• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كرم الزوج.. المفتاح السحري للسعادة الزوجية

تحقيق: سعيد شلش

كرم الزوج.. المفتاح السحري للسعادة الزوجية

◄في الماضي، كانت الوسامة والشاعرية على رأس الأولويات التي تحبها المرأة في شريك حياتها، ولكن أحدث الدراسات في عصرنا الحالي، تشير إلى أن كرم الزوج بات يعد من أهم الصفات، التي تلعب دوراً مهماً في ضمان حياة سعيدة هانئة بين الزوجين.
الدراسة موضوع هذا التحقيق، والتي نشرتها "وكالة أنباء الشرق الأوسط" المصرية مؤخراً، رحّب بنتائجها الرجال والنساء، وأيّدوا ما توصلت إليه مجموعة من الأخصائيين في العلاقات الأسرية وعلم الاجتماع والطب النفسي أيضاً. مع العلم أنّه نادراً ما تتفق آراء كل الشرائح على تأكيد نتائج دراسة ما. وكانت الأبحاث الطبية السابقة أشارت إلى أنّ "التناغم في العلاقة الحميمة بين الزوجين، يعدّ المؤشّر الوحيد والأهم على مدى تمتّع الزوجين بتوافق وسعادة"، ليحتل بذلك المرتبة الأولى، إلا أنّ الدراسات الحديثة أشارت إلى أنّ هذا العامل يأتي في المرتبة الثانية، بعد "تدفّق المشاعر والكرم بين الزوجين".

- استثمار طويل الأمد:
يحيى الحربي (استشاري أسري)، منغمس في حل المشكلات الزوجية بكل تفاصيلها، ما جعله على معرفة بما هو مخفي عن كثيرين منّا. وقد عبّر عن رأيه في ما جاءت به نتيجة الدراسة التي نشرتها "وكالة أنباء الشرق الأوسط"، قائلاً: "لاشك لديّ في كلمة واحدة مما جاءت به هذه الدراسة. فما أعايشه على أرض الواقع، يؤكد أهمية كرم الزوج في دعم العلاقة الزوجية، بل إنّه يسهم في حل المشكلات التي تقع بين الزوجين، فهو استثمار طويل الأمد، حيث إنّ معظم المشكلات التي تصل إلى المحاكم، تكون ناتجة عن عوامل مادية (بخل الزوج) مادياً وعاطفياً، فلو كان هناك كرم مادي ومعنوي من الزوج لزوجته، لما وصل الكثير من المشكلات الأسرية إلى المحاكم، وكان من الممكن حلّها في إطار عش الزوجية".
ويؤكد يحيى الحربي، أن "أسوأ أنواع البخل، هو البخل العاطفي، فهو قاتل بالنسبة إلى المرأة، فالعاطفة عند المرأة غاية، أما بالنسبة إلى الرجل فهي وسيلة للوصول إلى الغاية". يضيف: "إذا أراد الرجل أن يحصل على ما يريد من حقوقه الشرعية من زوجته، فينبغي عليه أن يعطيها ما تريد. وعلى الرجل أن يدرك أنّ المادة والعلاقة العاطفية مسألتان مهمّتان لدى المرأة، فإذا حدث تقصير في جانب من الجانبين، يتم تعويضه من خلال الجانب الثاني". يقول: "أما الطامة الكبرى، فهي عندما يحدث تقصير في الجانب العاطفي، وبخل في الجانب المادي، فالبخل العاطفي والمادي أسوأ من بعضهما بعضاً".

- فعل السحر:
من جهته، يؤيد أحمد محمد (فنان تشكيلي، متزوج منذ 8 أعوام)، كل ما توصلت إليه الدراسة قائلاً: "إنّ لكرم الزوج مع زوجته فعل السحر". يضيف: "أنا لا أتوانى بين وقت وآخر، عن شراء كل ما تحبه زوجتي من دون طلب منها، حيث أحرص على الاحتفاء بوالدتها وأشقائها، وأدفعها دفعاً إلى مجاملتهم في المناسبات المختلفة، لأنني أشعر بحجم السعادة التي تنتابها، عندما تجدني أهتم بمجاملة أسرتها، فهي مرتبطة بوالدتها، نظراً إلى وفاة والدها وهي طالبة في الثانوي". يتابع: "ليس هذا فقط، بل إنني أغدق عليها بالكثير من الحنان والكلمات اللطيفة، لأنني أدرك حاجة المرأة إلى هذه المشاعر، التي تؤثر في نفسيتها وتجعلها في سعادة كبيرة". يقول: "مهما حدث بيننا من خلافات أحياناً، إلا أنها تنتهي بسرعة، لأن رصيدي لديها يسمح".

