الصِّدِّيقة الطاهرة المعصومة. وُلِدت سنة خمس من المبعث بمكّة في العشرين من جمادى الآخرة، وأنّ النبي (ص) قبض ولها ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر.  كما رُوي عن الإمام جعفر الصادق (ع) أنّه قال: "لفاطمة (ع) تسعة أسماء عند الله عزّوجلّ: فاطمة، الصِّدِّيقة، المباركة، الطاهرة، الزكيّة، الراضية، المرضيّة، المحدِّثة والزهراء". وعن الإمام الرضا (ع): أنّ النبيّ (ص) قال: "إنما سَمَّيت ابنتي فاطمة، لأنّ الله سبحانه فطمها وفطم مَن أحبَّها من النار". وسمّاها النبيّ (ص) البتول أيضاً، وقال لعائشة: "يا حميراء، إنّ فاطمة ليست كنساء الآدميين، ولا تعتلّ كما تعتلّون". وكانت يصبّ عليها من ماء الجنّة، وذلك أنّ رسول الله (ص) لمّا أُسري به دخل الجنّة، وأكل من فاكهتها وشرب من مائها، فنزل من ليلته، فوقع على خديجة فحملت بفاطمة، فكان حمل فاطمة من ماء الجنّة. وُلدت فاطمة من أكرم أبوين عرفهما التأريخ البشري، إذ لم يكن لأحد في تأريخ الإنسانية ما لأبيها من الآثار، التي غيَّرت وجه التأريخ، ودفعت بالإنسان أشواطاً بعيدةً نحو الأمام في بضع سنوات معدودات. كما لم يحدِّث التأريخ عن أُمٍّ كأُمّها، التي وهبت كلّ ما لديها لزوجها، ولمبدئه العظيم مقابل ما أعطاها من هداية ونور. وفي ظل هذين الأبوين العظيمين، درجت فاطمة البتول (ع) ونشأت في دار يغمرها حنان أبيها الذي حمل عبء النبوّة وتحمّل ما تنوء به الجبال. لقد عاشت الزهراء (ع) محن تبليغ الرسالة الإلهية منذ نعومة أظفارها، وحوصرت مع أبيها وأُمّها وسائر بني هاشم في الشِّعب المعروف، ولم تبلغ في بدء الحصار من العمر سوى سنتين. وما أن رُفع الحصار بعد سنوات ثلاث صعبة حتى واجهت محنة وفاة أُمُّها، ثمّ وفاة أبي طالب، وهي في بداية عامها السادس، فبقيت هي سلوة لأبيها – وهو يواجه الصعوبات والشدائد – تؤنسه في وحدته، وتؤازره على طغاة قريش وعتاتهم. هاجرت هي والفواطم مع ابن عمّها عليّ (ع) إلى يثرب في الثامنة من عمرها، وبقيت مع أبيها الرسول الأعظم (ص) حتى اقترنت بالإمام عليّ بن أبي طالب (ع)، فكوَّنت أشرف بيت في الإسلام، إذ أصبحت الوعاء الطاهر للسلالة النبويّة الطيِّبة، والكوثر المعطاء لعترة رسول الله (ص) الميامين. لقد قدَّمت الزهراء (ع) أروع مثل للزوجة وللأُمومة في أحرج لحظات التأريخ الإسلامي، حيث كان الإسلام يريد أن يختطّ طريق الخلود والعُلى في ظل بيئة جاهلية وأعراف قَبَلية ترفض إنسانية المرأة، وتعدّ البنت عاراً. لذا كان على مثل الزهراء (ع) – وهي بنت الرسالة ووليدة النهضة الإلهية الفريدة – أن تضرب بسلوكها الفردي والزوجي والاجتماعي مثلاً حقيقياً وعملياً، يُجسِّد مفاهيم الرسالة وقيمها تجسيداً واقعياً.

وقد أثبتت الزهراء (ع) للعالم الإنساني أجمع أنّها الإنسان الكامل، الذي استطاع أن يكون آية إلهية كبرى على قدرة الله البالغة وإبداعه العجيب، إذ كانت تتمتّع بأوفر حظ من العظمة والكرامة، وأوفى نصيب من الجلالة والبهاء. وأنجبت الزهراء البتول لعليّ المرتضى (ع) وليدين عظيمين، هما سيِّدا شباب أهل الجنّة وابنا رسول الله: (الحسن والحسين) الإمامان الطاهران، كما أنجبت السيِّدتين الكريمتين: (زينب الكبرى وأُم كلثوم) المجاهدتين الصابرتين. توفّيت (ع) في الثالث من جمادى الآخرة سنة إحدى عشرة من الهجرة وبقيت بعد النبي (ص) خمسة وتسعين يوماً. ورُوي أربعة أشهر. كما رُوي أربعون يوماً. ورُوي أيضاً خمسة وسبعون يوماً. كما رُوي ستة أو ثمانية أشهر.

ارسال التعليق

Top