• ٢٠ نيسان/أبريل ٢٠٢٤ | ١١ شوال ١٤٤٥ هـ
البلاغ

كيف نجعل القرآن منهج حياة؟

أسرة البلاغ

كيف نجعل القرآن منهج حياة؟

كيف يمكن أن نجعل القرآن يجري في حـياتنا، كما يجري الماء في النهر، والدم في العروق، والشمس والقمر في فلكيهما؟ أي ما هي أساليب التعامل والتفاعل مع الكتاب في وقتنا الراهن؟

1-      «لقد وجدتُ القرآن»: يقول مؤلِّف كتاب (في ظلال القرآن) «سيِّد قطب»: «قرأت تفسـير القرآن في كتب التفسير، وسمعت تفسيره من الأساتذة، ولكنّني لم أجد فيما أقرأ أو أسمع ذلك القرآن اللّذيذ الجميل الذي كنتُ أجده في الطفولة والصبا. وعدتُ إلى القـرآن أقرأه في المصحف لا في كتب التفسـير.. وعدتُ أجد قرآني الجميل الحبيب. الحمدُ لله. لقد وجدتُ القرآن»!.

وعبارة «وجدتُ القرآن» تعني أنّه كان قد ضيّعه ثمّ عثر عليه. ولأجل أن نجد نحن القرآن أيضاً، فلابدّ من قراءات ثلاث:

أ. أن نقرأه في كتب التفسير لنعرف معانيه ودلالاته.

ب. وأن نقرأه في المصحف الشريف لنعيش روحه وأجواءه وظلاله، وما يمكن أن يتركه في عقل ونفس كلّ واحد منّا.

ج. وأن نقرأه في حياتنا ليكون سيِّد حياتنا وقائدها ورائدها إلى كلّ خير وفضيلة. أي لابدّ أن نعرض الواقع الذي نعيشه على القرآن مثلما نعرض وجوهنا على المرآة، ليكون القرآن مرآة حياتنا نرى فيه حسنها وقبحها، كما جعله (عمر المختار)  و(عزّالدين القسّام)  و(الإمام الخميني)  و(الشهيد محمّدباقر الصدر) رضوان الله عليهم أجمعين مرآة حياتهم فحقّقوا على يديه الإنجازات الكبرى.

2- «اقرأ القرآن كأنّما نزل عليك»: يقول الشاعر «محمّد إقبال اللاهوري» عن تجربته في فهم القرآن وإقباله عليه: «لقد كنت تعمّدتُ أن أقرأ القرآن بعد صلاة الصبح كلّ يوم، وكان أبي يراني فيسألني، ماذا أصنع؟ فأجيبه: أقرأ القرآن. وظلّ على ذلك ثلاث سنوات. وذات يوم قلت له: ما بالك يا أبي تسألني نفس السؤال وأجيبك جواباً واحـداً، ثمّ لا يمنـعك ذلك من إعادة السؤال من غد؟!

فقال: إنّما أردت أن أقول لك يا ولدي: إقرأ القرآن كما لو كان نزل عليك!

ومن ذلك اليوم بدأت أتفهّمه وأُقبل عليه، فكان من أنواره ما اقتبست، ومن درره ما نظمت»!!

فنصيحة والد الشاعر إقبال دعوة لقراءة القرآن بطريقة الآيات الطازجة النازلة للتوّ، وعليكَ أنت تحديداً، فكيف يا ترى تستجيب لتلك الآيات؟

ألا ترى أنّ الشيء الذي يخصّك أنت دون سواك يجعلك تتفاعل معه أكثر ممّا لو كان يخصّ غيرك. فلقد ورد عن الحسن بن عليّ (ع) أنّه كان إذا قرأ آية فيها (يا أيُّها الّذين آمنوا)، قال: «لبّيك اللّهمّ لبّيك»! فهو يشعر أنّه المعنيّ بها وهي موجّهة إليه شخصياً. وهذا هو التجسيد العملي لهذه الفكرة. أي أنّني - أنا قارئ القرآن - أقف على أهبة الاستعداد لتلبية ما يأمرني به الله في كتابه، ولو أنّني اعتبرت أنّ خطابه موجّه لغيري لما كنت إكترثت له كثيراً.. جرّب أن يكون خطاب القرآن لك وحدك.