- طيبة القلب:
تربط فاطمة العامري (موظفة) بين الرجل الكريم وما يتمتع به من طيبة القلب. تقول موضحة: "إنّ الكرم صفة جميلة في الرجل، والكريم طيب القلب وحنون وعطوف". مشيرةً إلى أنّ الرجل "عندما يكون كريماً مع زوجته ويلبّي لها احتياجاتها، فإنّها تتحمّل كل شيء من أجل توفير حياة هانئة له". تضيف فاطمة: "إنّ المرأة لا تحب الرجل البخيل"، لافتةً إلى أنّ "أكثر حالات الطلاق التي تحدث هذه الأيام، يكون سببها في الأغلب، اعتماد الزوج على راتب الزوجة، لأنّه يعتبر أن من حقّه عليها أن تشارك في مصاريف البيت، مادامت تعمل ولديها راتب شهري، وهذه مسألة تزعج المرأة جدّاً".

- كلمة حلوة:
"الكلمة الحلوة تنتظرها المرأة من الرجل دائماً".. الكلام للسيدة سميرة العيادي (موظفة، متزوجة)، التي ترى أنّ "بيت الزوجية يبنى على كلمة حلوة، فالزوجة تعمل ليلاً ونهاراً في البيت والعمل، ويسعدها جدّاً أن تسمع كلمة حلوة من زوجها على شاكلة: "سلمت يداك"، "تبارك الرّحمن"، وغيرها من العبارات الرقيقة، التي تعبّر عن حجم المشاعر التي يكنّها الزوج لزوجته". تضيف: "كما أنّ للهدية دورها الإيجابي أيضاً في علاقة الزوجين، حتى ولو كانت الهدية بسيطة، خاصة إذا كان الرجل لا يستطيع التعبير عن مشاعره لزوجته، ففي هذه الحالة، فإنّ الكرم المادي يؤثر إيجاباً في المرأة". ولا تتفق سميرة مع الرأي القائل إنّ "الكرم المعنوي يغني عن الكرم المادي". السبب من وجهة نظرها.. "أنّ المرأة لا تتغاضى عن شيء مقابل شيء، فهي لا تكتفي بأن يكون زوجها كريماً معها في الجانب المعنوي، ولكنه بخيل معها في الجانب المادي، فلا هذا يغني عن ذاك".
وتؤيد حكيمة أبو الوضوح (موظفة، متزوجة)، ما ذكرته زميلتها سميرة العبادي، معتبرةً "أنّ أسوأ شيء في الدنيا هو البخل، لأن من حقوق الزوجة على زوجها أن يلبّي لها احتياجاتها كافة، من منطلق أنّ (الرجال قوّامون على النساء). تقول: "يرتبط بالكرم المادي الكرم المعنوي، فهو مهم للمرأة، ولكن ليس معنى كرم الزوج مادياً ومعنوياً، أنّ الزوجة يمكن أن تتغاضى عن خلل ما في العلاقة الزوجية".

- اهتمام:
يتضاءل الجانب المادي أمام الجانب المعنوي، بالنسبة إلى موظفة العلاقات العامة بسمة مبارك، التي ترجع ذلك إلى "أنّ ظروف الرجل المادية قد تكون هي السبب في عدم كرمه مع زوجته. أما إذا كانت ظروفه المادية تسمح ولا يفعل، فهذا يؤثر في المرأة". تقول: "لكن تأثير الجانب المعنوي يظل هو الأقوى، فالمرأة في حاجة دائماً إلى سماع الكلمة الحلوة والاهتمام بها من الطرف الآخر، وهو ما يجعلها تتحمل الصعوبات التي قد تواجهها في حياتها الزوجية لأسباب مختلفة، نظراً إلى أنّ زوجها كريم معها معنوياً".
ويركز عماد عبدالحميد (صحافي، متزوج) على أهمية العامل المعنوي قبل المادي، أي أنّه يتلاقى مع بسمة مبارك في موقفها. يقول عماد: "إنّ الكرم المعنوي أهم للمرأة من المادي، وهناك جوانب أخرى مهمة في حياة الرجل والمرأة، مع أهمية التفريق بين الرجل البخيل والرجل غير القادر مادياً، والأهم من هذا كله، أن يكون لديه ضمير أثناء تعامله مع المرأة".

