• ٢٩ آذار/مارس ٢٠٢٤ | ١٩ رمضان ١٤٤٥ هـ
البلاغ

فنون الرفض والقدرة على قول «لا»

زهراء مرتضى

فنون الرفض والقدرة على قول «لا»
   المقدرة على الرفض، والتعبير عن الاعتراض تختلفان بين شخصٍ وآخر، لا مفرّ من ذلك. فمنّا من لا يجد صعوبة كبرى في قول كلمة لا، عندما يشعر بالرغبة في ذلك، في حين أنّ جزءاً كبيراً منّا، ولأسباب لا ضرورة للخوض فيها، يتردّد في القيام بالخطوة معظم الأوقات، من أبسط الأمور، إلى أكبرها. من رفض مرافقة صديقه للتبضّع، لأننا ببساطة نشعر بالرغبة في الاستلقاء، إلى رفض الاستغناء عن وظيفتنا لأيّ سببٍ كان. في الحالتين، العملية ذاتها، شيء من الخوف من أحكام الآخرين علينا، ومن ألا نكون على قدر التوقعات، المخاوف تلك، إذا ما جرّبنا التوقف عندها، تبدو لنا واهية ومبالغٌ فيها. مواقف كثيرة وبسيطة نتعرّض لها يومياً، تغلبنا فيها "النعم". فلنتذكّر أنّ لنا الحقّ في الاختلاف.
    حقي أن أختلف مع الآخرين، لاسيّما في بداياتها، شيء من محاولة التملق، والإستمالة. نريد جميعاً إيصال صورة إيجابيّة عنّا للآخرين، فنتردّد في مخالفتهم آراءهم، ويذهب الكثيرون منّا إلى حدّ الاصطفاف دوماً مع الرأي الغالب، ظنّا بأنّهم، بهذه الطريقة، يوجدون لأنفسهم مكاناً في المجموعة. إلا أن الصورة التي يحملها الآخرون عن الشخص الذي يتقبّل كل شيء، مع الوقت، تصبح سلبية. أنّنا، من دون أن ندري، نحقّق ضمناً عكس مرادنا. فاحترامنا لأنفسنا، وقناعاتنا، ورغباتنا، هو الباب الأوّل لاستمالة احترام الآخرين لنا. يكفي، إذا ما خشينا من أن يكون اعتراضنا مستفزاً للآخر، أن نجد الكلمات المناسبة للتعبير عنه، كأن نقول مثلاً "يزعجني أن أضطر لمعارضتك، ولكن أظنّ..".
     
    - حقي في الرفض:
    يصل الطبق الذي طلبته في المطعم بارداً، أتتناوله على حاله حتى لا يظنك الحاضرون متطلّباً أو تحاول تغيير الوضع؟ يطلب منك صديقك أن تساعده في أمرٍ، في وقت تكون متأخراً على إنجاز مسؤولياتك وينقصك الوقت، أتوافق، حتى لا تشكّك في صداقتكما أو ترفض طلبه برفق؟ لا يمكننا أن نلغي الأنا خاصتنا دوماً، تحت طائلة أن نفقد أنفسنا. يحق لنا أن نرفض القيام بما لا يناسبنا في أيّ وقتٍ كان، بل ولابدّ لنا من القيام بذلك لسلامتنا الشخصية.
     
    - فنون الرفض:
    ليس هناك وصفة سريّة لامتلاك القدرة على الرفض وقول لا بسهولة أكبر، ولكنه فنّ إذا ما أتقنت بعض خيوطه، استطعت استخدامه بحكمة، من دون خدش الآخرين.
    ·       تدرّب شيئاً فشيئاً. لا تستطيع اتخاذ قرار رفض ما يزعجك اليوم، وتطبيقه مباشرةً على أمرٍ جوهري في حياتك. إبدأ بالشؤون الصغيرة.
    ·       التزم بأقوالك، لأنّ حسن استخدام كلمة "لا" يتوقّف على مدى حسن استخدام كلمة "نعم". لذا فإنّ قبولك أو رفضك أمراً ما يعني التعهّد بالقيام به والإلتزام بتعهّداتك.
    ·       توقّف عن تبرير خياراتك. لا تستطيع تناول العشاء مع أهلك، لا ضرورة لأن تدّعي المرض مخافة أن تخدش مشاعرهم، وكأنّك غير مقتنع بأحقيّة رفضك. بذلك، أنت تقرّ بأنك مذنب من جهة، وتضع نفسك في موقف حرج تجاه نفسك، من جهة أخرى.
    ·       كن لبقاً قدر الامكان في رفضك. نعم، للرفض أحياناً تأثيره المزعج على الآخرين ولكنّه إذا ما أتى بالحلة المناسبة، مع الكلمات والنبرة المناسبة، يمرّ كالنسمة.
    ·       لا تتراجع. إنّ رفضت أمراً ما، وأصرّ الآخر، لا يمكنك التراجع أمام حججه، لأنّك بذلك تضعف موقفك، ليس في لحظتها فقط، بل لاحقاً. كرّر رفضك مراراً وتكراراً من دون اعطاء تبريرات وأظهر أنّك مقتنع بما تقوله.
    ·       إذا ما شعرت بأنّ الأمر كان له تأثيره السلبي على الآخرين تستطيع أن تقترح بديلاً. "لا أستطيع تناول العشاء معكم اليوم، ولكنّني سأمرّ غداً عند الغداء". بذلك سيتأكّد الآخر بأنك لا تتهرّب منهم.
    ·       لا تفرط في استخدام هذه الكلمات، لأنّ ذلك سيضعف من قيمتها.
    ·       إذا ما شعرت بأنك غير قادر على الرفض، إما لأنّك تخشى من ألا تكون نبرتك مقنعة، أو لأنك غير واثق بعد من خيارك، اطلب الوقت للتفكير قبل إعطاء جواب.

ارسال التعليق

Top