3-                  اصطحب القرآن من الآن: صحبة القرآن صحبة غنيّة، ما رافقـه قارئ متدبّر متفاعل عامل إلّا وأعطاه من الفوائد والأرباح ما لو اجتمعت الكُتُب كلّها على أن تمنح مثله أو بعضه لما استطاعت. ولذلك فإنّك حين تقرأه وأنت طفل صغير أو شاب حدث في مطلع الشباب، فإنّه سيجري منك كما الدماء التي في عروقك، ففي الحديث: «مَن قرأ القرآن وهو شاب اختلط بلحمه ودمه». أي نفذ إلى كيانه والتحم به فلا انفصال.

استمع إلى هذه الشهادة من مقرئ للقرآن :

«كانت بداخلي رغبة شديدة للاتّجاه نحو قراءة القرآن مثل الشيوخ الذين كانوا يأتون من القاهرة والمنصورة وطنطا لإحياء اللّيالي في قريتنا، ولم أكن ألعب مع الصغار، وإنّما كنت أذهب إلى مجالس القرّاء وأجلس تحت أقدامهم لاستمع إليهم حتى يداعبني النوم وأنا في مكاني على التراب. وكان قدرُ القرآن الذي يدرّس في المدرسـة لا يُشبع حاجتي، فخرجت من المدرسة وذهبت لكتّاب الشيخ (يوسف شتا) فحفظت القرآن في سنتين».

وهذه شهادة ثانية من متدبّر للقرآن ومفسِّر له :

«لطالما تسمّعت من وراء (الشيشي) في القرية، للقرّاء يرتلون في دارنا القرآن، طوال شهر رمضان، وأنا معكِ - أحاول أن ألغو كالأطفال، فتردّني منك إشارة حازمة، وهمسة حاسمة - فأنصت معكِ إلى الترتيل، وتشرب نفسي موسيقاه، وأنا لم أفهم بعدُ معناه.

ولقد رحلتِ عنّا - يا اُمّاه - وآخر صورك الشاخصة في خيالي، جلسـتُك في الدار أمام المذياع، تستمعين إلى الترتيل الجميل، ويبدو في قسمات وجهك النبـيل أنّك تدركـين - بقلبك الكبير، وحسّك البصير - مراميه وخفاياه».

من هنا يمكن أن نفهم السرّ في إجلاس فاطمة الزّهراء (ع) ابنة النبيّ المصطفى (ص) ولديها الحسنين في حجرها وهي تقرأ القرآن، كما ورد في بعض سيرتها.

هل فاتت الفرصة؟!

لم تفت بعدُ.

فما زال الطريق أمامك واسعاً لإقامة علاقة صداقة وثيقة وصحبة حميمة مع القرآن.. إبدأ من الآن.

4-                   قف عند الآيات كما تقف عند إشارات الضوء: القراءة المسترسلة المستطردة التي لا توقّف ولا تريّث فيها لا تعطي فرصة للتأمّل والتذوّق والتدبّر. فأنت حين تقرأ لبعض المتدبّرين قولهم «لقد استوقفتني هذه الآية أو تلك» فإنّ ما يتبادر إلى ذهنك هو أنّ هذه الآية أو تلك الآية لفتت نظرهم إلى أشياء ومعانٍ لم يسبق أن التفتوا إليها.

جرّب أن تستوقفك آيات القرآن، كما تستوقفك لوحة جميلة لتتأمّلها بإمعان، لترى فيها ما لم تره وأنت تنظر إليها نظرة عابرة. فربّما صحبت القرآن طويلاً لكنّ وقفة متأنّية مع بعض آياته قد تجعلك تعيد النظر في تقييم تلك الصحبة بشكل أكثر إيجابية.

يقول الإمام الصادق (ع): «إنّ القرآن لا يُقرأ هذرمة، ولكن يرتّل ترتيلاً، فإذا مررت بآية فيها ذكر الجنّة فقف عندها وسل الله عزّوجلّ الجنّة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النّار، فَقِف عندها وتعوّذ بالله من النّار».