- عمود في خيمة السعادة:
الكرم بجانبيه المادي والمعنوي، يعتبره الإعلامي درويش محمد (متزوج)، "بمثابة عمود في خيمة السعادة". فهو يشير إلى أنّ "الكرم عطاء لا ينتظر المقابل، وإذا انتظر المقابل دخله الرياء والنفاق". يقول: "إذا كان الزوج كريماً في بيته من الناحية المادية، غفرت له زوجته كل تقصير وأحبّه أولاده بتفانٍ، ورضيت عنه الأسرة كلها، وإذا كان الكرم خلقاً معنوياً فهو صفة من صفات الله الكريم". يتابع: "في المقابل، إذا كان الزوج بخيلاً، فهو كالمسمار في نعش سعادة الأسرة. بالتالي، سوف تعيش أسرته في حرمان وعوز، وكثيراً ما يكسبها الذل والهوان". يقول درويش، إنّ "البخل المادي ليس توفيراً وليس ربحاً من فتات لقمة العيش للأولاد، وإذا كان الرجل بخيلاً شحيحاً مقته أهله وملّ منه الأصدقاء، واستحت منه أسرته، وكثيراً ما يموت الرجل البخيل وهو بشهوة فتات ما يأكله الكريم، ولا يقل تأثير البخل المعنوي عن تأثير البخل المادي بالنسبة إلى المرأة، بوجهٍ عام".

- هناك فرق:
في سياق متصل، تجمع آراء أهل التخصص في علم الاجتماع والطب النفسي والإرشاد والتحكيم الأسري، على تأكيد ما جاءت به الدراسة التي نشرتها "وكالة أنباء الشرق الأوسط"، وما ذكره الرجال والنساء كذلك. فالاستشارية الأسرية والأخصائية الاجتماعية، وسيدة الأعمال نوال السكار، تؤيّد ما توصّلت إليه الدراسة، وما أعربت منه آراء الأزواج والزوجات ممّن أبدوا رأيهم في القضية، ولكنها تفرّق "بين الرجل الذي يملك المال ويبخل على زوجته وأبنائه، وبين الرجل غير القادر مادياً". تقول: "إذا كان الرجل بخيلاً مادياً نتيجة ظروفه، ولكنه كريم معنوياً، فإنّ الزوجة تتغاضى عن الجانب المادي، لأنها تشعر براحة نفسية كبيرة. أمّا إذا لم يتحقق لا هذا ولا ذاك، فإنّ المشكلات الزوجية تتفاقم، فمن أين ستأتي السعادة لو لم يلبِّ الرجل حاجات المرأة المادية والمعنوية؟".

- المعنوي أوّلاً:
من ناحيته، يضع المحكّم الأسري عبدالله إبراهيم، العامل المعنوي في المرتبة الأولى، من حيث الأهمية بالنسبة إلى المرأة، موضحاً "أنّ الكرم المعنوي يشتمل على جوانب عديدة، منها الرعاية والاهتمام. فالجانب المادي لم يعد الأساس بالنسبة إلى المرأة في عالم اليوم، لأن معظم النساء يعملن. بالتالي، فإنّ المرأة في حاجة إلى الكرم المعنوي قبل المادي". يضيف عبدالله إبراهيم: "هناك نظريّة في علم الاجتماعي تدعى "نظرية الدّور"، التي تقوم على أن كل فرد في المجتمع لديه دور يقوم به، فإذا أغفل الرجل دوره كزوج وأب، سيكون لهذا الغياب تأثيره الكبير في الأسرة، وليس في الزوجة فقط".

- لا للكرم الزائد:
في اتجاه معاكس، يأخذنا المحكّم الأسري لبيب الشعبي، الذي يرى أن "نتيجة الدراسة ليست دقيقة مئة في المئة، لأنّ الزوج الكريم قد ينقلب عليه كرمه سلباً، إذا تعوّدت زوجته على الكرم الزائد، فلو مرّت به ظروف مالية صعبة ولم يستطع أن يوفّر لها ما عوّدها عليه، ستحدث مشكلة، حتى لو كان قد أهداها سيارة، وأراد في مرحلة ما أن يأخذها منها لبعض الوقت، فقد ترفض. والحكمة تقول: "إنّ قطع العادة عداوة"، فالكرم غير المبرّر قد يؤدي إلى نتائج عكسية ربما تنتهي بالطلاق". أما عن الجانب المعنوي أو العاطفي، فيرى الشعبي، أنّه "لا يجب الإفراط فيه أيضاً"، موضحاً أنّ "الجانب المعنوي مهم بلا شك، ولكن الإفراط فيه أيضاً غير مستحب، فالاتّزان مطلوب، فلو تعوّدت المرأة من الرجل على سماع الكلمات الحلوة والتعامل معها بحنان، ولم يستطع فعل هذا في وقت من الأوقات، بسبب مروره بمشكلة ما، فلن تقبل المرأة هذا التحول، ومن الممكن أن يحدث ما لا تحمد عقباه، وهذا هو ما رصدته من خلال عملي كمحكّم أسري، أتعرّض لمثل هذه القضايا كثيراً".

