• ١٨ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ٩ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كمالات السيدة فاطمة الزهراء (ع)

عمار كاظم

كمالات السيدة فاطمة الزهراء (ع)

إنّ حياة فاطمة الزهراء (ع) في جميع الأبعاد كانت مليئة بالعمل والسعي والتكامل والسموّ الروحيّ للإنسان. وكان زوجها الشاب في الجبهة وميادين الحرب دائماً، وكانت مشاكل المحيط والحياة قد جعلت فاطمة الزهراء (ع) مركزاً لمراجعات الناس والمسلمين. إنّها ابنة النبيّ (ص) المفرّجة للهموم، وقد صارت في حياتها في تلك الظروف بمنتهى العزّة والسموّ، وقامت بتربية أولادها الحسن والحسين وزينب، وإعانة زوجها عليّ (ع)، وكسب رضا أب كالنبيّ. وعندما بدأت مرحلة الفتوحات والغنائم لم تأخذ بنت النبيّ ذرّة من لذائذ الدنيا وزخرفها ومظاهر الزينة والأمور التي تميل لها قلوب الشابات والنساء. وكانت عبادة فاطمة الزهراء (ع) عبادة نموذجية. يقول الحسن البصريّ: الذي كان أحد العبّاد والزهّاد المشهورين في العالم الإسلاميّ، حول فاطمة الزهراء (ع) إنّ بنت النبيّ عبدت الله ووقفت في محراب العبادة حتى "تورّمت قدماها". ويقول الإمام الحسن المجتبى (ع) إنّ أمّه وقفت تعبد الله في إحدى الليالي - ليلة الجمعة - "حتى انفجر عمود الصبح". ويقول الإمام الحسن (ع) إنّه سمعها تدعو دائماً للمؤمنين والمؤمنات، وتدعو للناس ولقضايا المسلمين العامّة، وعند الصباح قال لها: "يا أمّاه أما تدعين لنفسك كما تدعين لغيرك؟ فقالت: يا بُنيّ الجار ثمّ الدار". هذه هي الروحية العظيمة. إنّ جهاد تلك المكرّمة في الميادين المختلفة هو جهاد نموذجيّ، في الدفاع عن الإسلام، وقد قال أمير المؤمنين عليّ (ع) مرّة بشأن فاطمة الزهراء (ع) : "ما أغضبتني ولا عصت لي أمراً". ومع تلك العظمة والجلالة، فإنّها كانت زوجة في بيتها، وامرأة كما يقول الإسلام. هكذا كانت عبادتها وفصاحتها وبلاغتها وحكمتها وعلمها ومعرفتها وجهادها وسلوكها كابنة وزوجة وأُمّ، وإحسانها إلى الفقراء. مرّة أرسل النبيّ (ص) رجلاً عجوزاً فقيراً إلى بيت أمير المؤمنين (ع) وقال له أن يطلب حاجته منهم، فأعطته فاطمة الزهراء (ع) جلداً كان ينام عليه الحسن والحسين (عليهما السلام) حيث لم يكن عندها شيء غيره، وقالت له أن يأخذه ويبيعه ويستفيد من نقوده. هذه هي الشخصية الجامعة لفاطمة الزهراء (ع). ومن حيث كرم وسخاء السيدة الزهراء (ع) فقد سجّلت الزهراء (ع) دوراً بارزاً في الانفاق في سبيل الله وعتق الرقاب وإعانة الضعفاء والمعوزين من أبناء المجتمع الإسلامي على الرغم من شظف العيش وشدّة الزمان .مثال على ذلك، من ذلك تصدّقها بقوتها ثلاثة أيام على المسكين واليتيم والأسير في جملة زوجها عليّ وولديها الحسن والحسين (عليهم السلام)، فأنزل الله تعالى فيهم قرآناً يتلى وهو سورة الدهر، وتصدّقت بسواريها وقرطيها وقلادتها في سبيل الله . ورُوي أنّ رجلاً جاء إلى النبيّ (ص) فشكا إليه الجوع، فبعث إلى بيوت أزواجه، فقلن: ما عندنا إلّا الماء، فقال (ص): "مَن لهذه الليلة؟"  فقال عليّ (ع): "أنا يا رسول الله"  فأتى فاطمة (ع) فأعلمها، فقالت: "ما عندنا إلّا قوت الصبية، ولكنّا نؤثر به ضيفنا". فقال عليّ (ع): "نوّمي الصبية، وأنا أُطفىء للضيف السراج" ففعلت وعشّى الضيف، فلما أصبح نزل الله عليهم هذه الآية: (وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) (الحشر/ 9). إنّها أُسوة للمرأة المسلمة.  من جانب آخر، حياة السيدة الزهراء (ع) العلمية والعبادية خير مثال للمرأة المسلمة التي تسعى في طريق الحكمة والعلم وفي طريق بناء الذات معنويّاً وأخلاقيّاً وأن تكون في الطليعة في ميدان الجهاد والكفاح، وأن لا تهتمّ بزخارف الدنيا ومظاهرها. السيدة فاطمة الزهراء (ع) بنت رسول الله (ص) وحبيبته التي خصها الله عزّوجلّ بخصائص فريدة فبلغت مقاماً رفيعاً حتى صارت سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين. كما عُرِفت السيدة فاطمة (ع) بأسماء عديدة تُعبِّر عن كمالها ومقامها، ومن هذه الأسماء: (الزهراء - الحوراء – المحدِّثة – المحدَّثة -  البتول - الصديقة - الزكيـّة) ولُقبت بالزكيـّة لأنّها أفلحت بتزكية نفسها فكانت (ع) تصلّي وتطيل القيام حتى تتورّم قدماها، وكانت (ع) حينما تقوم إلى الصلاة تتغيّر معالمها من خشية الله، وقد عَرف ذلك عنها القريب والبعيد. 

ارسال التعليق

Top