هذا المنهج في طريقة قراءة القرآن يمكن توسيعه على النحو التالي:

إذا مررت بآية فيها استغفار.. استغفر الله من ذنوبك ومعاصيك.

وإذا مررت بآية فيها رحمة.. اطلب الرحمة من الرحمن الرحيم.

وإذا مررت بآية فيها اعتبار وتفكّر.. فتدبّر وتأمّل خاصّة في أحوال الأُمم الماضية وما جرى فيها وعليها حتى كأنّك أحدهم.

وإذا مررت بآية فيها شكر.. فتذكّر بعض نعم الله عليك، فاشكرها واسأل الله دوامها.

وإذا مررت بآية فيها توبة.. فاسأل الله التوبة.

وإذا مررت بآية فيها دعوة للعمل الصالح.. فقل: «لبّيك اللّهمّ لبّيك».. عدْ وأوفِ بالوعد.

وإذا مررت بآية فيها دعاء.. فادعُ به، كما لو كنت قائلهُ أو سائلهُ.

وهكذا، فإذا أردت أن تنتفع من آيات القرآن أكثر، وتستمتع بها أكثر، وتندفع للعمـل بها أكثر، فقف عندها كما تقف عند إشارات الضوء التي تدلّ كلّ واحدة منها دلالة معيّنة.

يقول أحد المتخصصين في الدراسات القرآنية : «إنّ القرآن الكريم يمنحنا في سوره ومقاطعه وآياته البيِّنات، بل حتى في أسماء سوره.. مفاتيح عمل.. يعطينا إشارات.. شغرات.. يمكن إذا أحسنّا الإنصات إليها وتنفيذها أن نضع خطواتنا على البداية الصحيحة.. إنّنا لنتذكّر هنا أسـماء ثلاث سور من كتاب الله، تحمل إحداها اسم (القلم) والأخرى (الشورى) والثالثة (الحديد)، والمعادلات الموضوعية لهذه العناوين الثلاثة هي: المعرفة، الحرّية والقوّة..» وهل حاجات حياتنا المعاصرة الأساسية غير هذه؟!.

5-                   كتاب (الحقّ) و(الحقيقة): منذ أن خُلق الإنسان على هذه الأرض وهو يبحث عن الحقيقة وينشد الحقّ، فحيناً يصيب وأحياناً يُخطئ. وقد يقال له إنّ الحقيقة هي هذه، وهي ليست كذلك، وأنّ الحقّ هو هذا ولكنّه مقدّم بلباس الباطل.

فلِمَ نذهب بعيداً في التفتيش عن الحقّ وهو قريب في متناول أيدينا، فهو واضح جليّ في القرآن الذي (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) (فصلت/ 42)، (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف/ 29).

ولِمَ نضيّع الوقت في التنقيب عن الحقائق الشرعية والعقائدية والمفاهيمية في غيره، والقرآن هو الأساس والأصل والفصل في ذلك؟

إنّه القاعدة، والمنطلق، والمنبع، والمصدر، والمرجع لفكرنا وحياتنا (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ) (الأنفال/ 24). فهو الذي يعطينا التصوّر عن الله والوجود والحياة والمجتمع والشريعة.

فكلّ حقّ لابدّ أن يعرض عليه لنرى هل هو حقّ فعلاً؟ وكلّ حقيقة لا تتفق مع حقائقه فهي وهم.

6-                   تحيّة القرآن: هل يمكن أن نُحيّي القرآن بتحيّة؟

نعم، فتحيّتنا للقرآن تتمثّل في تأدية حقّه علينا من خلال:

أ‌.          أن نجلّه ونعظِّمه ونحلّه المحلّ الأسمى من نفوسنا وعقولنا ومشاعرنا بما يتناسب مع مقامه المرموق.

ب‌.     أن نحكِّمه في شؤون حياتنا كلّها: ثقافية وفكرية وشرعية وعملية، بأن ننطلق منه ونستقي منه ونرجع إليه.