- غوّاص ماهر:
أما الاستشاري الأسري سعيد المزروعي، فيعتبر "أنّ السعادة الزوجية معنى لا يمكن الوصول إليه بكنوز الذهب والفضة، لأنها أغلى منهما"، لافتاً إلى أنّ "السعادة الزوجية كاللؤلؤ في أعماق البحار، تحتاج إلى غوّاص ماهر يتقن صنعة الاكتشاف والغوص، وهي أيضاً مواقف وكلمات وتطلّعات، ونظرات في الحياة بواقعيّة وأمل وتطلّع وإشراق، وفي الأخلاق العالية، والروح المهذبة والقول الرشيد والصنعة الرفيعة".
ويلفت المزروعي، إلى "أهمية العامل المادي في تحقيق السعادة الزوجية، شارحاً أنّه "من خلال ما نراه اليوم من الخلافات الأسرية، سببها الرئيسي، الأمور المادية والتقصير في النفقة من جانب الزوج". يقول: "هنا، يكون الشقاق والخلاف الأسري وعدم إدراك الواقع. ونرى أنّ كثيراً من الخلافات في المحاكم، أو مراكز الإرشاد الأسري، سببها الرئيسي النفقة أو استيلاء الزوج على راتب الزوجة، وهذا ليس من حقه شرعاً ولا قانوناً، أو أن يطالبها بالإنفاق على البيت". يضيف: "هنا، إما أن يكون الخلاف والشقاق، وإما أن يكون استغلال الزوج للزوجة. أما إذا كانت الزوجة راضية، ولديها قناعة بأنها تسهم بإرادتها في تكاليف الحياة، فهو خير ولها الأجر، وتعتبر نفقتها هذه صدقة". يقول سعيد المزروعي، إنّ "المرأة التي تشعر بأمان مع الزوج، سينعكس على أولادها إيجاباً من خلال تربيتها ورعايتها لهم وإدارة بيتها، ما يكون له أكبر الأثر في إسعاد زوجها واستقرار حياتهما. أمّا إذا كان الأمر عكس ذلك، فإنّ هذه الأسرة تعيش في ما يسمّ "عش العنكبوت"، ولا يوجد فيها استقرار نفسي أو عائلي".

- أمان واطمئنان:
بين الكرم والمادي والكرم المعنوي ومدى حاجة المرأة إليهما، وأيهما له الأسبقيّة بالنسبة إليها، يحلّل الطبيب النفسي، الدكتور محمد سامح الموقف بتأكيده أنّ "الزوجة تشعر بمزيد من الأمان والاطمئنان على المستقبل، عندما يشعرها زوجها بكرمه لها ولأسرتها، لأنها تعتبر هذا الكرم بمثابة دليل على الحب الذي يكنّه لها زوجها، هذا الحب والاطمئنان، طريقان للزواج الناجح، فعندما تشعر الزوجة بالسعادة، فإن سعادتها تنعكس على زوجها وأسرتها أيضاً، لأنّ الكرم الزوجي مسألة مهمة جدّاً بالنسبة إلى المرأة، ويتوقف عليه إلى حد كبير استمرارها في الحياة الزوجية". يشير الدكتور سامح إلى أنّ "الزوجة تقدّر الزوج الكريم وتتفانى في خدمته، وتلبّي له رغبات كافّة"، لافتاً إلى أنّ "المرأة لا تستطيع تلبية رغبات زوجها العاطفية، لو لم يكن كريماً معها في الجانب المعنوي، لأنّه مهم جدّاً بالنسبة إلى المرأة". يقول: "الجانب المادي مهم أيضاً، لكنه يأتي في المرتبة الثانية، فالمرأة تتغذى بالطعام والحنان. ولكن، قد يغطّي الكرم الزوجي على الحنان الزوجي، ما يجعلها تتحمّل إذا ما كان زوجها قليل الكلام، ولا يجيد التعبير عن مشاعره". كيف تكسب زوجتك؟
في مقال نشرته مجلة "المستقبل"، تقدم الكاتبة معنى الشريف، نصائح عديدة للرجل، ليكسب قلب زوجته، منها:
- اتّصل بها حين تكون في العمل واسأل عنها.
- امدح الأشياء التي عملتها في البيت.
- اشترِ الوجبة التي تحبّها.
- ساعدها في أعمال المنزل بين فترة وأخرى.
- قدّم لها الهدايا بين الحين والآخر، وفي المناسبات والأعياد خاصة.
- ذكّرها بأعمالها في الصباح والمساء، ومواعيد أخذ الدواء إن كانت مريضة.
- أشركها في همومك وخذ برأيها.
- شاركها في همومها وأحزانها، واتركها تتكلم عن كل ما ترغب فيه، ومن ثمّ أعطها رأيك.
- كن منطقياً في طلباتك، وتذكر دائماً أنها قد تكون متعبة، أو في ظرف نسائي خاص، كالحمل والحيض.. ►

ارسال التعليق

Top