ت‌.     أن نعايشه ونعاشره، كما نفعل مع صديق مخلص عزيز، فكما أنّ الصحبة الحسنة تتطلّب مراعاة الآداب، فكذلك صحبة القرآن تتطلّب المعرفة الوافية لما فيه حفظاً وبحثاً وتدبّراً وتلاوة، وأن يكون القارئ على طهارة ووضوء وخشوع، وأن يقرأ بصوت حزين، وأن يستعيذ بالله من الشيطان قبل المباشرة بالقراءة، والعمل بما أمر وترك ما نهى.

فإذا حيّينا القرآن بهذه التحيّة، فإنّه سيردّ تحيّتنا بمثلها أو بأحسن منها، فيما يفيضه على عقولنا من عقل، وعلى أرواحنا من روح، وعلى قلوبنا من صفاء، وعلى أخلاقنا من تهذيب، وعلى سلوكنا من استقامة.

7-                   إقرأ القرآن ككتاب هداية: لقد شغل الناس ثواب قراءة سورة أو جزء أو ختمة كاملة عن ثواب أعظم وهو ثواب التفكّر في القرآن ككتاب هداية يخرج الناس من الظلمات إلى النور.

إنّ آية واحدة نتدبّرها، ونعيها، وتستحيل إلى طاقة فكرية وعاطفية وسلوكية في حياتنا خير من عشرات الختمات التي لا تهزّ وجداننا، ولا تغذّي عقولنا، ولا تحرّك طاقاتنا، لا لأنّها غير قادرة على ذلك، فكلّ آيات القرآن خير وبركة، لكنّ القراءة التي نعدّ فيها صفحات المصحف، ونتعجّل إنهاء جزء أو أجزاء منه، أشبه ما تكون بنظرنا من خلال زجاج نافذة سيارة مسرعة، نرى المناظر الطبيعية، لكنّها سرعان ما تغيب عن وجداننا فلا نستمتع بها، وربّما رأيناها متشابهة لأنّنا لم ندقِّق النظر فيها جيِّداً.

وهذا هو الفرق بين مَن يقرأ القرآن ويهتدي بهديه، ومَن يقرأه فلا يجد فيه الهداية، فنحن يجب أن ننظر إلى آيات الكتاب الكريم على أنّها كائنات حيّة، وإلى الكتاب ككلّ على أنّه كتاب حياة حتى نهتدي به، أمّا إذا اعتبرناه ككتاب جامد أو مقرر مدرسي ثقيل لابدّ أن ننتهي منه في نهاية العام الدراسي، فإنّه سوف يُنسى كما نسيت آلاف الكُتُب المدرسية.

8-                   ليكن خُلقنا القرآن: كيف يتسنّى لي الحصول على كتاب للأخلاق جامع مانع يعلّمني الأخـلاق كلّها؟ هل هناك كتاب يصنع الإنسان الكامل؟

نعم، ذلك هو القرآن.

ولقد مرّ بنا وصف إحدى زوجات النبيّ (ص) لخلقه بأنّه خُلُق القرآن. فأخلاق النبيّ (ص) الذي بُعث ليتمِّم مكارم الأخلاق، هي زراعة القرآن وصناعته وتربيته، فما من خلق كريم دعا إليه القرآن إلّا ونموذجه الحيّ هو النبيّ (ص) وما من خلق بغيض نهى عنه القرآن إلّا وتنزّه النبيّ (ص) عنه. فالنبيّ (ص) هو تلميذ القرآن البارّ، ولكلّ مسلم شاباً كان أو غير شاب فيه قدوة حسنة، لكنّنا نقول كما قال الشاعر:

فتشبّهوا إن لم تكونوا مثلهم****** إنّ التشبّه بالكرام فلاحُ

فكما صنع القرآن شخصية بهذا المستوى الخلقيّ الرفيع، فهو قادر على صناعة شخصيات على مستوى خلقي راقٍ، فلا تكاد تجد مسلماً حائزاً على مكارم الأخلاق إلّا وتجد أنّ للقرآن أثره العميق في ذلك.. فخذ قسطك من الأخلاق منه.

إنّنا يمكن أن نشبّه عطاء القرآن بالمطر، فإذا تهاطلت الأمطار فإنّ هناك أودية تستقبله بالأحضان فينبت زرعها ومرعاها، وهناك أرضاً سبخة لا ينفذ منها الماء، فأيّ المثالين تريد أن تكون؟ هل تترك الربيع لتختار الصحراء؟!

9-                  افهم القرآن فهماً كاملاً: هل تريد أن تحصل على صورة ناصعة كاملة للإنسان وللكون ولخالقهما؟

لا عليك إلّا أن تنظر إلى القرآن نظرة شاملة كاملة، ذلك لأنّ الفهم التجزيئي للقرآن يقطّع مفاهيمه وتعاليمه وأحكامه.

ولذلك جاءت الدعوة إلى البحت فيه من خلال الوحدة الموضوعية والنسيج الواحد المتكامل، والأمثلة على ذلك كثيرة، فأنت تقرأ (الأخلاق في القرآن، والمرأة في القرآن، والسنن التأريخية في القرآن، والمنهج الحركي في القرآن، وأسلوب الدعوة في القرآن، والحوار في القرآن.. إلخ).

والشبّان بحاجة في حركتهم في الحياة إلى استنطاق القرآن في حديثه عن الشباب، سواء من خلال بعض سوره كـ(يوسف) و(النُّور) و(لقمان) و(الحُجرات) التي تتحدّث عن مفاهيم أخلاقية وتربوية وسلوكية يحتاجها كلّ شاب وكلّ فتاة، أو من خلال قصص تحدّثت عن الشباب، كما في قصّة إسماعيل مع أبيه إبراهيم، أو إبراهيم مع أبيه، أو نوح مع ابنه، أو قصّة الفتية من أصحاب الكهف. أو من خلال الآيات التي تحدّثت عن الأصدقاء، كقوله تعالى: (الأخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ) (الزخرف/ 67)، أو قوله تعالى: (يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلانًا خَلِيلا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإنْسَانِ خَذُولا) (الفرقان/ 28-29).

أو من خلال سلوك الأنبياء في شبابهم، أو الأمثلة التي ضربها الله تعالى لكلّ مؤمن ومؤمنة من الشباب والفتيات. وهذا هو التفسير الموضوعي للقرآن الذي يمكنك أن تخرج فيه بنظرة شاملة للموضوع الذي تبحث فيه وعنه.

10-              التأمّـل في (الآيات) التي لفت القرآن النظر إليها: ومن أساليب التعامل العملي مع القرآن، التأمّل في كلّ قول لله عزّوجلّ ترد فيه كلمة (آية) أو (آيات) أو (ألم ترَ). فلقد لفت القرآن الكريم في العديد من آياته النظر إلى التفكّر في قسمين من الآيات: آياته ككتاب عظيم، وآيات الكون كخلق عظيم.

فالتأمّل في التعبير القرآني (إنّ في ذلك لآية) أو (إنّ في ذلك لآيات) استجابة وامتثال للتفكّر فيما يغرس بذور الإيمان ويغذِّيها ويرسِّخها ويقوِّيها.

فلقد ورد التعبير المذكور متبوعاً بقوله تعالى: (للمؤمنين)، (لقوم يتفكّرون)، (لقوم يذّكّرون)، (لقوم يسمعون)، (لقوم يعقلون)، (للعالمين)، (لكلّ صبّار شكور). فالآية أو الآيات التي يذكرها بهذا الشكل تسـاعد على تنمية الإيمان والفكر والتذكّر والفهم والشكر.

فمن آياته تعالى التي يشير إليها القرآن (وَمِنْ آيَاتِهِ مَنَامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ) (الروم/ 23)، (وَمِنْ آيَاتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا) (الروم/ 24)، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ) (الروم/ 46)، (وَمِنْ آيَاتِهِ الْجَوَارِ فِي الْبَحْرِ كَالأعْلامِ) (الشورى/ 32)، (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الروم/ 21).

 

المصدر:  كتاب كيف نتعارف مع القرآن 

ارسال التعليق

Top